1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

خوف الإيزيديين السوريين من المجهول

كمال شيخو- عفرين ٣ مارس ٢٠١٥

ذاق الإيزيديون في جبل سنجار بالعراق الأمرين الصيف الماضي وسمع العالم كله بالجرائم، التي ارتكبها تنظيم "الدولة الإسلامية" في حقهم. لكن ما هي أحوال الإيزيديين في سوريا وهل أوضاعهم أفضل؟

https://p.dw.com/p/1Ejxf
Jesiden in Syrien Afrin
صورة من: DW/K. Sheikho

في نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر من عام 2012 تعرضت قرية قسطل جندو، والتي يدين سكانها بالإيزيدية، لهجوم عسكري بعد سيطرة تشكيلات من الجيش الحر على مدينة أعزاز المجاورة لها. ويروي سكان القرية القريبة من مدينة عفرين أن عناصر الجيش الحر استهدفوها بحجة اعتناقهم ديناً غير الدين الإسلامي.

بيمان وهي سيدة في عقدها السادس من قرية قسطل جندو، قالت لـ DW عربية: "وقتها دعوا أهالي القرية الى اعتناق دين الاسلام وترك ديننا الإيزيدي"، وأضافت: "كانت المرة الأولى في تاريخنا، التي يحمل فيها الرجال والفتية السلاح ليصدوا هجوم هؤلاء الغرباء".

وبعد عام من الحادثة، سيطر تنظيم "داعش" على مدينة أعزاز وشن عدة هجمات على قرية قسطل جندو وقرى إيزيدية مجاورة بحجة "محاربة الكفار".

ويتوزع انتشار الإيزيديين في سوريا بمدينتي الحسكة وعفرين، ويقدر عدد المتبقين منهم بحوالي عشرة آلاف نسمة، يسكن غالبيتهم القرى والجبال. والإيزيدية ديانة قديمة نشأت في بلاد ما بين النهرين منذ أكثر من أربعة آلاف عام، تتصل جذورها بالزردشتية وتأثرت طقوسها بمحطيها الإسلامي والمسيحي.

مصير مشابه

إثر الهجوم الذي شنه عناصر تنظيم "داعش" صيف العام الماضي على مناطق الإيزيديين في جبل سنجار شمال العراق، شُرّد عشرات الآلاف من أتباع الديانة وحوصر الآلاف منهم عدة أشهر، فيما تعرض آخرون إلى مذابح جماعية وظل مصير الكثير مجهولاً إلى الآن.

Jesiden in Syrien Afrin
السيدة بيمان: لأول مرة يحمل رجالنا السلاح لصد هجوم الغرباءصورة من: DW/K. Sheikho

قبل أيام وصلت أخيراً هيفيدار، وهي ايزيدية، من جبل سنجار إلى مدينة عفرين. فرت من قبضة التنظيم في الرقة بعد أن أجبرت على الزواج من أحد مقاتليه. فضلت بدايةً عدم رواية قصتها، ولكن سرعان ما تحدثت وبدأت كلامها بصوت مثقل بالهموم وقالت: "صيف العام الماضي خطفني تنظيم "داعش" وباعوني في إحدى أسواق السبي، حيث قاموا بفرز النسوة حسب أعمارهن وبعدها فُصلت المتزوجات عن الفتيات، ومن معها طفل عن اللاتي لديهن أكثر من طفل".

هيفيدار تذكرت تلك الأيام واللحظات العصيبة التي مرت بها، وأعربت لـ DW عربية عن قلقها: "لن أنسى تلك اللحظات ما حييت"، وتابعت: "جاؤوا بي إلى مدينة الرقة، وأجبروني على الزواج من مقاتل سعودي الجنسية". هيفيدار متزوجة ولديها طفلة ولا تعلم شيئاً عن مصير أسرتها وذويها منذ ذاك الوقت. وكان السعودي متزوجاً من غيرها لتقدم لها المساعدة: "توسلت لزوجته الأولى والتي أشفقت علي لأنني متزوجة ولدي طفلة، فقامت بمساعدتي بالهرب خارج الرقة"، ونجحت بالوصول الى المنطقة الكردية بمدينة حلب، ومن هناك جاءت الى مدينة عفرين لتسكن مع عائلة إيزيدية.

خطر التنظيمات الجهادية

يستشعر إيزيديو مدينة عفرين خطورة تنامي التنظيمات المتطرفة سيما تنظيمي "داعش" والنصرة. وعبرت نسرين عيسى، وهي مدرسة الديانة الإيزيديية في مدينة عفرين، عن حزنها لما لقيه أبناء جلدتها في شمال العراق وقالت: "أدركت أن الشر أقوى من الخير، ولكنه لن يغلب الخير أبداً"، وتؤمن نسرين أن العالم تحكمه قوتان: الأولى قوة الخير والثانية قوة الشر، ولفتت قائلة "هاتان القوتان تتجاذبان الإنسان في حياته، فإن اتبع أعمال القوة الأولى وعمل عملاً صالحاً وطهر بدنه فـقد أخزى إله الشر واستحق الأجر والثواب من الله"، حسب معتقداتهم الدينية.

Jesiden in Syrien Afrin Nisreen Isa
نسرين عيسى أخفت ديانتها لسنواتصورة من: DW/K. Sheikho

نسرين أخفت ديانتها وانتماءها القومي طيلة سنوات دراستها الجامعية في مدينة حلب، لتعرف بنفسها على أنها (عربية مسلمة)، وفي مقابلتها مع DW أشارت "قبل الثورة كنت أخشى أن يفتضح أمري، لم أظهر أي شيء يتعلق بطقوسنا، كانت لي صديقتان من المقربات جداً وكانتا الوحيدتين اللتين تعلمان ديني وأصلي".

نسرين رفضت التعريف عن نفسها بأنها إيزيدية أو كردية وقالت "أنا إنسانة، وأجمع الصفتين"، أصبحت مدرسة تُدرس مادة الديانة الإيزيدية للطلاب الإيزيديين والتي بدأت تدرّس رسمياً هذا العام في مدينة عفرين.

بدورها أكدت آيتان شيخ عيسى، نائبة رئيس هيئة التربية والتعليم في مقاطعة عفرين، أن "الهيئة وبالتنسيق مع الجمعية الإيزيدية يحضرون لإدخال مادة الديانة الإيزيدية ليتم تعليمها في مدارس 11 قرية فيها مواطنون من المكون الإيزيدي إضافة إلى مدرستين في مركز المدينة".

جمعية الإيزيديين

للمرة الاولى في تاريخهم، افتتح أتباع الديانة الإيزيدية في مدينة عفرين جمعية خاصة بهم، في محاولة منهم للتعريف بهويتهم الدينية ونقل مأساتهم ومعاناتهم خلال العقود الماضية.

ووصف مصطفى علي شان نبو رئيس (جمعية الإيزيديين في غرب كردستان) لدى حديثه مع DW عربية أنّ "مشهد شنغال هو تكرار لما عانيناه طيلة عقود خلت"، مضيفاً "لم يراودني الشك يوماً بانتمائي الديني"، وأضاف "ديننا دين تسامح ومحبة يدعو للسلام، لم نحارب أحداً ولم نعتد على أحد، نرغب في العيش بأمان". وأكد رئيس الجمعية أن "هنالك 20 قرية يسكنها الإيزيديون في عفرين، البعض منها ذو غالبية إيزيدية، وقرى أخرى مختلطة فيها أكراد مسلمون وأخرى فيها أكراد إيزيديون".

Jesiden in Syrien Afrin Mustafa Ali Shan Nebo
مصطفى على شان: ديننا دين تسامح ومحبة ويدعو للسلامصورة من: DW/K. Sheikho

بدوره، أكد رجل الدين الإيزيدي بيير شامو لـ DW عربية ان "أتباع الديانة كانوا يخضعون للمحاكم الشرعية الإسلامية في سوريا دون إرادتهم، ولا يملكون محاكم شرعية أو دينية خاصة بهم"، كما لم يسمح لهم أن يتبعوا المحاكم المدنية في قضاياهم الدينية.

ويشغل شامو منصب نائب رئيس هيئة الشؤون الدينية في الإدارة الذاتية بمقاطعة عفرين، واستخلص كلامه قائلاً: "اليوم هناك محكمة وجمعية ومدرسة خاصة بنا، نستطيع التعبير عن انتمائنا الديني دون أي خوف أو رقابة".

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد