1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

وجهة نظر: نعم لحرية التعبير عن الرأي ولا لإهانة الآخرين!

ناصر شروف/ حسن ع. حسين٢٩ يوليو ٢٠١٤

أفرزت الحرب في غزة في الأسابيع الأخيرة موجة من معاداة المسلمين من جانب، ومن جانب آخر ظهرت أيضا موجة من معاداة اليهود بشكل عام. لكن معاداة المسلمين واليهود عموما أمر مرفوض، حسب وجهة نظر ناصر شروف.

https://p.dw.com/p/1Cm4d
Muslime in Deutschland
صورة من: picture-alliance/dpa

مرة أخرى نجد أنفسنا في ألمانيا نقرأ ونتحدث ونجادل بشأن ظواهر اجتماعية مثل ظاهرة "معاداة الأجانب" و"العنصرية" و"معاداة السامية" وتشويه صورة الآخرين بشكل عام. ومرة أخرى يتسلل المتطرفون من اليمين الألماني ومن الجماعات الإسلامية الراديكالية بين صفوف المتظاهرين من المجاميع الإسلامية التي خرجت بشكل سلمي للاحتجاج على حرب إسرائيل في غزة لتطلق العنان لشعاراتها العنصرية والمعادية لليهود. وتوجت الظاهرة هذه المرة بتعليق مكتوب لنائب رئيس تحرير صحيفة "بيلد أم زونتاغ"، الصحيفة الصفراء الأوسع انتشارا في ألمانيا، والذي لا يمكن وصفه إلا بالغبي، حيث نعت الكاتب نيكولاوس فيست من جانبه المسلمين بشكل غير مباشر بجناة مفترضين وغير آبهين بحقوق الإنسان، معتبرا الدين الإسلامي عائقا أمام عملية اندماج المسلمين في المجتمع الألماني. كما دعا صاحب التعليق في الصحيفة المذكورة وبشكل خاص إلى أخذ هذه المعطيات بعين الاعتبار عند اتخاذ القرارات المتعلقة بسياسات اللجوء والهجرة، حسب تعبيره. ووصلت ذروة تعليق فيست عندما كتبت يقول حرفيا:" ليست لدي أية مشكلة على الإطلاق مع الديانات المسيحية أو اليهودية أو حتى مع الديانة البوذيية، مشكلتي فقط مع الإسلام".

وبعد موجة غضب واستياء من كل الاتجاهات السياسية في البلاد ومن داخل دار نشر الصحيفة نفسها إزاء هذا الموقف المثير للجدل الذي يشوه سمعة الإسلام والمسلمين عامة، أمل المرء أن يعدّل صاحب التعليق رأيه أو أن يعتذر عنه على الأقل. لكن العكس تماما هو ما حدث: فقد أتبع الكاتب تعليقه بتغريدة على موقع تويتر يقول فيها:" يا لها من موجة غضب جامحة، يبدو أن الكثيرين يجدون من مسائل العداء للمثليين ومعاداة السامية والقتل بداعي الدفاع عن الشرف أمورا طبيعية". ويعني ذلك ضمنيا أن المسلمين مبدئيا هم معادون للمثليين وللسامية ومدافعون عن القتل بداعي الدفاع عن الشرف، عل عكس غير المسلمين الذي يرفضون كل ذلك.

Al-Kuds Berlin Anti-Israel Demonstration Palästinenser 25.07.2014
مظاهرة معادية لإسرائيل في برلين احتجاجا على حرب غزة.صورة من: picture-alliance/dpa

