1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

في حمى الانتخابات: جريمة قتل تهدد وحدة العراق

ملهم الملائكة ٢٨ مارس ٢٠١٤

أضحى تعايش مكونات النسيج العراقي هشا إلى درجة أنّ أصغر شرارة يمكن أن تضرم حريقا يأتي على كل البلد. مقتل الصحفي محمد بديوي قد يكون سببا لنسف علاقة الدولة المركزية بإقليم كردستان، الصراع هذه المرة شيعي -عربي - كردي .

https://p.dw.com/p/1BXgT
Irak Nuri al-Maliki und Masoud Barzani in Erbil 09.06.2013
صورة من: Reuters

لقي الصحفي محمد بديوي الشمري مدير مكتب إذاعة العراق الحر في بغداد مصرعه على يد ضابط كردي في الفوج الرئاسي المكلف بحماية رئيس الجمهورية . توالت التداعيات بسرعة ، والأخطر هو تطور الجريمة الفردية إلى خلاف سياسي أضاف أزمة إلى أزمات البلد المستعصية، فالفوج الرئاسي ( وغالب عناصره من الأكراد) في المنطقة الخضراء رفض في البداية تسليم القاتل إلى قوات الأمن وحماية المنطقة الخضراء( المكونة في الغالب من الشيعة) ليحال إلى القضاء، وهو أمر ذكّر العراقيين بعناصر حماية صدام حسين الذين كانوا يقتلون الناس بدم بارد ويبقون بمنأى عن القانون والحساب.

في المقابل، وكرد فعل لعصيان الفوج الرئاسي، ذهب رئيس الحكومة نوري المالكي بنفسه إلى مكان الجريمة وتولى اعتقال القاتل، بعد أن حاصرت قواته منطقة الفوج الرئاسي. وهو أمر يثير العجب و يطرح أسئلة عن وظيفة رئيس الحكومة وعلاقتها بوظيفة حفظ القانون والأمن، لكن الصحفي سيف الخياط المقيم في باريس وقد شارك في حوار مجلة العراق اليوم من DW ورد على هذا الأمر بالقول إنه كان شاهدا على حضور الرئيس الفرنسي اولاند المتكرر لمواقع ارتكبت فيها جرائم في باريس ولم يثر الأمر استغراب احد ، مضيفا " أن حساسية الجريمة المرتكبة على يد عنصر من حماية رئيس الجمهورية كانت سببا أقوى استدعى حضور رئيس الحكومة شخصيا لاعتقال القاتل وتجنب وقوع اشتباك بين قوات الأمن وقوات الفوج الرئاسي".

السيد المالكي ما لبث أن أعلن من موقع الجريمة "دم الشهيد في عنقي، وأنا ولي الدم، وكل من له صلة بهذه الجريمة يجب أن يمثل أمام القضاء، والدم بالدم"، حسب تعبيره. وهذه عبارة أثارت اعتراض الأكراد بالخصوص باعتبار رئيس الحكومة ممثلا عن الجميع لا يحق له أن ينحاز لطرف دون آخر ، لكن سيف الخياط أعتبر " أن العبارة هي عبارة عن وصف يتعلق بالشيمة العراقية والنخوة التي تدعو أي رجل لحماية الضحية بغض النظر عن كونه رئيسا للحكومة" .

Dr. Mohammed Bidaiwi (ermordeter Journalist)
الصحفي د. محمد بديوي الشمري، قتل في مدخل المنطقة الخضراء، وقد يصير سببا لأزمة حاسمة بين المركز والاقليم.صورة من: STR/AFP/Getty Images

حمى الانتخابات، والضرب تحت الحزام

الناشط كمال سيدو مسؤول منطقة الشرق الأوسط في جمعية الدفاع عن حقوق الشعوب المهددة ، وقد شارك في حوار مجلة العراق اليوم من DW اعترض على هذا التبرير مشيرا إلى أن السيد المالكي يعرف تقاليد العراقيين وهو ابن العراق ، " ويعرف أنّ من قام بهذه الجريمة الجنائية هو أحد أفراد حرس الرئيس جلال طالباني الذي رفض توقيع حكم الإعدام بحق أحد مجرمي الحرب في تاريخ العراق( صدام حسين) ، وكان حضور المالكي في منطقة الجريمة سببا لتصعيد الأزمة، بدلا أن يكون سببا للتهدئة".

