1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

خبير ألماني: التدخل في ليبيا غيَر صورة الناتو في العالم العربي

Moncef Slimi١٨ مارس ٢٠١٢

مرور عام على تدخل حلف الناتو في ليبيا ودوره الحاسم في إسقاط نظام القذافي، ساهم بشكل ايجابي في تحسين صورة الحلف في العالم العربي، كما يرى الصحافي الألماني شتيفن بوخن، لكنه يعتقد أن تكرار الحالة الليبية في سوريا أمر صعب.

https://p.dw.com/p/14MCO
عملية الناتو في ليبيا غيرت مجرى المعكرة ضد نظام القذافيصورة من: dapd

يعتقد الصحافي الألماني شتيفن بوخن، الذي قام بتغطية الأحداث في عدد من بلدان الربيع العربي، وضمنها ليبيا ومصر وسوريا، أن تدخل حلف شمال الأطلسي الناتو في ليبيا ومساهمته بشكل أساسي في انتصار الثوار وإسقاط نظام العقيد القذافي،" غيََّر وبشكل ايجابي من سمعة الناتو نسبيا في العالم العربي". وبمناسبة مرور سنة على انطلاق عملية الناتو في ليبيا، وفي حوار أجراه معه موقعDW يقول الخبير الألماني في شؤون العالم العربي، أنه رغم تشابه الحرب التي يشنها نظام الأسد على شعبه مع ما قام به القذافي في ليبيا، فهنالك أوجه اختلاف عديدة بين الحالتين الليبية والسورية عندما تطرح مسألة التدخل العسكري لحلف الناتو.

وكان تدخل حلف الأطلسي في ليبيا ابتداء من يوم 19 مارس آذار 2011، بناء على تفويض من مجلس الأمن الدولي بفرض حظر للطيران وحماية المدنيين، وشارك في عمليات الحلف تحالف دولي ضم 13 دولة ضمنها الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا، كما شاركت ثلاث دول عربية (غير أعضاء في الحلف) وهي قطر والإمارات العربية المتحدة والأردن. وأنهى مجلس الأمن ذلك التفويض بتاريخ 27 أكتوبر تشرين 2011.

وفيما يلي نص الحوار:

DW: بعد سنة على تدخل حلف شمال الأطلسي الناتو في ليبيا وتحريرها من نظام العقيد معمر القذافي، يبدو أن الأمن لم يستتب بعد في البلد بشكل تام، لماذا برأيك؟

شتيفان بوخن: يعود ذلك إلى أسباب كثيرة. أولا أن الثورة التي شهدتها ليبيا كانت ثورة عنيفة وتحولت إلى حرب استغرقت أكثر من نصف سنة وتركت تداعياتها على الأرض ونوعا من الضغينة بين الثوار المسلحين الذين هزموا نظام القذافي وانتصروا عليه، وبين العناصر والقبائل وحتى بعض المدن مثل سرت، الموالية لنظام العقيد القذافي.

لقد شاهدت بعيني في نهايةسنة 2011 العديد من مؤتمرات التصالح وجلها ذات طابع قبلي، وكان الهدف منها تحقيق تصالح بين الثوار والموالين لنظام القذافي ولكنني أشكٌ في أن تلك المؤتمرات حققت النتائج المرجوة منها. فهنالك تباينات وفجوات عديدة بين القبائل الليبية المختلفة.

واعتقد انه بعد أربعة عقود من نظام استبدادي، من الطبيعي أن لا يكون الانتقال السياسي إلى نظام قائم على سلطة القانون، انتقالا سلسا ومرنا. ولذلك لا ينبغي أن نندهش إذا رأينا مظاهر عنف وعدم استقرار بعد انهيار نظام القذافي.

