1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

لماذا حكومة الأغلبية السياسية؟

عبد الخالق حسين٢٤ أبريل ٢٠١٤

يرى د.عبد الخالق حسين أن الديمقراطية هي آلية حضارية لحل الصراعات والخلافات بين القوى السياسية بوسائل سلمية أي بالحوار والتصويت وبالأخذ برأي الأغلبية، مع حق الأقلية في عرض وجهة نظرها بشرط التزامها بقرارات الأغلبية.

https://p.dw.com/p/1BnhG
Iraks Parlament akzeptiert Regierung
صورة من: picture-alliance/dpa/dpaweb

الديمقراطية لا تأتي على طبق من ذهب، بل من خلال الصراعات والثورات والحروب الأهلية، وفي العراق كان مخاض الديمقراطية عسيراً أحتاج إلى عملية جراحية على يد الجراح الأمريكي. ومنذ سقوط الفاشية صار العراق مختبراً تعاد فيه تجارب خاضتها الشعوب من قبل، وبدلاً من أن يستفيد العراقيون من هذه التجارب، إلا إنهم أصروا على تكرارها. ومع ذلك نقول، لا بأس، كرروا التجارب والأخطاء، ولكن على شرط أن تستخلصوا منها الدروس والعبر.

لقد ساعد المجتمع الدولي بقيادة أمريكا وبريطانيا، الشعب العراقي بإسقاط حكم الفاشية البعثية، وأقاموا مكانه نظاماً ديمقراطياً يحترم التعددية، فتشكلت (حكومة الشراكة الوطنية) التي ضمت ممثلين عن جميع مكونات الشعب العراقي دون عزل أو إقصاء جهة. ومن مساوئ هذه الشراكة الواسعة أنها ضمت عناصر معادية للديمقراطية، لها رِجل في الحكومة وأخرى مع الإرهاب، غرضها الرئيسي من المشاركة هو القيام بدور حصان طروادة لشل عمل الحكومة وتفجيرها من الداخل، ليثبتوا للعالم أن الديمقراطية لا تصلح للشعب العراقي. ولتحقيق هذا الغرض السيئ ، استخدموا الإرهاب لنشر الرعب بين الناس العزل، والأقلام لتشويه صورة الديمقراطية. لذا أطلقوا على حكومة الشراكة الوطنية المنتخبة اسم (حكومة المحاصصة الطائفية والعنصرية)، وراحوا يلفقون آلاف الأطنان من الأكاذيب والافتراءات ضد النظام الجديد.

"حكومة الشراكة الوطنية كانت ضرورة"

كانت تجربة حكومة الشراكة الوطنية ضرورية في وقتها إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار ظروف المرحلة الصعبة، والرغبة في عدم عزل أية جهة سياسية. ولكن بعد 11 سنة من هذه التجربة تأكد أن مساوئها أكثر من منافعها، حيث تم شل عمل الحكومة وما ترتب عليه من معاناة الشعب. ولذلك توصل الحريصون على إنجاح التجربة السياسية إلى أنه حان الوقت لتخطو خطوة أخرى إلى الأمام، وذلك بالتخلي عن حكومة الشراكة الوطنية الواسعة الفاشلة، وتبني حكومة الأغلبية السياسية (وليست الأغلبية الطائفية أو الأثنية). وهذا يتطلب النضال من أجل تشكيل تحالفات تضم كيانات سياسية منسجمة مع بعضها البعض، و متقاربة في البرامج والأهداف من مختلف الانتماءات الدينية والمذهبية والأثنية، تتعهد بالعمل المشترك النزيه بروح الفريق في حكومة إئتلافية من أجل خدمة الشعب. وهذا الذي نتمناه ونأمل أن تتمخض عنه الانتخابات القادمة المزمع إجراؤها في الثلاثين من هذا الشهر (نيسان/أبريل الجاري).

والعقبة الكأداء أمام حكومة الأغلبية هي رغم أن الجميع يشتمون حكومة الشراكة والتي يسمونها بحكومة المحاصصة الطائفية، إلا إننا بدأنا نسمع من يقف ضد حكومة الأغلبية، وبالطبع ليس صعباً عليهم إيجاد المبررات ضدها، منها الادعاء بعزل بعض المكونات من المشاركة في الحكومة، وبذلك يمكن الإدعاء أن هذه الحكومة هي حكومة الأغلبية الطائفية ولا تمثل المكون الفلاني. هذه الحجة يمكن تلافيها بمشاركة أي كيان سياسي من ذلك المكون، ينسجم مع برنامج الكتلة البرلمانية الكبرى المكلفة بتشكيل الحكومة. وليس هناك شحة في هذه الكيانات السياسية من أي مكون كان.

"الحل في حكومة أغلبية"

ومهما كانت مبررات المعارضين لحكومة الأغلبية، فإن تجربة 11 سنة الماضية المريرة أثبتت فشل حكومة شراكة الجميع، حتى أنها فسحت المجال أمام من يمثل منظمات الإرهاب مثل "داعش" و"القاعدة" وتحت مختلف الأسماء مثل (العراقية) و (متحدون) وما أشبه. فالديمقراطية الحقيقية تتطلب أغلبية تحكم، وأقلية معارضة تراقب نشاطات الحكومة وتنتقدها تحت قبة البرلمان، وليس في ساحات الاعتصام التي تقام فيها ورشات تفخيخ السيارات المسروقة لتفجيرها في الأسواق المزدحمة، وساحات المسطر وقتل الألوف من الفقراء الأبرياء وبشكل عشوائي.

كما ويجب أن نحذر من إن تهمة، أو لعنة (حكومة المحاصصة الطائفية والعنصرية) ستستمر في إلصاقها حتى بحكومة الأغلبية، وخاصة من قبل أولئك الذين لم يسعفهم الحظ في الفوز في الانتخابات أو المشاركة في الحكومة. فطالما يتكون الشعب العراقي من مختلف المكونات الدينية والمذهبية والأثنية، فلا بد وأن تكون في حكومة الأغلبية السياسية وزراء سنة وشيعة وكرد وتركمان ومسيحيين وغيرهم، وبذلك لا يمكن إسكات الأصوات من أطلاق تسمية (حكومة المحاصصة) إلا إذا تشكلت حكومة دكتاتورية يكون فيها صناع القرار السياسي من مكون واحد كما كان الوضع قبل 2003، أو تأجير حكومة مستوردة من سويسرا كما يتم تأجير شركات العلاقات العامة الأجنبية، أو شركات حماية مثل بلاك ووترز، ليس فيها سني أو شيعي أو من أي مكون من مكونات الشعب العراقي، وهذا مستحيل، لذلك، نهيب بالمخلصين أن يحثوا الخطى نحو تشكيل حكومة الأغلبية السياسية، مؤلفة من كتل سياسية متقاربة في البرامج والأهداف، تقبل العمل بإخلاص في تحالف منسجم لخدمة الشعب ومحاربة الإرهاب والفساد.