رئاسة إقليم كردستان نشرت بيانا عبرت فيها عن موقفها مما حدث - انظر إلى موقف رئاسة الإقليم في بيان منشور على صفحة العراق اليوم واختتم البيان بالقول " إن شعب كردستان قرر أن يعيش بالتآخي والتآلف والتعايش في العراق، فإذا كان حكام بغداد لا يريدون هذا التآخي ويختلقون المشاكل بذرائع شتى، فليأتوا لنجلس معا وننهي هذه العلاقة المليئة بالمشاكل".

بعد يومين من هذا البيان، قال نائب رئيس وزراء حكومة إقليم كردستان عماد أحمد " إذا كانت بغداد لا تتقبل نمو إقليم كردستان ولا تتفهم حقوق الكرد ، ليكن الانفصال بالتفاهم بدلا من الحرب". ولفت نائب رئيس الوزراء إلى أن "بإمكان الكرد أن يستعملوا ثقلهم عقب الانتخابات المقبلة التي ستغير الخارطة السياسية في العراق".

وفي هذا السياق ذكّر سيف الخياط أن التنافس الانتخابي يبيح الهجمات وإثارة الفضائح والكشف عن المستور " موسم الانتخابات يباح فيه كل شيء، ويصبح كل شيء حلالا لكسب صوت الناخبين، وهو مبدأ غير أخلاقي بالتأكيد، ولكنه أمر يجري في كل العالم".

إلى أين يسير خلاف العرب والأكراد في المنطقة؟

والمراقب يسأل هنا، لماذا يتعمد البعض تعميق الخلاف بين الأكراد والعرب ؟ ومن يساهم في ترويج الكراهية والعنصرية بين الشعبين؟ ولمصلحة من تثار أحقاد زرعها نظام البعث القومي بين العرب وبين الأكراد؟ وهل عرب العراق هم فعلا أعداء لكرد العراق، ونحن نرى في سوريا تنامي حالة عداء مشابهة بين الشعبين؟

الناشط كمال سيدو أشار إلى وجود مشاكل كثيرة بين الأكراد والعرب في العراق وسوريا " لأن الأنظمة التي حكمت العراق منذ تأسيس الدولة قد شنت على الأكراد حملات إبادة ، وهي حملات وثقتها قوى العراق الديمقراطية وأطراف شيعية وسنية فيه ، وفي الحقيقة فإن تلك الحملات كانت موجهة أيضا للمكون الشيعي والمكونات الأصغر ".

وذكّر زيدو بوجود مشكلات عالقة بين الحكومة المركزية وبين حكومة إقليم كردستان ومنها مشكلة المناطق المتنازع عليها ومشكلة النفط ومشكلة البيشمركه ، ومختلف الأطراف تسعى لتوظيف كل هذه الخلافات لأسباب سياسية، وفي موضوع جريمة قتل الصحفي الشمري وتداعياتها والتصعيد بين المركز والإقليم يقول: " أنا أوجه إصبع الاتهام إلى حكومة نوري المالكي لأنها الطرف المباشر المسيطر على مركز القرار في بغداد".

Irak Neue Gebäude in Kurdistan
اربيل عاصمة اقليم كردستان، عمران ونمو اقتصادي ملفت للنظر.صورة من: Ahmad Hamoudi

إزاء هذا الاتهام، اعتبر سيف الخياط أن اللاعب الأساسي في المشهد العراقي حاليا هي الأحزاب السياسية وهي التي تتحمل المسؤولية بالدرجة الأساس لأنها وبعد 10 سنوات من سقوط صدام حسين لم تستطع أن تصل إلى حالة من التفاهم والتوافق. وعزا الخياط هذا الفشل في التوافق إلى أن تجربة الحكومة الحالية نابعة من كونها مكونة من أحزاب سياسية عاشت على مدى 4 عقود بشكل منظمات سرية و" هي صيغة تجعل الكائن الحزبي شكاكا لا يؤمن بالشفافية ويعتمد الولاء الحزبي وليس الكفاءة معيارا لتقييم الآخرين".