Stefan Buchen Journalist Nahostexperte
شتيفن بوخن حصل على جائزة ألمانية تقديرية لجهده الصحافي في تغطية أحداث الربيع العربيصورة من: NDR

نفذ حلف الناتو عمليات جوية، متفاديا الاعتماد على قواعد برية، بسبب رفض الليبيين وحساسيتهم لاستقبال قوات غربية على أرضهم. فهل يضعف ذلك فرص التعاون بين الناتو والسلطات الليبية الجديدة؟

أولا، ترحب الأغلبية الساحقة من الليبيين بتدخل حلف الناتو خلال الحرب ضد نظام القذافي. فلو أجرينا استطلاعا لآراء الليبيين حول ما جرى خلال الحرب ونسألهم هل يوافقون على الحظر الجوي والهجمات الجوية وهل أدت النتائج المرجوة منها، فأتوقع أن تكون نسبة المؤيدين 80 حتى 90 في المائة.

ولكن لدي أيضا، ملاحظة على سؤالك، حول عدم مشاركة قوات برية. كلاَ، لقد كانت هناك بعض القواتالبرية وهي قوات خاصة لبعض دول الحلف الأطلسي، والليبيون يعرفون ذلك وأغلبيتهم لا ترفض ذلك. ولذلك اعتقد أن طريقة تدخل حلف الناتو والنتيجة التي حققتها والمتمثلة في إسقاط نظام القذافي، غيَّرت نوعا ما وبشكل ايجابي من سمعة الناتو نسبيا في العالم العربي.

لكن من الناحية العملية ما هي أوجه التعاون التي يمكن أن يتجه إليها حلف الناتو في علاقته بليبيا الجديدة؟

هناك تواجد بعض قوات الناتو الخاصة بشكل سري على الأراضي الليبية خلال فترة الحرب، وقد أقرَ الشعب الليبي ذلك. لكن تواجد تلك القوات الخاصة لم يكن علنيا، وذلك بسبب الحساسية التي أشرت إليها في سؤالك. وأنا اعتقد أنه بسبب عدم الاستقرار حاليا في ليبيا، فمن المستبعد أن تتدخل قوات الناتو عسكريا لإعادة الهدوء والاستقرار الكامل على الأراضي الليبية. فهذه مهمة داخلية ليبية محضة وحتى إذا عجزت السلطات الليبية عن الإيفاء بها بالشكل السريع والملائم، فمن المستبعد أن تساعدها في ذلك قوات أجنبية.

ومن الناحية النفسية، من المهم أن تنجح السلطات الليبية الجديدة في تحقيق هذه المهمة بمفردها. ولكن يمكننا تصور أشكال التعاون بين دول حلف الناتو والسلطات الليبية الجديدة، مثلا في مجالات التدريب والمشاورات، ولكن ليس في مجالات ميدانية على الأرض. ومن بين المجالات الواردة للتعاون، مساعدة ليبيا على بناء الدولة وسلطة القانون وحماية القانون من قبل القوات المسلحة والشرطة والوحدات الأمنية التي تتشكل الآن في ليبيا، خصوصا أن هنالك مخاطر أمنية محدقة في البلد.

تتعدد الآن في ليبيا مظاهر التسلح والجماعات المسلحة والميليشيات. كما ظهرت في الآونة الأخيرة نزعات انقسام داخلية. فهل إن البلد، برأيك، مرشح لاضطرابات أمنية وربما حرب أهلية؟

للأسف الشديد، هذا الخطر فعلي وواقعي، وهو يعود أيضا لأسباب كثيرة، ففي بلد افتقد خلال أربعين سنة الحياة المدنية والسياسية العلنية والعامة، وحرية الرأي، وعزل المناطق المتباعدة جغرافيا عن بعضها. وعلينا أيضا أن نشير إلى الطموحات الكبيرة التي تثيرها الثروات الهائلة الموجودة في ليبيا، من نفط وغاز. ففي مثل هذا البلد الذي يمكنه في المستقبل أن يعتمد على ثرواته الطبيعية، يمكن أن تثار طموحات من قبل جماعات معينة أو فرق جهوية أو قبلية أو جماعات إسلامية، تُغرى بمثل هذه الطموحات، مما قد يؤدي إلى مواجهات مسلحة والمزيد من العنف، وأنا لا استبعد هذا الخطر، وسيكون تطورا مؤسفا إن حدث.