تجاهل الأصوات الأخرى

بعد قراءتي لذلك التعليق أجد نفسي اليوم مضطرا للتعبير عن غضبي الشخصي واستيائي، بل لابد من التعبير عن الغضب والاستياء إزاء مثل هذه المواقف عامة وأقول للسيد فيست، أنا مسلم! وأرفض نصب العداء للمثليين وأرفض معادة السامية بكل أشكالها كما أرفض ظاهرة القتل بداعي الحفاظ على الشرف"، تماما كما ترفضه أنت ومن معك! كما أعرف الكثير من المسلمين الذين يتخذون مواقف مماثلة لموقفي. لكنك تجاهلت أصحاب هذه المواقف إجمالا. إنه من الغباء دوما إطلاق أحكام عمومية ضد أديان وضد شرائح اجتماعية بكاملها، كما أن ذلك يشكل ضربا فظا من العنصرية. وفي خارج ألمانيا سيتم تلقي مثل هذه المواقف وفهمها بشكل خاطئ وسيساء استخدامها أيضا.

وهذا ما حدث بالفعل: فقد أخذ التعليق المذكور حيزا واسعا من اهتمام الصحافة العربية، كما أصبح الموضوع يحتل المركز الأول بين المواضيع الأكثر قراءة، خصوصا في المواقع الإلكترونية العربية. وكان القاسم المشترك لتلك المقالات:" كل الأديان مرحب بها في ألمانيا، إلا الدين الإسلامي " الشرير". وكما هو متوقعا، فقد تحدثت المواقع العربية أيضا بشكل عمومي ولسان حالهم يقول هذا هو "الإعلام الألماني" وهؤلاء هم "الصحفيون الألمان" الذين أظهروا الآن جليا "وجههم الحقيقي" و"كراهيتهم للمسلمين"، حسب تعليق أحد مستخدمي المواقع العربية المهمة على ذلك.

Naser Schruf
ناصر شروف رئيس القسم العربي في مؤسسة DWصورة من: DW

سياسة الانتقاء في نقل المواقف والشعارات

تعليق السيد فيست وجد صدى واسعا في الصحافة العربية كما ذكرت، كما هو الحال فيما يتعلق بالمظاهرات المناهضة لحرب إسرائيل على غزة التي شهدتها المدن الألمانية مؤخرا. هنا تم أيضا تجاهل حقيقة أن هذه المظاهرات شهدت أيضا إطلاق شعارات عنصرية وأخرى معادية لليهود.

وهنا لابد من القول من أن أي شكل من أشكال العنصرية والتمييز، سواء أكان موجها ضد أشخاص أو ضد شرائح اجتماعية في المجتمع أو ضد دين من الديانات، يشكل خرقا فظا لكل القيم الإنسانية ولكرامة الإنسان. وعليه ينبغي مواجهة كل شكل من أشكال التمييز ومعاداة الآخرين ليس بالرفض فقط، بل بمكافحته أيضا. لا يمكن أن ننكر أن هناك من يمارس الإرهاب وينتهك حقوق الإنسان باسم الإسلام، إلا أن ذلك لا يمكن أن يكون مسوغا لأحد أن يتهم المسلمين جميعا بأنهم يشاركون ويدعمون تلك الأجندات السياسية. هذا من جانب، ومن جانب آخر، لا يجوز استنتاج موقف مفاده أن المؤسسات الإعلامية الألمانية تواجه صعوبة في التعامل مع الإسلام وذلك فقط اعتمادا على تعليق نشرته صحيفة " بيلد أم زونتاغ". والدليل على ذلك أن التعليق المذكور واجه جدلا وانتقادات حادة داخل الرأي العام الألماني.

بيد أنه من المهم الآن إطلاق نقاش حول الحدود الفاصلة بين حرية التعبير عن الرأي والنقد من جانب وبين التمييز وتوجيه الإهانات من جانب آخر. حدود لا بد وأن تكون حادة وفاصلة قدر الإمكان. في هذا السياق لا بد من الإشارة إلى أن كل الجمعيات الإسلامية ومجالس الجاليات المسلمة في البلاد مطالبة بأن تقول كلمة واضحة لا تقبل الشك في إدانة كل الشعارات المعادية لليهود التي تطلق في التظاهرات التي ينظمونها.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد