1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

سياسة تلغيم المعابر: إلى أين؟

عبد المنعم الأعسم١٧ يوليو ٢٠١٤

يرى عبد المنعم الاعسم أن كابينة رئيس الوزراء وبدلا من تنشيط المعابر لحل أزمة الرئاسات بما يعبئ الدولة والمجتمع لدحر الإرهاب ، فان التقويم اليومي للأحداث يحمل على الاعتقاد بأنها تقود المعركة هذه خارج ساحاتها الرئيسية.

https://p.dw.com/p/1CeY3
Irak Nuri al-Maliki und Masoud Barzani in Erbil 09.06.2013
صورة من: Reuters

اتهامات رئيس الوزراء نوري المالكي لإدارة إقليم كردستان بإيواء إرهابيين، أخذتها الجماعات السياسية المختلفة بعدم الاكتراث وطالب وتشكك بعضها بالواقعة والطلب بتقديم بيّنات على هذا الاتهام، فيما عدّه المراقبون والمحللون المحايدون كمحاولة تصعيد، غير ذي حكمة، على جبهة حساسة لا تتحمل مثل هذه المخاشنات إلا في حساب تلغيم المعابر الى الحل السياسي لأزمة العراق ومنع تغيير الأدوات والسياسات والوجوه التي تسببت في الكوارث الامنية والسياسية التي تعصف بالبلاد.

وإذ لا يتفهم المتابع الموضوعي جدوى وحصافة بعض التصريحات التي سجلت نفسها على الجانب الكردستاني بصدد التصورات الاستباقية لمستقبل الإقليم، وحول تعاطي اربيل مع الرموز المشجعة للتطرف والعنف والطائفية المضادة، فان الشكوى من هذا الاستطراد إذ تعالج، عادة، وكما ينبغي، في القنوات السياسية والدستورية فهي لا تبرر تزييت ماكنة التهديدات وتبشيع مواقف الإقليم والكرد وزج عقد الشراكة في الوطن وسلطة القرار والمصير الواحد الى شكل من أشكال الفرضية القابلة للإنكار، وسيكون هذا الموقف شديد الخطورة عندما يتبناه الرجل الأول في ادارة الحكومة والدولة.

اقول، بدلا من تنشيط المعابر المختلفة لحل ازمة الرئاسات بما يعبئ الدولة والمجتمع لدحر الارهاب والعصيان المسلح في الموصل ومناطق اخرى فان التقويم اليومي للأحداث والمواقف يحمل على الاعتقاد بان كابينة رئيس الوزراء تقود المعركة هذه (واكثر من معركة أخرى) خارج ساحاتها الرئيسية، وتنشغل في تسويق مظلومية، مشكوك فيها، من مؤامرة مزعومة ينخرط فيها كل من يرفض الولاية الثالثة للمالكي، ويشاء أصحاب هذه المعارك العبثية ان يوسعوا دائرة الخصوم، بل ويصطنعوا المزيد من الخصوم، بفتح معركة مع الإقليم، مصحوبة بفيض من الريب والشكوك والطعون في جدوى الأخوة بين العرب والكرد.

"العلاقة بين الحكومة والإقليم لا ينبغي ان تُختزل إلى لعبة التلغيم"

على ان العلاقة بين الحكومة الاتحادية واقليم كردستان لا ينبغي ان تُختزل الى لعبة التلغيم، واستعداء الجمهور وشحنه بالكراهية القومية والتهديد، والتصعيد الإعلامي، والاتهامات المرتجلة، لأن هذه العلاقة لا تتصل بالاعتبارات والصلاحيات الإدارية الدستورية فقط بل هي وثيقة الصلة بجوهر هيكلية الدولة العراقية ومستقبلها كدولة متعددة القوميات والعقائد والانتماءات، ويلزم ان يجري التذكير بخطورة البناء على ردود الأفعال والمراهنة على الكسب الإعلامي القائم وعلى توليف الشائعات والتسريبات المغشوشة، وإعادة إنتاجها كحقائق.

في السياسة، وكذلك في التكتيك العسكري، لا يُعد تلغيم المعابر ضروريا، ونافعا، إلا حين تكون قد اشرفتَ على الهزيمة، أو تصبح الدائرة وهوامش المناورة اكثر ضيقا من حولك، فتسعى الى عرقلة تقدم "العدو" وتُشاغله ريثما تنجو، او تُحسّن شروط الاستسلام.

وفي كل الأحوال، يعكس تلغيم المعابر الى الحل هشاشة تقنيات المناورة، وانهيار الدفاعات النوعية، لكن التجارب أكدت ان تلك الألغام "الوقائية" قد تنفجر بأصحابها وتلحق بالمدافعين، المنسحبين، افدح الأضرار، وهذا (كمثال عسكري) ينطبق على تلغيم الملفات السياسية في محاولة لخلط الأوراق وإثارة الريب والشكوك والتهديدات، بدل فتحها والاعتراف بالأخطاء والفشل، والبحث عن مفاتيح واقعية لتسوية الخلاف الذي يقال انه لا يفسد للود قضية.. إلا حين يهدد كرسي السلطة.

********

"نظام الفرد الواحد ليس سوى اختراع ابتدعه الشيطان ليخلـّد بين الناس عبادة الأصنام ويروّج بضاعة الوثنية". توماس بين- كاتب ومخترع انكليزي

*نشر المقال في صحيفتي (الاتحاد) و (طريق الشعب)، ويعاد نشره على موقعنا بالاتفاق مع الكاتب.