1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ليست حربا أهلية، لكن شيئا من هذا يحدث*

عبد المنعم الأعسم٢٤ يوليو ٢٠١٤

يرى عبد المنعم الاعسم أنه سواء كان مصطلح الحرب الأهلية ينطبق على الأحوال السائدة في العراق، أم أن ثمة مصطلح آخر أكثر تطابقا، فان العراق انضم إلى أسرة الدول التي تشهد حروبا داخلية تشترك فيها أكثر من جهة ضد أكثر من جهة.

https://p.dw.com/p/1Chrh
Soldaten Kampf um Kirkuk
صورة من: DW/H. Gee

لا يهم ماذا يُطلق على احوال امنية وسياسية مضطربة، وانشقاقات في "الوطنية" ومقومات السلام الاهلي، وقتل على مدار الساعة حصة المدنيين منه هائلة ومخيفة، هل انها حرب اهلية، ام منازعات، ام عصيان ارهابي مسلح، مقابل ترخيص منفلت لجماعات مسلحة خارج القانون، ومحاكم شارع تصدر احكاما بالموت والابادة والاستئصال في كل شبر تفرض سلطتها عليه.

اقول، سواء كان مصطلح الحرب الاهلية الكلاسيكي ينطبق على الاحوال السائدة في العراق، ام ان ثمة مصطلح آخر اكثر تطابقا، فان العراق انضم الى اسرة الدول التي تشهد حروبا داخلية تشترك فيها اكثر من جهة ضد اكثر من جهة، وكان فيلسوف القرن السابع عشر الانكليزيتوماس هوبز قد وصف هذا الحال بقوله "ان الحرب الأهلية هي حرب الكلّ ضد الكل".

فمنذ حرب الوردتين التي دارت قبل خمسمائة واربعين سنة في انكلترا حول الأحق بالسلطة والعرش بين طائفتي لانكستر ويورك انشغل المؤرخون والمحققون والقانونيون في مفهوم ومصطلح ومحركات الحرب الاهلية، وكان شكسبير الذي اطلق اسم الوردتين على تلك الحرب قد حضّ على احتقار تبريرات إشعالها في مسرحيته الشهيرة هنري السادس، وبقيت مفردة "أسياد الحرب الاهلية" من السياسيين وزعماء المليشيات والعصابات المسلحة كنية لحفنة من المجرمين الذين ارتبطت اسماؤهم باعمال القتل المجاني للمدنيين الابرياء.

Fest des Fastenbrechens Zuckerfest
صورة من: imago/UPI Photo

وإذ اندلعت الآف الحروب الاهلية منذ ذلك الوقت، فقد ضمت صفحات التاريخ كما هائلا من التأويلات المغشوشة لوجاهة القتل الجماعي تحت شعارات دينية وإثنية، وثمة القليل من الانتباهات أخذت البُعد الانساني لهذه الحروب وحدة قياس وحُكم، وشاءت الفوضى الاعلامية المعاصرة ان تختزل المذابح الجماعية للمدنيين الى عناوين تتسم بالرشاقة المغشوشة، مثل اللبننة والعرقنة والصربنة والليبنة، فيما هي ملفات لأشكال مروعة من الصراع السياسي على السلطة الحقت بشعوب لبنان والعراق وصربيا وليبيا افدح الخسائر بالارواح والثروات وبنى الدولة.

ولم يعدمصطلح "الحرب الأهلية" شائعا في المحافل الدولية المعنية منذ تثبيت ميثاق الأمم المتحدة منع استعمال القوة في الخلافات السياسية في المادة 2 الفقرة الرابعة، حيث اتخذت لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة قراراً بعدم الحاجة لقانون لمثل هذه الحال طالما أصبحت الحرب محرمة وممنوعة، في حين تكفلتاللجنة الدولية للصليب الأحمر ترسيم مصطلح الحرب الاهلية عبر سلسلة من المعاينات والمتابعات واستقر على مسمى "نزاع مسلّح غير دولي" والمهم انها وضعت اسسا لملاحقات قضائية لـ"اسياد الحرب" بموجب القانون الدولي.

وبوجيز الكلام، ومن هذه الزاوية، يصح (وينبغي) بناء هيكلية من الحراك السياسي والاجتماعي والثقافي تتعامل مع الاحوال السائدة ومضاعفاتها في التجييش الطائفي والشوفيني والديني واجراءات الاستئصال اليومي كحرب اهلية غير تقليدية، ومع ابطالها كأسياد تحت طائلة القضاء.. القضاء غير المدجّن.

" .. تعددت الأسباب والموت واحد". ابن نباتة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*نشر المقال في جريدتي (الاتحاد) و(طريق الشعب) ويعاد نشره على صفحتنا بناء على الاتفاق مع الكاتب.