1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"السعودية ماضية في سياساتها رغم تغيير الوجوه"

حاوره: ياسر أبو معيلق٣٠ يناير ٢٠١٥

تغيير الوجوه وحملة المناصب لا يعني إعادة توجيه للسياسة بشكل عام، هذا ما يقوله المحلل السياسي وخبير الشؤون السعودية جون ماركس في مقابلة مع DW عربية حول التغييرات التي أعلنها الملك سلمان مؤخراً.

https://p.dw.com/p/1ETcL
Saudi-Arabien Beerdigung von König Abdullah Salman ibn Abd al-Aziz trauert
صورة من: Reuters/Saudi Press Agency

بعد إصدار العاهل السعودي الملك سلمان قراراً ملكياً شمل عدداً من التغييرات في المناصب الحكومية داخل المملكة، برزت تساؤلات عدة حول مغزى هذه التغييرات وارتباطها بالتنافس القائم داخل الفروع الممتدة للعائلة السعودية المالكة، بالإضافة إلى انعكاساتها على سياسة الرياض في المنطقة وعلاقاتها مع الدول الغربية.

لكن جون ماركس، رئيس مجموعة "معلومات عابرة للحدود" الاستشارية، يرى في هذه المقابلة مع DW عربية، أن السعودية بقيادة الملك سلمان ما تزال تحافظ على سياساتها كما هي وأنها تقوم بما هو معتاد دون أي تغييرات تذكر.

DW عربية: قرار الملك سلمان إجراء عدة تغييرات في المناصب الحكومية شملت عدداً من الأمراء، علاوة على الدفع بشخصيات شابة وجديدة على الساحة السياسية، هل ترى فيه تغييراً جذرياً لما جرت عليه العادة بالمملكة؟

جون ماركس: لا أعتقد ذلك. أعتقد أن هذه مفاجأة، لأن الملك سلمان كان قد أشار يوم وفاة الملك عبد الله إلى أنه لن يكون هناك تغيير. لكن قيامه ببعض التعديلات والتغييرات في عدد من المناصب ولعدد من الشخصيات يعتبر شيئاً ذا دلالة كبيرة، ولكنني أشك في إمكانية أن يدفع بشخصيات جديدة وذكية. هناك بالنسبة لي عدة أسئلة حول ما ذكره القرار الملكي (المتعلق بالتغييرات) بالضبط. من الواضح أن هناك المزيد من التغييرات التي سيكون لها تأثير على السياسة السعودية. لكن ذلك بالنهاية يتفق مع سياسة السلالة الملكية السعودية.

Saudi-Arabien Beerdigung von König Abdullah Salman ibn Abd al-Aziz trauert
يرى جون ماركس بأن التغييرات تعكس بشكل أكبر حالة التنافس بين الفروع المختلفة داخل العائلة المالكة السعودية (أرشيف)صورة من: Reuters/Saudi Press Agency

إذاً، هذه التغييرات مرتبطة أكثر بالتنافس بين فروع عائلة آل سعود المالكة؟

المملكة العربية السعودية تبقى مملكة أسسها آل سعود عام 1932، ويحكمها أبناء مؤسسها الملك عبد العزيز آل سعود، وهذا ينعكس على طريقة شغل العديد من المناصب الهامة في المملكة، التي تتنازع عليها فروع مختلفة داخل العائلة المالكة. أحد الأسئلة التي كانت تشغلنا عند وفاة الملك عبد الله هي الترقيات التي حصل عليها بعض أبنائه، لاسيما وأن عائلة عبد الله تسيطر بشكل تقليدي على جهاز الحرس الوطني السعودي، وهو ما لم تكن له تبعات كبيرة.

لكن في ظل حكم الملك عبد الله، شهدنا ترقية ولدين من أولاده كحكام لمحافظات ومدن. لذلك، من الواضح أن إحدى علامات التغيير في سياسة السلالة السعودية هي عزل الأمير تركي بن عبد الله والأمير مشعل بن عبد الله من منصبهما كحاكمين للرياض ومكة، واستبدال مشعل بخالد الفيصل، وهو من فرع آل فيصل في العائلة المالكة. أرى في ذلك نوعاً من إعادة التوازن داخل آل سعود، وهذا متوقع وليس بالأمر المفاجئ، والدليل على ذلك بقاء الأمير مقرن ولياً للعهد وهو معروف بعلاقته الوثيقة بالملك الراحل، وإبقاء نجل الملك عبد الله، متعب، رئيساً للحرس الوطني السعودي. كل ذلك يشير إلى تغيير تدريجي وغير مباشر.

الملك سلمان يسعى إلى إحداث توازن فقط؟

بالتأكيد تمت ترقية بعض المقربين من الملك سلمان. ما سنراه هو تأكيد الفرع السديري من العائلة المالكة، والذي ينتمي إليه العاهل السعودي ويعتبر الأكثر نفوذاً، لقوته، بحيث قد نشهد المزيد من التعيينات لأعضاء هذا الفرع وحلفائهم في مناصب رفيعة بالمملكة.

لكنني لا أعتقد أن ذلك يشذّ عما كان متوقعاً، إلا أن ذلك تدريجي وأهميته تكمن في عدد الترقيات. أرى بأن هناك خطان– الأول يتعلق بالسلالة الملكية والثاني متعلق بالسياسة بشكل عام – يتم تقديمهما من خلال إعلان التغييرات. المعلومات الآن قليلة ويجب الحصول على المزيد كي نقول أكثر من ذلك.

الفرع السديري يبدو الآن أكثر قوة، ولكن إذا ما نظرنا داخل هذا الفرع، سنجد أن الأمير بندر بن سلطان، الشهير بـ"بندر بوش" (لعلاقته الوثيقة مع الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش)، أعفي من منصبه في مجلس الأمن الوطني، والذي أنشئ خصيصاً من أجله. يمكن تبرير ذلك بأنه قرار شخصي مبني على التقلبات في موقع الأمير بندر، الذي شهد صعوداً وهبوطاً في السنتين الماضيتين. في نهاية الأمر، يتساءل الكثيرون حول جدية هذه التغييرات، إلا أنه وبالنظر إلى ما سبق، فإنها متوقعة.

كيف، إذاً، تترجم هذه التغييرات بالنسبة لسياسة السعودية؟

السعودية تقوم حالياً بما كانت تقوم به دائماً. في الواقع، إذا ما أردنا ترجمة إعلان (الملك سلمان) عن صرف 30 مليار دولار على شكل مكافآت للسعوديين، فإن هذه رسالة تقول: "السعودية أبرمت عقداً اجتماعياً مع شعبها وهذا العقد يتضمن الحفاظ على وسادة مالية مريحة، وهذا ما سنستمر في القيام به". لكن ذلك في نهاية الأمر يعني أن آل سعود يقومون بما هو معتاد، وأن سياستهم النفطية ستبقى كما هي، وذلك يُستدل عليه ببقاء وزير النفط كما هو.

Obama in Saudi Arabien 27.01.2015
لا تشاطر واشنطن إصرار الرياض على تغيير النظام في سوريا (أرشيف)صورة من: Reuters/J. Bourg

وما هي، برأيك، الرسالة التي يبعث بها الملك سلمان إلى العالم؟

الرسالة هي أنه هو من يتولى إدارة الدفة حالياً، حتى وإن كانت الأمور لا تشير إلى ذلك بوضوح، ولكنه المسؤول الآن. بعض القيم التي ميّزت سلمان في السابق انعكست في التغييرات الأخيرة، إذ تجدر الإشارة إلى أن وزير الشؤون الإسلامية (والأوقاف والدعوة والإرشاد)، صالح الشيخ، بالإضافة إلى وزير شؤون الأسرة ورئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر – كلهم معروفون بأنهم محافظون، ولذلك يمكن القول إن ذلك من مميزات سلمان.

وماذا عن سياسة الرياض الخارجية وتحالفاتها في المنطقة؟

لا أعتقد أننا سنشهد خروجاً كبيراً عن العادة، بل ربما يكون ذلك تدريجياً وغير محسوس، حتى مع وجود منظر ديني أكثر تحفظاً في الرياض. لكن لا أعتقد أننا سنشهد تغيراً كبيراً في التحالفات الإقليمية للسعودية. سنرى بالتأكيد استمرارية في سياسة الدولة الأمنية ذات القبضة الحديدية.

الأوضاع في اليمن تمثل مشكلة كبيرة بالنسبة للسعودية، ولكن القيادة الجديدة في الرياض، كسابقتها، تتذكر ما حدث عندما حاولت السعودية التدخل عسكرياً للسيطرة على الحوثيين. إنهم يعرفونهم ويعرفون طريقة استجابتهم، وبالتالي سيكونون أكثر حذراً. لذلك، أتوقع أن تزداد العزلة بينهما.

أما بالنسبة لسوريا، فإن الملك الراحل عبد الله كان قد أشار بين الفينة والأخرى إلى أنه يشعر شخصياً بالإهانة من قبل بشار الأسد. لكنني لا أعتقد أن هناك تغيراً في معاداة السعودية للنظام السوري. السعوديون يريدون تغييراً في النظام بسوريا، وهذا سيستمر في إحداث مشاكل بالنسبة لحلفاء مثل الولايات المتحدة، التي لا تبدو حريصة على تغيير الوضع هناك.

في ما يتعلق بإيران، ومما يمكن رؤيته، لا توجد أي تغييرات في اللهجة تجاه طهران، وستستمر السعودية في إبداء امتعاضها من التقارب بين الولايات المتحدة وإيران ومن أي تفوق نووي إيراني. لذلك، أعتقد أن هذا الموقف لن يتغير. وبخصوص العراق، رغم وجود قلق شديد من تصاعد نفوذ المتطرفين السلفيين في محافظة الأنبار... لا أعتقد، أيضاً، أن ذلك سيتحول من قضية أمنية بحتة إلى قضية سياسية. كما لا توجد أي علامات حقيقية على تراجع في حالة انعدام الثقة التي يشعر بها السعوديون تجاه الحكومة العراقية، وخاصة بالنظر إلى علاقتها مع إيران.

وبعد استعراض كل هذه القضايا، يبدو لي وكأن السياسة السعودية ستستمر كما هي دون تغيير، لكن مع تعزيز الأمن وعدم إبداء أي انفتاح تجاه دبلوماسية ما وراء الكواليس، خاصة في ما يتعلق بمحاولة تجنب تصعيد الوضع في اليمن. لكنني شخصياً لا أرى أي تحرك حقيقي على صعيد هذه القضايا الخطيرة.

جون ماركس محلل سياسي يرأس مجموعة "معلومات عابرة للحدود" الاستشارية ومحرر دورية "غولف ستيتس نيوزليتر" المتخصصة في دول مجلس التعاون الخليجي.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد