1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الفَقرُ والحصار يدفعان أطفال غزة إلى العَمَالة المبكرة

٢٦ نوفمبر ٢٠١٠

الفَقرُ وتفشي البطالة والأوضاع المعيشية المتردية، بسبب الحصار الإسرائيلي، كلها عوامل أدت لتفاقم ظاهرة عمالة الأطفال في قطاع غزة في ظل غياب القوانين التي تحفظ حقوقهم. دويتشه فيله قامت بجولة في القطاع وأعدت التحقيق التالي.

https://p.dw.com/p/QHp9
طفل يعمل كهربائي سيارات في غزةصورة من: DW

على الإشارة الضوئية لمفترق السرايا وسط غزة أدخل طفل رأسه داخل سيارة مناديا: "البسكوتين بشيكل واحد". لم يكن الطفل الوحيد الذي قابلناه، بل هناك العديد من هؤلاء الأطفال من الباعة المتجولين المنتشرين على المفترقات المرورية الذين هم دون سن الثالثة عشرة. دويتشه فيله قامت بعدة جولات في أنحاء متفرقة في قطاع غزة حيث تفقدت الأسواق والمناطق الحدودية ورصدت عدت حالات من عمالة الأطفال.

الطفل تميم الغلبان، ذو الثلاثة عشر ربيعا، برر عمله في إحدى ورشات الألمنيوم لمساعدة والده في القيام بأعباء مصاريف العائلة. وأثناء تجوالنا شاهدنا الطفل محمد في إحدى ورشات كهرباء السيارات وقد اكتست ملابسه ووجهه ويداه باللون الأسود جراء عمله. لم يبتسم لنا!! آثار المعاناة الجسدية والنفسية كانت ظاهرة عليه. وحين سألناه: هل تذهب إلى المدرسة؟ أجاب بضيق: "لا.. معنديش وقت! بأقضى طول النهار هين في الورشة".

Kinderarbeit in Gaza Flash-Galerie
الطفل تميم الذي يعمل في ورشة للألومنيوم لمساعدة والده في تحمل أعباء البيتصورة من: DW

بعد ذلك انتقلنا إلى الجنوب، إلى خان يونس، لنجد طفلين في سوق الخضار أمام إحدى بسطات الخضار. رفض الطفلان التصوير والحديث معنا فتدخل أحد الباعة، رجلٌ في منتصف العقد الخامس من العمر، محاولا إقناعهما بالحديث معنا والسماح لنا بالتصوير قائلا بأعلى صوته: "احكوا وتصوروا يا عم خلي العالم يشوف معاناتكوا نتيجة الحصار". عندها سألناهما عن سبب الرفض؟ فقالا: "عشان إحنا بنُدرُس المسا وبنبيع في السوق الصبح، وبنساعد أهلنا ... وبدنَاشْ حدَن من المدرسة يشوفنا". حالة هؤلاء الأطفال لم تكن أسهل من حالة أطفال شاهدناهم يعملون في أنفاق التهريب على الحدود المصرية.

أسباب تفاقم أزمة عمالة الأطفال

Kinderarbeit in Gaza
يرى بسام جودة أن الحصار والأوضاع الصعبى من أسباب تفاقم الظاهرةصورة من: DW

أكثر من 53 في المائة من سكان قطاع غزة هُم من الأطفال دون سن السادسة عشرة. وظاهرة عمالة الأطفال رُصدت منذ سنوات، أي أنها ليست بالجديدة على المجتمع الفلسطيني، لكن الجديد والخطير هو تفاقمها. فهناك دراسات وإحصائيات محلية أشارت إلى أن هناك ما يقارب من 30 ألف طفل عامل، زاد عددهم منذ أربع سنوات بعد الحصار الإسرائيلي ليصل إلى 50 ألف طفل.

ظاهرة تتفاقم باضطراد وفق ما أكد لدويتشه فيله بسام جودة، مدير جمعية بنيان للتدريب والدراسات المجتمعية. وأشار جودة إلى أن الحصار والأوضاع الصعبة نتيجة البطالة وانعدام فرص العمل من أهم أسباب تفاقم الأزمة، محذرا من مخاطر نفسية وجسدية مستقبلية على هؤلاء الأطفال، مشددا على أنهم "شباب المستقبل وسيشاركون في بناء المجتمع".