إلى أي مدى تشكل الحالة الأمنية الليبية مخاطر بالنسبة لجوارها، خصوصا تونس ومصر؟

هنالك مسائل في مقدمتها أسلحة يتم نهبها من بعضها المخازن الليبية، ولدي معلومات تشير إلى نقل بعض هذه الأسلحة مثلا إلى مصر. ولا استبعد أن فئات متطرفة في مصر تستغل الفرصة لاقتناء بعض الأسلحة الليبية بغرض استخدامها في نزاعات سياسية محلية في مصر مستقبلا، وطبعا سيكون ذلك خطرا كبيرا. كما اطلعت على تقارير تفيد بأن أسلحة يتم نقلها إلى دول جنوب الصحراء مثل النيجر ومالي، التي تتمركز فيها عناصر تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي".

يقول مسؤولو حلف الناتو إن تجربة الحلف في ليبيا لا يمكن تكرارها في سوريا. لكن ارتفاع حصيلة الضحايا وشراسة بطش نظام بشار الأسد للمحتجين، ألن يدفع، حسب اعتقادك، الحلف والدول الغربية لتغيير هذا الرأي؟

من الناحية الأخلاقية، هذا السؤال له ما يبرره. فقد واجه نظام القذافي بالقوة العسكرية ثورة سلمية قام بها الليبيون، وجاء تدخل الناتو لحماية المدنيين، وساهم ذلك بشكل كبير في انتصار الثوار وإسقاط نظام القذافي. والسؤال لماذا لا يتصرف الناتو بنفس الشكل في سوريا، لكنه في حقيقة الأمر سؤال غير واقعي.

وثانيا، تقارن ليبيا مع سوريا فقط من زاوية قيام مواجهة حقيقية بين نظام يشن حربا ضد شعبه، وهو ما حدث في ليبيا ويحدث الآن في سوريا. لكن البلدين مختلفان كثيرا من حيث الشروط الجغرافية والسكانية.

واعتقد أن التدخل العسكري في ليبيا كان أسهل، حيث كان الثوار قد سيطروا على مجمل شرق البلاد ثم بعد ذلك جبل نفوسة، وأقاموا بها قواعد عسكرية خلفية لثورتهم، انطلقوا منها لشن هجماتهم على مواقع نظام القذافي. أما في سوريا فالوضع الأمني والعسكري أعقد بكثير.

ومن الناحية السياسية، هنالك اختلاف كبير بين البلدين من حيث مدى تشابك كليهما مع النسيج الاستراتيجي الإقليمي والدولي. فسوريا أكثر اندماجا في محيطها الإقليمي ودورها أهم من الناحية الإقليمية والجيواستراتيجية، فهنالك مثلا روسيا والصين القوتين العظميين اللتين تؤيدان نظام الأسد، وهنالك أيضا الحلف القائم مع إيران. ويعتبر أي تدخل عسكري في سوريا، حتى لو انحصر في فرض حظر جوي، سيعقد الأمور وسيكون خيارا صعبا، لأن الوضع السوري معقد أكثر مما كان عليه الوضع في ليبيا.

كيف تعلق على شعار:"سوريا ليس لديها نفط" الذي يرفعه المتظاهرون في سوريا للمقارنة مع الحالة الليبية؟

أنا أتفهم تماما هذه الملاحظة وهذا الشعار الذي يهتف به المتظاهرون في سوريا، وأتفهم استياءهم، والميل للتحليل القائل بوجود ازدواجية في تعامل الغرب بين الحالتين الليبية والسورية. كما أن المتظاهرين السوريين يناشدون المجتمع الدولي بتوفير حماية دولية للمدنيين، أي أنه من زاوية ما يريده الشعب السوري هنالك تشابه مع الحالة الليبية، هنالك نداء واضح من السوريين للمجتمع الدولي لإغاثتهم وحمايتهم. ولكن هذا لا يعني أن الخيار العسكري، حتى لو اقتصر على فرض حظر جوي، أمر سهل، لأن الوضع السوري معقد ونظام الأسد لديه أوراق ويحظى ببعض الدعم من بعض الطوائف وفئات من الشعب السوري.

أجرى الحوار منصف السليمي

مراجعة: عبده جميل المخلافي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد