1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

سوريا: هل أسقطت احتجاجات السويداء "رواية حامي الأقليات"؟

كاثرين شير | عمر البم
٩ مارس ٢٠٢٤

يواصل محتجون في محافظة السويداء ذات الأغلبية "الدرزية" نشاطهم المعارض لبشار الأسد الذي بدأ في عز الصيف الماضي. إلى أين تمضي حركتهم، خاصة بعد سقوط أول قتيل برصاص الأمن السوري؟

https://p.dw.com/p/4dIcB
محتجون يحملون العلم الدرزي في السويداء 27.08.2023
التظاهر والجتمع الاحتجاجي مستمر في ساحة الكرامة وسط السويداء صورة من: Suwayda24/AP/picture alliance

في منتصف آب/أغسطس الماضي اندلعت موجة من التظاهرات السلمية في مدينة السويداء جنوب غرب سوريا ضد النظام السوري. وقد شملت الاحتجاجات إقامة معارض فنية وعروضا ثقافية. وقام المتظاهرون بتنظيف ساحات التظاهر وتقديم الشاي لأفراد الشرطة.

وعلى الرغم من أن النظام السوري استخدم الأسلحة الكيميائية ضد أبناء شعبه، واعتقل وعذب الآلاف، ويُنظر إليه على أنه مسؤول عن ما يقرب من نصف مليون قتيل وملايين آخرين منالنازحين واللاجئين، فإن قوات الأمن الحكومية لم تقترب من المتظاهرين في السويداء، حتى الأسبوع الماضي على الأقل.

في 28 شباط/ فبراير 2024 فتحت قوات الأمن نيران أسلحتها على احتجاج خارج مكتب حكومي، ما أدى لسقوط جواد الباروكي (52 عاماً) قتيلاً، وأصيب آخر بجروح خطيرة.

وقالت لبنى الباسط، إحدى المحتجين، رداً على سؤال عما إذا كان ذلك قد أرهب المتظاهرين: "في السويداء، ندرك جيداً أن الرصاص هو الوسيلة المفضلة للنظام، الذي كان يراهن على خفوت جمرة التظاهر. ولكن مع استمرار المظاهرات، بدأت محاولات ترهيبنا". وجزمت لبنى بثقة: "لكن الأمر لن ينجح. لن يخيفنا الرصاص. كنا نعلم أنه سيتعين علينا أن نواجه رصاصهم في مرحلة ما- حتى لمجرد الاحتجاج السلمي".

هل يسفيد النظام من "التصعيد"؟

اندلعت الاحتجاجات في السويداء على خلفية الأزمة الاقتصادية والمعيشية في البلاد وارتفاع أسعار البنزين على وجه الخصوص، لكن الاحتجاج تطور وأخذ منحى سياسيا. يقول المتظاهرون في السويداء إنهم يريدون نفس الشيء الذي يريده السوريون الذين نزلوا للشارع في ثورة 2011 التي تحولت إلى حرب أهلية دامية: نهاية النظام الذي يرأسه الدكتاتور بشار الأسد.

ولا يعتقد مراقبون أن الأسد سيسلك نفس المسلك العنفي في السويداء كما فعل في محافظات ومناطق أخرى.

وقال فضل عبد الغني، رئيس "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" ومقرها هولندا، إن "النظام يراهن على أن الحركة (الاحتجاجية) سوف تتلاشى في نهاية المطاف. بالتأكيد، هناك متظاهرون في الشارع يطالبون بالتغيير الديمقراطي. الحركة الاحتجاجية محلية محصورة في السويداء بشكل رئيسي، والنظام يقرأ المشهد بعناية شديدة. ومن هنا فهو لا يعتقد أن التصعيد سيفيده".

ومن جهته، يرى محمد علاء غانم، مسؤول السياسات في "التحالف الأمريكي من أجل سوريا": "بالنظر إلى التاريخ الدموي لنظام الأسد وجميع الجرائم التي نعرف أنه ارتكبها، فقد ينفد صبره في مرحلة ما في المستقبل ويقرر التحرك". ويتابع: "لكنني لا أعتقد أن الحادث الذي وقع الأسبوع الماضي ينذر بالضرورة بمزيد من العنف".

وفسر لـDW أسباب ذلك، حسب اعتقاده أن: "احتجاجات السويداء تبعث برسالة فحواها ضرب واحدة من روايات النظام التي دأب على نشرها، وهي أنه بطل وحامي الأقليات في سوريا".

ويرى محمد علاء غانم أن نظام الأسد ادعى على مدار سنوات أن المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية هم متطرفون إسلاميون سوف ينقلبون على الأقليات في البلاد إذا وصلوا إلى السلطة. لكن الاحتجاجات في السويداء، وهي محافظة ذات أغلبية درزية في سوريا، تدحض ذلك، حسب تفسيره.

ويتعين على حكومة الأسد كذلك التفكير ملياً في كيفية التحرك بشكل علني ضد الطائفة الدرزية، نظراً للاتجاه الحالي للدول العربية لإعادة تطبيع العلاقات مع الأسد بعد عزل سوريا لسنوات خلال الحرب الأهلية.

محتجون في السويداء- يرفعون الرايات الدرزية 27.08.2024
ارتفاع الأسعار أطلق شرارة احتجاجات السويداء التي تشارك فيها كل فئات المجتمع حتى رجال الدين الدروزصورة من: Suwayda24/AP/picture alliance

الانجازات والتطلعات

على الرغم من كونها حركة صغيرة ومحلية نسبياً، إلا أن احتجاجات السويداء كانت فعالة بطرق عديدة. وأشار محمد علاء غانم إلى أنه لم يمر يوم واحد خلال الأشهر السبعة الماضية دون احتلال "ساحة الكرامة" التي تتوسط السويداء: "تمكن المتظاهرون من إغلاق مكاتب حزب الأسد (البعث العربي الاشتراكي) في محافظتهم، وتحويلها إلى مدارس وعيادات ومراكز مجتمعية. كما شكلوا نقابات ومجموعات أخرى. ولعبت النساء دوراً قيادياً في الاحتجاجات. ووصل الأمر إلى طرح البعض فكرة الحكم الذاتي المستقل نسبياً عن دمشق".

وقال ريان معروف، رئيس تحرير شبكة الإعلام المحلية "السويداء 24"، أواخر العام الماضي، للموقع الإلكتروني "سوريا على طول" إن السويداء تشبه المحافظتين الجنوبيتين، درعا والقنيطرة، من حيث "غياب السلطات الأمنية (التابعة للأسد). وجودها شكلي. ومن هنا يتظاهر الناس ويلعب المجتمع المحلي دوراً أكبر في الحكم".

يقول لؤي حذيفة، الناشط المشارك في احتجاجات السويداء، لـ DW: "الناس هنا يشعرون أنهم تُركوا ليواجهوا مصيرهم بمفردهم، وقد تعرضوا للخيانة من قبل الكثيرين. سنبقى جزءاً من سوريا ولكننا نرغب بدولة فيدرالية مثل ألمانيا أو الولايات المتحدة".

ومن غير الواضح عدد المتظاهرين في السويداء الذين يوافقون على هذه الفكرة. لبنى الباسط، على سبيل المثال، لا توافق على ذلك، وترى أن ذلك هو وسيلة للأسد للبقاء في السلطة: "نريد وطناً لكل السوريين. الثورة السورية كانت وستبقى صوتاً لكل سوري".

وبغض النظر عما سيحدث بعد ذلك، فإن احتجاجات السويداء تظل "مصدر أمل لنضال السوريين من أجل الحرية، وتذكير العالم لماذا بدأ السوريون الاحتجاج قبل 13 عاماً"، تؤكد عفراء هاشم، الناشطة في "حملة سوريا". وتختم بالقول: "الاحتجاجات تظهر للعالم  أن الثورة السورية لم تنته بعد.... إنها ثورة من أجل العدالة ومستقبل أفضل لسوريا".