1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ماذا يريد المثقفون المصريون من الدستور الجديد؟

١٢ أبريل ٢٠١٢

صدر مؤخراً حكم قضائي بإبطال عمل اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور المصري، التي تهيمن عليها القوى الإسلامية، ما يعتبر أحد الانتصارات القليلة للقوى المدنية بعد الثورة. لكن ما الذي يريده المثقفون من الدستور الجديد للبلاد؟

https://p.dw.com/p/14cRN
صورة من: DW

أصدرت محكمة القضاء الإداري في مصر مؤخراً حكماً ببطلان تأسيس اللجنة التأسيسية للدستور، التي يسيطر عليها التيار الإسلامي، ممثلاً بجماعة الإخوان المسلمين والحركة السلفية. هذا الحكم كان نتاجاً لصراع مثقفين كثيرين ضد اللجنة التأسيسية، وانسحاب عدد من القوى المدنية احتجاجاً على ما وصفوه بانفراد التيارات الإسلامية بصياغة الدستور.

هذا الصراع سبقته وقفة احتجاجية أقامها المثقفون في ميدان طلعت حرب بوسط القاهرة، وانطلقت من دار ميريت للنشر. وحمل عدد من الكتاب والمؤلفين المصريين خلال هذه الوقفة لوحة لواحد من الرموز المصرية، مثل طه حسين، والإمام محمد عبده، والقمص سرجيوس، وحتى الممثلتين هند عاكف وهدى سلطان. وفي صبيحة اليوم التالي صدر حكم المحكمة بإبطال عمل اللجنة.

مع هذا فإن معركة الدستور لم يتم حسمها بعد، ويبدو أنها ستستمر وتتصاعد، مع احتجاجات كل من الإسلاميين والقوى المدنية على تأسيس اللجنة ومدى تمثيل كل تيار فيها. لكن ماذا يريد المثقفون من الدستور الجديد؟ هذا هو السؤال الإشكالي.

Ägyptens Intellektuelle und die neue Verfassung
الناشطة وفاء هيكلصورة من: DW

لا فرق بين الإسلاميين والعسكر

الروائية مي التلمساني، صاحبة مبادرة "مصر دولة مدنية"، شاركت في الوقفة. وتقول التلمساني لـDW عربية: "وضعت بياناً في فبراير/ شباط من العام الماضي وقع عليه مئات من المثقفين. البيان كان يطالب بإلغاء المادة الثانية من الدستور، التي تنص على أن الإسلام هو دين الدولة. أنا مهتمة بتغيير الدستور ليتوافق مع الدولة المدنية الحديثة، وألا يسيطر على اللجنة التأسيسية لصياغته فصيل مثل التيار الإسلامي".

لا تعني قلة عدد المثقفين المصريين بالضرورة استبعادهم من اللجنة، فالدستور، كما تضيف التلمساني، لا يكتبه 85 مليون مواطناً مصرياً، وإنما عدد بسيط من المثقفين وأساتذة القانون، ولابد أن تكون جميع اتجاهات وطوائف الشعب المصري ممثلة فيه.

لكن هل الاعتراض بالأساس هو على انفراد الإسلاميين بكتابته، أم أنه يتعلق بالمجلس العسكري؟ ترى مي التلمساني أن الدولة العسكرية أثبتت فشلها طيلة الستين عاماً الماضية، إلا أنها لا ترى اختلافاً بين المجلس والإسلاميين، مضيفة أن "هناك تواطئاً بين الاثنين قبل تنحي (حسني) مبارك. هذان الفصيلان يمارسان دكتاتورية – واحدة معلنة والأخرى أيديولوجية، ولن يسمحا لمصر بأن تصبح دولة مدنية حديثة ... الدستور لن يؤثر على المجتمع فوراً. لكن هناك من سيستخدمونه لأغراضهم، ولو كنا في في ظل دستور يقوم على أسلمة أو عسكرة المجتمع فلا أمل في إصلاح التعليم أو الاقتصاد".

معركة واحدة من معارك كثيرة

أما الروائي محمود الورداني فيرى أن معركة الدستور هي واحدة من معارك أخرى تنتظر المثقفين والقوى المدنية، وحسمها سيؤثر على سير سائر المعارك. كما يعتبر الورداني أن مشكلة الدستور الذي يكتبه الإسلاميون تتعلق أساساً بالحريات، فالاقتصاد لن يتغير على الأقل في الفترة القادمة، لكن معركة الحريات هي ما يمكن حسمها.

وحول المجلس العسكري، يعتقد محمود الورداني أن "الإخوان سيكتبون دستوراً يرضي المجلس العسكري، ويطلقون يده كي يعيث في البلاد فساداً ويترك البلد لكي تسيطر عليها الاتجاهات الدينية". وبالنسبة للورداني، فإن تأثير المثقفين ليس عددياً، بل يتعلق بانتشارهم وتأثيرهم، فالمثقفون لم يكونوا كثيرين في أي حركة، ورغم ذلك فقد كانوا ذوي تأثير على الدوام، بحسب ما صرح لـDW عربية.

من جانبه، يعتبر الناقد الأدبي محمد بدوي أن "قيمة الدستور الحقيقية هي أن يكون معبراً عن الواقع. إذا كتبت في الدستور أفضل كلام لكنه مستحيل التطبيق على الأرض، فلن يصبح إلا مجرد ورقة"، مضيفاً أن الدستور سيسقط إذا تمت صياغته بالطريقة التي يريدها الإسلاميون، لكن بعد دفع ثمن باهظ.

Beschreibung: Schriftsteller Bahaa Taher demonstriert für eine Verfassung, die alle Ägypter repräsentiert. Rechte: Nael Eltoukhy (DW Korrespondent in Ägypten), 09.04.2012
الروائي المصري بهاء طاهرصورة من: DW

دستور يضمن قبول الآخر كما هو

هذا ويتوقع بدوي أن سقوط الدستور سيكون نتيجة للفرز السياسي، أي بعد ظهور قوى سياسية على الأرض – بعد عدة سنوات – تقوم بإسقاط الدستور إما عن طريق عمل سياسي حاسم، أو اللجوء إلى الطريقة التقليدية، وهي أن يكون هناك دستور مكتوب ومعلن، ودستور آخر واقعي يتعامل به الناس في الشارع.

وفيما يتعلق بقدرة المثقفين على حسم هذه المعركة لصالحهم، يشير الناقد محمد بدوي إلى أنه ليس "مع تقسيم بين نوعية المثقفين والنخبة. أنا أرى أن هناك انقساماً بين المثقفين. هناك مثقفون قضيتهم الحقيقية هي الحرية، ومثقفون قضيتهم الأساسية معادية للحرية حتى لو تشدقوا بها. كثير من الدعاة التقليديين لدولة الاستبداد في الثلاثين عاماً الماضية كانوا هم أكثر من استخدموا كلمات المعرفة والحرية".

ويردف بدوي بالقول إن "أي دستور في النهاية هو صياغة لوعي مجموعة من السكان بأنفسهم وبموقعهم وبقدرتهم على النظر إلى الأمام. هناك احتياج لتحديد العلاقة بين المواطن والمؤسسة الدينية، وبين المواطن والمؤسسة العسكرية، وبين المواطن والمواطن الآخر. المسلم في مصر يرفض المسيحي، والمسيحي يرفض البهائي والبهائي يرفض اللاديني. يجب قبول الآخر، ليس الآخر الخارجي فحسب وإنما الداخلي أيضاً. يجب أن يعتاد المصري على وجود مسلم أو مسيحي يتحول للبهائية دون أن يثير هذا جدلاً. وكل هذا يجب أن يكون مشمولاً في الدستور".

نائل الطوخي – القاهرة

مراجعة: ياسر أبو معيلق