1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

التعافي الاقتصادي في دبي وعقبات استعادة الثقة

ابراهيم محمد٢٣ نوفمبر ٢٠١٤

كثر الحديث مؤخرا عن التعافي الاقتصادي في إمارة دبي، غير أن هذا التعافي ما يزال محدودا. كما أن نجاحه يتطلب إجراءات أقوى في مجال مكافحة الفساد وتحقيق المزيد من الشفافية.

https://p.dw.com/p/1DrhI
Dubai Expo 2020
صورة من: picture-alliance/dpa

ربيع عام 2007 وفي مقهى فاخر مطل على "بورصة دبي" أجاب رجل أعمال عربي ردا على سؤال حول رأيه في نموذج التنمية الذي تنتهجه إمارة دبي بالقول: "أريد ترك دبي والعودة إلى بيروت، الحياة هنا مريحة ومربحة، لكن لا يوجد بيئة اجتماعية وثقافية للاستقرار الطويل الأجل مع العائلة"، قال الرجل مضيفا: "أنت هنا في "قرية عالمية" تشهد طفرة أو فقاعة عقارية، وهذه الفقاعة تكبر بسرعة". كلام الرجل الذي بدا واثقا مما يقول أثار الاستغراب في أوساط المجموعة التي تحيط به من رجال أعمال وصحفيين، لاسيما وأن دبي كانت يومها قبلة للمستثمرين والسياح الذي استثمروا في عقاراتها عشرات المليارات من الدولارات.

في عام 2008 انهارت السوق العقارية في دبي وانفجرت الفقاعة على وقع الأزمة المالية العالمية. بعدها هرع المستثمرون لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أموالهم. يومها لم تتمكن شركة "دبي العالمية" والشركات الأخرى التابعة لحكومة الإمارة من طمأنة المستثمرين وتسديد أقساط الديون المترتبة عليها بقيمة زادت على 90 مليار دولار. وهو الأمر الذي قاد إلى مفاوضات طويلة لإعادة جدولة الديون وتأجيل سدادها. ولولا تدخل الأخ الأكبر "إمارة أبو ظبي" بضمانات ودعم زاد على 20 مليار دولار لشهدت إمارة دبي منذ ذلك سلسلة إفلاسات كان من الممكن أن تودي بأحلامها في لعب دور "هونغ كونغ الشرق الأوسط".

عودة محدودة للتعافي الاقتصادي

اليوم وبعد مرور ست سنوات على الأزمة كثر الحديث مؤخرا عن عودة التعافي الاقتصادي إلى الإمارة التي تغص بالعمارات والفنادق والمجمعات التجارية الفارهة. وتشير البيانات المتوفرة إلى ارتفاع حجم الصفقات العقارية خلال النصف الأول من العام الجاري بنسب تراوحت بين 25 و 38 بالمائة. وتم الإعلان عن خطط لتنفيذ مشروعات قيمتها 50 مليار دولار. كما يشهد قطاع النقل الجوي تطورا مضطردا. وحسب دراسة أعدتها شركة "أكسفورد إيكونومست"، فإن استمرار النمو السريع لهذا القطاع سيمكنه من تشكيل أكثر من ثلث الناتج المحلي الإجمالي للإمارة، أي حوالي 53 مليار دولار بحلول عام 2020. وهناك توقعات بتحقيق معدل نمو اقتصادي في الإمارة بحدود 5 بالمائة خلال العام الجاري.

مصير مجهول لجزر العالم التي توقف العمل فيها بعد اندلاع أزمة دبي المالية
مصير مجهول لجزر العالم التي توقف العمل فيها بعد اندلاع أزمة دبي الماليةصورة من: picture alliance/abaca

تعكس عودة التعافي ولو بشكل جزئي إلى إمارة دبي في كل الأحوال مرونة وكفاءة عالية في قدرة حكومتها وصناع القرار فيها على ابتكار مشاريع جديدة تجذب الاستثمارات بأحجام كبيرة رغم الركود الاقتصادي العالمي. وساعد هذا الابتكار في تحسين مستوى البنية التحتية وانجاز مشاريع جاذبة للسياحة والأعمال مثل مثل مطار دبي الجديد والمترو و"برج خليفة". غير أن الكثير من المحللين يميلون إلى الحذر من التفاؤل الشديد بعودة التعافي الاقتصادي في الإمارة التي ما تزال تضم الكثير من المشاريع العمرانية الخاوية والمتوقفة عند الهيكل كانعكاس لعدم توفر الأموال اللازمة لإكمال عمليتي بنائها وتجهيزها. ويثير بقاء هذه المشاريع على هذه الحال الخشية لدى المستثمرين من الإقدام على الاستثمار في العقار.

الإجراءات المطلوبة والمخاطر القائمة

وحسب المعطيات المتوفرة، فإن حجم الصفقات والأعمال عموما ما يزال متواضعا قياسا بالمستوى الذي كان عليه قبل الأزمة. في هذا السياق يرى خبير ومندوب إحدى الشركات الألمانية الكبيرة في الإمارات أنه من "الصعب استعادة التعافي الاقتصادي في الإٌمارة لأن مخاطر الاستثمار فيها ما تزال قائمة". ويرى الخبير بأن هذه المخاطر ما تزال كبيرة رغم خطوات قامت بها حكومة الإمارة خلال السنوات الست الماضية في مجالات الحد من المضاربات ومكافحة الفساد. غير أن هناك خطوات أكثر أهمية لا بد من اتخاذها من أجل استعادة ثقة المستثمرين بالإمارة كمركز رئيسي للتجارة والأعمال في منطقتي الشرق الأوسط ووسط آسيا وصولا إلى الهند.

قطاع النقل الجوي أبرز القطاعات نموا في دبي بعد الأزمة
قطاع النقل الجوي أبرز القطاعات نموا في دبي بعد الأزمةصورة من: Getty Images/Afp/Behrouz Mehri

ويبرز من بين هذه الخطوات استمرار تصحيح العلاقة التي يشوبها التشويش حتى الآن بين الحكومة والشركات التابعة أو شبه التابعة لها أمثال "دبي العالمية" و "نخيل". وفي هذا الإٌطار لا بد من توضيح التشابكات المالية لهذه الشركات مع الميزانية الحكومية بشكل يزيل التشويش الحاصل لدى المستثمرين حول العلاقة بين الطرفين. وتشكل القرارات المتعلقة بضبط إنفاق هذه الشركات خطوة هامة نحو تصحيح العلاقة المذكورة. وسيزيد من أهميتها تعزيز حملات مكافحة الفساد على أساس إصدار تشريعات إضافية لمواجهة الكسب غير المشروع والرشاوى التي تقف وراء الإنفاق على مشاريع يتم تمريرها دون رقابة كافية وقواعد بيانات صحيحة حول تكاليف إنجازها من جهة، والإيرادات المتوقعة منها من جهة أخرى.

غير أن مخاطر الاستثمار في دبي حاليا وفي المستقبل المنظور لا ترتبط، حسب الخبير الألماني، فقط بالفساد وضعف الشفافية، بل أيضا بالأجواء السياسية الملبدة بغيوم داكنة في عموم منطقة الشرق الأوسط، وهو الأمر الذي يضعف مقومات الاستقرار والاستثمار الطويل الأجل. كما أن دخول الإمارات بشكل متزايد على خط الأزمات السياسية في المنطقة قد يؤثر سلبيا على دورها الاقتصادي، لاسيما وأنها بقيت حتى فترة قريبة بعيدة عن الانخراط في لعبة هذه الأزمات.