تفاقم المخاطر المحدقة بموظفي الإغاثة في مناطق النزاعات
١٩ أغسطس ٢٠١٤في عام 2003 وفي جرد شامل لمبادرة "إدووركسيكوريتي" (aidworkersecurity.org) تم توثيق 63 حادثة استهدفت 143 من موظفي الإغاثة الإنسانية الذين قتلوا أو جرحوا أو اختطفوا. وفي عام 2013 ارتفع هذا العدد إلى 251 حادثة ذهب ضحيتها 460 شخصا. أرقام مروعة دقت ناقوس الخطر لدى المنظمات الإنسانية الصغيرة. كما أن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي يسعيان لإثارة اهتمام الرأي العام العالمي لهذا الموضوع حيث أعلن التاسع عشر من أغسطس / آب من كل سنة، يوما عالميا للإغاثة الإنسانية، لأجل العمل على توفير الحماية لموظفي الإغاثة في مناطق النزاعات.
ويحيي العالم هذا اليوم منذ خمس سنوات، وتم اختياره إحياء لذكرى 21 من ضحايا ممثلية الأمم المتحدة في بغداد الذين ذهبوا ضحية انفجار إرهابي في (19 آب / أغسطس 2004) من بينهم البرازيلي سيرجيو فييرا دي ميللو الذي كان من الأسماء المرشحة لتولي منصب الأمانة لعامة للأمم المتحدة.
تهديدات جديدة
ويرى الخبير في القانون الدولي البروفسور هانس يواخيم هاينزه من جامعة الرور الألمانية في حوار مع DW أن صورة الحروب تغيرت منذ الحادي عشر من أيلول / سبتمبر 2001، فالحروب لم تعد ساحة تتواجه فيها جيوش كلاسكية. ففي الغالب هناك منظمات إرهابية تسعى لزعزعة أنظمة دول قائمة. ويضيف الخبير الألماني أن المشكل الأساسي يكمن في كون "أطراف النزاعات كالتنظيمات الإسلامية المتطرفة تساوي بين المنظمات الإنسانية وبين الفكر الغربي، ما يعقد عمل الأخيرة بشكل أكبر".
وتظهر البيانات أن أغلب الضحايا هم من الموظفين المحليين للمنظمات الإنسانية الذين يتعرضون لهجمات أو لاختطافات، فيما لا يوجد الموظفون الأجانب في الصفوف الأمامية لأنهم يتولون في الغالب مراكز قيادية داخل المنظمات المعنية. كما أن هناك تفاوتا في حجم المخاطر المحدقة بالمنظمات نفسها، فالمنظمات الصغيرة تعمل في الغالب في مناطق نائية ومعزولة، وبالتالي فإن درجة الحماية تكون ضعيفة أو منعدمة. إلا أن المنظمات الكبيرة كالأمم المتحدة أو الصليب الأحمر باتت بدورها تتعرض لهجمات متزايدة.
هل تعزل التدابير الوقائية موظفي الإغاثة؟
من المفارقات أن التدابير الوقائية والأمنية التي تتبعها المنظمات الإنسانية في مناطق النزاع باتت جزءا من المشكلة، فالإجراءات الأمنية حول مكاتب الموظفين وكذلك في مواقع إقامتهم ودرجات الحيطة واليقظة المتبعة تساهم في عزلهم عن محيط عملهم. "الموظفون المحليون يذهبون في المساء لبيوتهم، فيما يبقى الموظفون الدوليون فيما بينهم، وهذا ما يدفع أحيانا إلى العزلة والاغتراب، في وقت يعتبر فيه التواصل المباشر مع السكان المحليين عنصرا أساسيا للعمل الإنساني".
لكل هذه الاعتبارات، من الضروري أن تعيد المنظمات الانسانية النظر في أساليب عملها، حتى تظهر فعليا كشريك محايد في مناطق لنزاعات، وتلقى بالتالي القبول من قبل السكان المحليين.وفي هذا السياق يقول البروفسور هانس يواخيم هاينزه "لا يكفي أن تكرر المنظمات الإنسانية أنها هيئات محايدة ومستقلة، وإنما يجب عليها أن تتصرف أيضا وفقا لذلك، وأن تعمل على تقديم برامج معونات تستجيب لحاجيات فعلية".