أما حسام شحادة، مدير البرامج التربوية في مؤسسة الثقافة والفكر الحر، التي تعتبر أكبر المؤسسات المدنية التي تُعنى بالأطفال، فتحدث، في حوار مع دويتشه فيله، عن القصور في ما أَسْمَاها دائرة منظومة العمل المتكاملة المتمثلة في الحكومة والجامعات والمؤسسات والأكاديميين والمفكرين. وطالب شحادة هؤلاء جميعا بوضع "تخطيط علمي وطني لمحاربة هذه الظاهرة متهما بعض الآباء بأنهم يدفعون أبناءهم للعمل" مع التشديد على أنها "تبقى حالات فردية".

وبالنسبة للدكتور أسامة حمدونة، رئيس قسم علم النفس في جامعة الأزهر في غزة، فإن أهم أسباب تفشي مثل هذه الظواهر تعود إلى "فقدان الثقة بالذات بسبب الحصار والانقسام السياسي". وشدد حمدونة، في حوار مع دويتشه فيله، على أن المجتمع في قطاع غزة "سئم كل الاسطوانات المشروخة السياسية والاقتصادية لعدم وجود أُفق وحلول ملموسة". ونوه حمدونة إلى أن "الطفل في ظل عجز رب الأسرة يبدأ بالتسرب (الهرب) من المدرسة، ويشعر بعدم أهميتها متبنيا وجهة نظر الأهل والأسرة في ضرورة العمل".

الجهود المبذولة للحد من الظاهرة

Kinderarbeit in Gaza
اطفال يلعبون ضمن برامج توعية لمؤسسة الثقافة والفكر الحرصورة من: DW

وتسعى منظمات ومؤسسات المجتمع المدني إلى الحد من هذه الظاهرة عبر وسائل متعددة ومتنوعة. وقد أكد حسام شحادة، مدير البرامج في جمعية الثقافة والفكر الحر، أن مؤسسته تقوم بمشاريع وأنشطة متنوعة لمساعدة هؤلاء الأطفال ليعبروا عن معاناتهم. كما تعد الجمعية برامج توعية موجهة إلى هؤلاء الأطفال وآبائهم وتقوم بزيارات ميدانية لأماكن عملهم.

علاوة على ذلك يِؤكد بسام جودة، مدير جمعية بنيان لدويتشه فيله، أن مؤسسته تعمل في مجال الدراسات البحثية لهذه الظاهرة وتقوم بين الفينة والأخرى بإقامة ورشات عمل وندوات للتنبيه والتوعية بخطورتها. ومن خلال الحوار مع من سبق ذكرهم، أكد الجميع استجابة بعض الأسر وأطفال العمالة لفترة قصيرة لمبادراتهم، لكن سرعان ما تتبدد جهودهم لأن الظاهرة "تتفاقم ويبدو عملنا وكأنه دون جدوى، لكننا سنستمر في العمل".

الحل في نظر الاختصاصيين

إلا أن الدكتور أسامة حمدونة يسخر من هذه الورش والندوات وبرامج الأنشطة والتوعية التي يراها "غير مُجدية حتى باعتراف القائمين عليها". ويضيف حمدونة لدويتشه فيله قائلا "يتفننون في التنظير لمجتمع محاصر بلا موارد وبلا مصانع ويعاني من بطالة مستشرية وفقر مدقع". وحين سألته دويتشه فيله عن الحل قال: "الحل أن تكون تلك النشاطات مرهونة بحل جذري وإيجاد فرص عمل لهؤلاء. وإن لم تتوفر فبتوزيع المعونات عليهم جميعا لا أن يتم إنفاق مئات آلاف الدولارات على الورش والبوفيهات".

بينما يرى المحلل السياسي عمير يحيى بأن الحل "يَكمُن في إيجاد مخارج للقضايا السياسية الخلافية ما بين الفصائل والسلطة الفلسطينية بهدف فتح أفاق مستقبلية أمام كافة القضايا الاقتصادية أيضا".

شوقي الفرا ـ غزة

مراجعة: أحمد حسو

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد