1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

المدونون في ليبيا ـ من رافعة للثورة إلى طرف في الانقسام

كريمة أحداد٢٣ أكتوبر ٢٠١٤

لعب التدوين دورا فعالا في ليبيا إبان الثورة عبر طرح القضايا السياسية والاجتماعية التي عاشتها البلاد، غير أن دور المدونين بدأ يخفت بعد الثورة. مدونون ليبيون يتحدثون عن أسباب هذا الخفوت بعد ثلاث سنوات على مقتل القذافي.

https://p.dw.com/p/1Dax2
Libyen Feier Jahrestag 3 Jahre ohne Gaddafi in Tripoli
صورة من: Reuters

عالج المدونون في ليبيا إبان ثورة 17 فبراير الكثير من القضايا السياسية، وتحدثوا عن مشاكل المجتمع الليبي وقضايا الفساد والتخلف والديكتاتورية، خصوصا بعد أن أصبح التدوين متاحا للجميع واتسعت مساحة حرية التعبير. لكن مدونين ومحللين سياسيين ليبيين يرون أن التدوين في البلد لم يعد يتمتع بذات الصورة التي كان عليها فترة حكم العقيد القذافي.

انقسام وانحياز

وفي هذا السياق يرى المحلل السياسي الليبي عصام الزبير أنه "بعد ثلاث سنوات من الثورة أصبح بعض المدونين ينحازون لأجندات معينة ويتبنون تيارات سياسية محددة ويدافعون عنها بطريقة متطرفة ومتعصبة، وهو ما حرف مسار التدوين عن أهدافه التي تتجلى في التثقيف والتوعية".

ويضيف الزبير أن "هذا الانحياز إلى تيار سياسي معين هو الذي أدى إلى خفوت دور المدون، إذ صار هناك من المدونين من ينحاز للاتجاه القبلي، ومن يتبع الاتجاه الجهوي، ومن يذهب في الاتجاه الفدرالي، كما أن هناك من يريد بناء الدولة الإسلامية، ومن يذهب في الاتجاه المضاد للدولة الإسلامية".

Mohammed Karkara Blogger Libyen
المدون الليبي محمد كركارةصورة من: Karkara

ويتفق الصحفي والمدون الليبي محمد كركارة مع الزبير في أن المدونين الليبيين بعد الثورة أصبحوا مشتتين منقسمين، معتبرا هذا الأمر "نتيجة غياب المهنية في الكتابة الصحفية والتدوينية التي لم تعد تكتفي بنقل الخبر كما هو والحديث عن ما يعيشه الناس، بل أصبحت تابعة لطرف معين: إما الجيش الوطني أو الثوار أو الاتجاهات الدينية".

هذا الوضع المنقسم ساهم، حسب كركارة، في "تشتيت المتلقي أيضا الذي لم يعد يثق بالصحفي والمدون، لأن هذا الأخير غير أفكاره واتجاهاته بعد الثورة وانحاز لاتجاه معين".

"هددونا بالقتل والخطف"

وإذا كان انحياز المدونين الليبيين إلى تيارات سياسية معينة بعد الثورة قد ساهم بشكل كبير في تراجع دورهم، فإن هناك بحسبهم، أسبابا أخرى جعلت هذا الدور يخفت شيئا فشيئا، منها الخوف من الاعتقال والاختطاف والقتل.

وفي هذا الإطار، تقول المدونة الليبية حنان المقوب التي تسكن حاليا بمصر في سياق الحديث عن تجربتها الشخصية مع الخوف من التعرض للاغتيال: "غادرت بلدي منذ سنة مع مجموعة من المدونين الآخرين إلى مصر بسبب التهديد بالقتل الذي كنت أتعرض له. بسبب تدويناتي، اتهمت بأني مرتدة وضد الإسلام وضد الثوار. كل هذا لأني أطالب ببناء دولة الحق والقانون، ولأنني ضد العصابات المسلحة".

ويؤكد المدون الليبي محمد كركارة أن "هناك الكثير من المدونين والصحفيين الذين تلقوا تهديدات بالقتل وآخرين تم اختطافهم، وذلك بعد الثورة بحوالي سنة. لم يعد التدوين في ليبيا كما كان، لأن المدونين يشعرون أن حياتهم مهددة بالخطر". ويؤكد كركارة أن "المدونين والصحفيين الذين يكتبون بمهنية في ليبيا، أصبحوا يتعرضون للتهديد من طرف مختلف التيارات، حيث يطالبهم كل تيار بتغيير المصطلحات والمفاهيم التي يستعملونها مثلا، كل حسب توجهه الفكري والسياسي والديني".

وحسب المحلل السياسي عصام الزبير، فإن هذه الفئة من المدونين تخاف من سطوة الكتائب المسلحة أو الخارجين عن القانون من عملية التتبع والحظر، فخفت بالتالي دورها، لأنها تخاف من إهدار دمها وحياتها.

Hanane Elmagawab Bloggerin Libyen
المدونة الليبية حنان المقوب: "تعرضنا للتهديد بالقتل والتفجير"صورة من: Elmagawab

"المدونات صوت الشعب الليبي"

وعلى النقيض من كركارة، ترى حنان المقوب أن دور المدونين لم يتراجع، لأن الشعب الليبي "لم يعد له أي صوت غير المدونات، فهي الوحيدة اليوم التي تقوم بالتوعية في ظل غياب منابر إعلامية حرة". وتتفق المدونة الليبية نيفين الباح مع حنان في كون دور المدونات في ليبيا لم يتراجع، إذ "أصبحوا أكثر نشاطا وتأثيرا، خصوصا وأنهم تعرضوا للتهجير والاعتقال والتهديد، وهو ما جعلهم أكثر شهرة وزاد من أعدادهم".

ومن جهته يعبر الباحث السياسي عصام الزبير عن الوضع الحالي في ليبيا بالقول: "لا توجد رغبة سياسية واضحة ولا حكومة فاعلة ولا برلمان حقيقي ولا اتجاه نحو بناء الدولة، والكل صار يبحث عن مصالحه، حتى البرلمان يتجه نحو تغليب طرف على الآخر، وهناك تيارات خارج الحكومة تحرض الناس على القتل والاغتيال المدني وتريد أن تدفع الناس إلى التحرك في الشارع، والضحية هي الشعب والمدونون الذين يبحثون عن حرية التعبير".

وحتى يواكب المدونون هذا الوضع بطريقة إيجابية، يقترح الزبير عليهم "الابتعاد عن التأجيج السياسي والنعرات القبلية والجهوية، والاتجاه إلى مسارات أخرى كالتوعية والتثقيف، والمساهمة في التصالح والتسامح والتعايش".أما حنان المقوب، فتركز على "مسألة تقبل الاختلاف باعتبارها غائبة عن المدونين الليبيين، حتى من يدعون منهم الإيمان بحرية الرأي".