بلد واحد بمكونات متنوعة

سمة العصر الحديث تنوع مكونات البلدان، بل إن التاريخ يتضمن أمثلة قديمة لدول بُنيت وشُكلت من عدة مكونات، وعلى وجه العموم فإن نشوء الولايات المتحدة الأمريكية في القرن السابع عشر من مكونات مهاجرة قادمة من مختلف المناطق ومختلف الأديان والأعراق قد ألغى تماما عنصر وحدة المكون كعامل حاسم في بناء البلدان. اليوم يعيش 7 ملايين سويسري في اتحاد كونفدرالي لا تجمعهم فيه اللغة ولا الدين ولا المذهب ، ومع ذلك فهي سويسرا، وهناك أمثلة أخرى.

يطرح هذا الواقع تساؤلات هامة عن تفكك النسيج الوطني في بلدان الشرق الأوسط في هذا المقطع من التاريخ. بهذا المعنى، أشار كمال زيدو إلى أنه " ليس من بلد في العالم تقريبا مكون من عرق واحد أو من ديانة واحدة أو من طائفة واحدة ، ولعها ستكون كارثة إذا كان البلد مكونا من مكون واحد متطابق، فالبلد سيكون حزينا وبشع". وأكد زيدو أن منظمة الشعوب المهددة التي ينشط فيها تعمل منذ 50 عاما على التقريب بين الشعوب وعلى تجسير الفواصل بين المكونات ، مذكرا أن الخلاف الشيعي السني قديم جدا في العراق وسوريا والسعودية، ويتطلب الوصول إلى صيغة تتيح للجميع العيش مع بعضهم بسلام، "ونفس الشيء ينطبق على الأكراد ، وهم يسكنون مناطقهم ولهم لغتهم وتاريخهم، ولابد من تجنب إقامة دولة قومية لتفادي حالة الصدام بين الاثنيات المختلفة".

Bombenanschlag Irak Bagdad 21.10.2013
بغداد العاصمة ما زالت تمزقها الانفجارت والهجمات بشكل يومي. بنية تحتية منهارة وأمن غائب.صورة من: Reuters

ولفت سيدو الأنظار إلى ما أصاب السريان والكلدان والأرمن واليهود في العراق ، مذكرا بغياب الأسس التي تنظم العلاقة بين المكونات الأكبر وبين الأصغر، ومشيرا إلى أن هجمات المكونات الكبيرة على المكونات الأصغر قد أدت إلى هروبها وهجرتها من مواطنها الأصلية.

نبض الشارع

اتصالات هاتفية مع البرنامج وتعليقات على فيسبوك، رسمت خطوطا عامة لتوجهات الرأي العام. بعض تلك المداخلات أشارت إلى أن الخلافات في جوهرها سياسية تغذيها مصالح حزبية، فيما أشارت مداخلة من المستمع رعد من بغداد إلى أن التصعيد سببه الساسة لأن المكونات متفاهمة. واقترح رعد أن يتولى الأكراد قيادة البلد، منبها إلى النجاح الذي حققوه في إقليم كردستان، ومتسائلا "إذا كان الكرد مكون عراقي كما يعرض كل السياسيين ، فلماذا لا يحق لهم قيادة العراق الديمقراطي ، إذا انتخبهم الشعب؟".

والى هذا ذهب تعليق علي القيسي على صفحة فيسبوك " الكرد ارتكبو خطأ كبير في عدم توليهم حكم كل العراق بكل مكوناته ولو فعلوا لكان العراق الآن من افصل دول المنطقة ولو عمت تجربتهم ونجاحهم في اقليم كردستان كل العراق لما يبقى وجود لمن يحسدهم وبغضهم على تحقيق الامن والأمان والرخاء والفوز بثقة العالم سياسيا واقتصاديا ودبلوماسيا في الوقت الذي بقيت فيه حكومة بغداد منبوذة ومعزولة ورمز للفساد المالي".

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد