1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

التدين لدى شباب لبنان - هرب من الصعوبات أم بحث عن هوية؟

شربل طانيوس – بيروت١٢ فبراير ٢٠١٣

يتميز لبنان بتنوعه الديني، الذي بدأ يتجلّى في الفترة الأخيرة مع انتشار ظاهرة التدين في صفوف شبابه. وتختلف الدوافع باختلاف الطوائف، لكن أغلبها يعكس مواقف سياسية واجتماعية ومخاوف معينة. DW وقفت على أبعاد هذه الظاهرة.

https://p.dw.com/p/17cpP
Jinane thinks religion is a personal choice and no one obliged her to be veiled  copyright: Jinane Saad (Bildrechte liegen vor) zugeliefert von: Chamselassil Ayari
صورة من: Jinane Saad

بدأت ظاهرة التدين في لبنان، وخاصة في صفوف الشباب، تتجلى أكثر فأكثر خلال الفترة الأخيرة، بل تأخذ أبعادا مختلفة وتصل في بعض الأحيان إلى التعصب. ولا تقتصر هذه الظاهرة على السنة والشيعة فحسب، بل تشمل أيضا الطوائف المسيحية. DW حاورت بعض الشباب اللبناني للوقوف عن دوافع تدينهم وأبعاد هذه الظاهرة التي يمتزج فيها الجانب الاجتماعي بالسياسي. 

"الدين في القلب وليس في الشكل"

ترى جنان، وهي ملتزمة دينيا من الطائفة الشيعية في جنوب لبنان، أن هناك توجهان متناقضان بين الشباب اللبناني: فهناك الذين يبالغون في إظهار تديّنهم، وآخرون يغالون في كره الدين والإلحاد. وتعتبر أن التديّن وعدمه أصبح أكثر وضوحاً في لبنان ممّا كان سابقاً. "أنا شخصياً من عائلة ملتزمة دينياً وبيئة تشجع على التقيّد بتعاليم الدين الإسلامي، لكني ألتزم بذلك انطلاقاً من قناعة شخصية ولم يأتِ أحد ليجبرني على ما أقوم به من شعائر أو ممارسات كارتداء الحجاب"، كما تقول.  لكنها تحذر من ربط السياسية بالدين، موضحة: "الأشخاص المتدينون يميلون للأحزاب المتشددة، لكني أعتقد أن تأييد رأي حزب سياسي لا يعني بالضرورة السير خلفه في الأمور الدينية، فيمكن لهذا الحزب أو ذاك أن يطلب من المؤيدين ارتداء لباس معيّن أو حضور فعالية ما، لكن ذلك لا يلزمني بتلبية طلبها تلقائياً." وتضيف جنان أن مظاهر التدين "لا تنم دائما عن التزام حقيقي بالدين، بل هي في أحيان كثيرة مجرد شكليات سطحيّة، وأن الشعائر الدينية تُقام في بعض الأحيان لأغراض سياسية". ولكن هذه الظاهرة عابرة بحسب رأيها.  

"التدين يعكس رغبة في الاحتكام إلى مبادئ وقيم معينة"

أما خالد الهبري، الذي ينحدر من عائلة سنيّة معتدلة تعيش في بيروت، فيوضح أن تشبثه بممارسة معتقداته يرجع إلى البيئة المسلمة المحافظة الذي ترعرع فيها. لكنه يرى أن بعضاً من أقرانه يعمل على ركوب هذه الموجة لغايات لا تمت للإسلام بصلة، مثلا لأغراض مالية أو سياسية. ويفسر خالد ظاهرة التدين لدى الشباب السني قائلا: "إن ذلك يأتي كردّة فعل على طغيان المنطق المادي في المجتمع المحلّي والحاجة للعودة إلى مبادئ وقيم معيّنة". ويضيف قائلا: "لكن هنا لا بد أن نفرّق بين التعصب الأعمى والإيمان، فالتطرّف يغذيه أيضاً الفقر، كما تزيد بعض وسائل الإعلام من مخاوف الطائفة السنية إزاء غيرها من الطوائف." ويعتقد خالد أن حالة الغليان التي تشهدها بعض الدول العربية ستنعكس عاجلاً أم آجلاً على لبنان. 

Khaled Al Habri, believes local sunni groups are promoting the return to religious practices zugeliefert von: Chamselassil Ayari
خالد الهبري يرى أن التدين يعكس حاجة الشباب إلى العودة إلى قيم إسلامية..صورة من: DW/C. Tanios

"مخاوف بعض المسيحيين من اندثار ثقافتهم في المنطقة"

في الجهة المسيحية يرى جورج، وهو من الطائفة المارونية، أن دوافع التديّن لدى الشباب المسيحي تختلف عن دوافع التديّن لدى الشباب المسلم. ويلاحظ جورج أن "هناك العديد من الجماعات الكنسية التي تستقطب الشباب المسيحي في لبنان"، وأن هذه الجماعات تدعو إلى "التشبث بالقيم والثبات في أرض الوطن والحفاظ على الإرث الديني والثقافي للمسيحيين المشرقيين". وهذا ما حفزه على التعمّق في معتقداته من خلال مشاركة منتظمة في مجموعة كنسية وممارسة الشعائر المسيحية يومياً. ويوضح جورج أن المسيحيين لا يشكلون سوى 40 بالمائة من سكان البلاد و"يعتبرون أن وضعهم في المنطقة ليس مستقرا"، لافتا إلى وجود مخاوف متزايدة على مستقبل الأقليات في الشرق الأوسط. ويضيف قائلا:"هذه الحالة شجعت البعض من الشباب على العودة إلى حضن الكنيسة والممارسات الدينية والتعمق في أمور المسيحية." لكنه يلاحظ في الوقت نفسه "تكوّن فكر متطرّف لدى بعض المسيحيين يدعو إلى الانغلاق والمغالاة وإنكار المعتقدات الأخرى." ويعزو هذه الظاهرة إلى "صعود تيارات سلفية وأصولية في الطرف المسلم خاصة في دول الربيع العربي". ويرى أن "بعض التيارات السياسية المسيحية تسعى إلى استغلال هؤلاء المتعصبين لتبرير أجندات سياسية بعيدة عن الدين المسيحي."

Main title: Patriarch Al Raei Divides Lebanese Christians Photo title: A church and A Mosque Side By side In Beirut Place and date: Beirut,Lebanon, September 19,2011
بعض المسحيين يخشون من اندثار ثقافتهم في الشرق الأوسط..صورة من: DW

الشباب والبحث عن الاستقرار والشعور بالانتماء

من جهته، يعتبر رياض عبيد، الخبير الاجتماعي، أن موضوع التديّن والتطرّف لدى شباب لبنان من المسلمين والمسيحيين أصبح أكثر وضوحاً هذه الأيام. وتأتي بحسب رأيه هذه الظاهرة "في ظل انحلال التماسك العائلي الذي تشهده بعض العائلات اللبنانية"، بالإضافة إلى "الهجرة المستمرة إلى الخارج والمشاكل التي تأتت من الوضع الاجتماعي للأسر". ويرى أن "المؤسسات الدينية هي ملجأ العديد من الشباب في الصعاب" وأن "الجماعات الإسلامية والمسيحية تستقطب الكثير من الذين يبحثون عن شيء من الاستقرار وحس الانتماء في ظل الصراع الطائفي الذي يعصف بالمنطقة". لكنه يحذر في الوقت نفسه من تنامي هذه الظاهرة، بحيث يقول:"التوجه الديني بأغلبه متطرف وغير منفتح على الديانات الأخرى، بمعنى أن هذه الظاهرة تقوي التعصب رغم تأكيد المسؤولين الروحيين على الحوار والاعتدال وعدم استثمار الدين في التجاذبات السياسية." ويؤكد الخبير الاجتماعي أن الشباب "يشكل النسبة الأكبر من المتطرفين"، مشيرا إلى أن "العمل الحزبي الديني منتشر لدى المسلمين"، في الوقت الذي "تشهد فيه الظاهرة ازديادا لدى المسيحيين".        

Social Expert Mr. Obeid says youth long for a sense of identity  zugeliefert von: Chamselassil Ayari
خالد العبيد يرى أن البعض من الشباب يبحث في الدين عن ملجأ من الصعوبات المختلفة..صورة من: DW/C. Tanios
تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات