1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

شيعة العراق: مع العرب أم مع إيران؟

٢٧ يناير ٢٠١٢

تغيير توازن القوى في العراق عام 2003 فتح الباب للشيعة وهم الأغلبية لتولي السلطة في بلد كان يتولاها فيه الربع السني على امتداد عمر الدولة. المحيط العربي يرفض هذا الواقع ويعتبر الشيعة امتداداً إيرانياً في منطقة نفوذ تركية.

https://p.dw.com/p/13rmd
العتبات الشيعية المقدسة في كربلاءصورة من: picture-alliance / dpa

تعيش المنطقة العربية وجوارها حالة من استقطاب الطائفي الكبير، وصارت المواقف السياسية في الغالب تحسب على أسس طائفية. العراق أكثر من غيره تأثراً بسياسات الطوائف التي تعم المنطقة، لأنه يضم أكثر من مكون مذهبي، والمقصود هنا المكونات الطائفية الكبرى في البلد: السنة والشيعة.

على حدود العراق الشرقية تقع أكبر دولة شيعية في العالم وهي إيران، التي كانت عاصمتها (طيسفون- المدائن بالتسمية العربية) تقع على بعد 30 كلم جنوب العاصمة العراقية الحالية بغداد. كما تقع على حدوده الشمالية تركيا وهي بقية الإمبراطورية العثمانية وأكبر دولة سنية في العالم، وكان العراق في ولاياته الثلاث (البصرة وبغداد والموصل) جزءا منها حتى الربع الأول من القرن العشرين. إضافة إلى أن حدوده الجنوبية تمتد أكثر من 800 كلم مع المملكة العربية السعودية، وهي أكبر دولة سلفية في العالم ودأبت الحركة الوهابية فيها على مدى 200 عام على الإغارة على المدن الشيعية المقدسة (كربلاء والنجف والكوفة) جنوب العراق وقتل أهلها ونهب ممتلكاتهم وإحراق وتدمير معالمها. وفي كل ذلك لا يملك العراق إلا أن يتأثر بهذا المحيط المذهبي المتنوع، وقد يؤثر فيه أيضاً.

رجال السياسية ومحللوها ورجال الدين في القنوات الإعلامية المتنوعة ما فتئوا يقولون إن ولاء شيعة العراق ليس لبلدهم بل لإيران، داعمين أقوالهم بالحجة والبرهان، فيما يمتلك شيعة العراق إجابات عن هذه الاتهامات وفي طليعتها أن العراق هو مهد التشيع وليس إيران التي دخلها المذهب متأخراً في العهد الصفوي في القرن الخامس عشر ميلادي، فكيف يدين شيعة العراق لإيران بالولاء؟

الرئيس المصري السابق حسني مبارك عبّر عن مشاعر العرب بهذا الخصوص صراحة عام 2006 حين قال إن ولاء الشيعة لإيران وليس لأوطانهم، لكن النخبة السياسية في مصر اليوم وبعد عام على سقوط مبارك تردد نفس هذا الكلام. في تفسير ذلك تحدث الصحفي المصري علي عبد العال إلى مايكروفون مجلة العراق اليوم من DW عربية من مكتبه في القاهرة مشيراً إلى" أن هذه الأحكام جاءت بسبب تراكم كثير من الأحداث التي شهدتها المنطقة خلال الأعوام الأخيرة، خاصة في أعقاب الغزو الأمريكي لأفغانستان والعراق. وقد سمعنا الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي يعترف ويقول إن بلاده كان لها دور كبير في دخول القوات الأمريكية لأفغانستان وسيطرتها على هذا البلد. وشاهد العالم أجمع حجم التدخل الإيراني في العراق عقب الاحتلال الأمريكي، ورأى العالم أيضاً كيف خرجت أمريكا من هذه الدولة العربية وتركت إيران تحتلها، والجميع يعلم أن العراق بكل ثرواته ومقدراته في أيدي إيران الآن".

NO FLASH Iran Ayatollah Ali Khamenei
الخامنئي بين قادة جيشه: هل ثم مشروع امبراطوري؟صورة من: farsi.iranbriefing.net

"إيران تبني الإمبراطورية الشيعية"

وفي معرض تحليله للدور الإيراني في عموم المنطقة العربية ذهب الصحفي المصري إلى أن "المواطن العربي يتذكر التدخل الإيراني في لبنان ودعمها لحزب الله إلى حد جعله يكون دولة داخل الدولة، كما يتذكر المواطن العربي الجزر الإماراتية الثلاث، ويتذكر دعم إيران للحوثيين في اليمن، ولا ينسى الأقاويل الإيرانية بأن البحرين تابعة لإيران، كل هذا يقع اليوم في خلفية ما يقال في العالم العربي ويفسره بشكل واقعي، وهي في النهاية معطيات واقعية لا يستطيع أحد إنكارها".

ويعتبر كثير من المنظّرين والإعلاميين والباحثين أن الشيعة عموما يتحركون بشكل متناغم مع السياسة الإيرانية، ويستجيبون لأهداف هذه السياسة أكثر من استجابتهم لسياسات الدول التي يسكنون فيها. علي عبد العال يقول في هذا السياق: "إيران تعمل الآن وفي وعيها التام بناء إمبراطورية شيعية على حساب العديد من دول المنطقة، بل وما يتعدى هذه الدول، فهم ينفقون أموالا طائلة في أفريقيا، وعندنا في مصر أحزاب ممولة من إيران، وهي ليست أحزاب شيعية ولكن هناك رغبة كبيرة في خلق أحزاب داعمة لإيران في الدول العربية مما يسهل عملية التشيع".

ودخل الحوار الخبير في الشؤون الشيعية الكاتب الدكتور طالب الصراف معتبراً أن "ما قاله الصحفي عبد العال يدخل في حساب رأي النخب السياسية العربية، وهذا لا يمثل رأي الشارع، كما أن رأي الشارع لا يعتد به لأنه مسيّس حسب مقولة الإمام علي التي مفادها أن الشارع يعبر عن رأي "الهمج الرعاع".

"علماء الشيعة في العراق لا يقرون مبدأ ولاية الفقيه المطلقة"

طالب الصراف دافع عن موقف إيران مشيراً إلى " أن إيران مقارنة بتركيا حافظت على الحرف العربي في لغتها، وإيران هي التي أطاحت بالشاه، وهي التي فتحت سفارة للفلسطينيين في طهران، وهي تقف اليوم مع أبناء غزة، وإيران هي التي وقفت وتقف أمام الاحتلال الأمريكي الذي أشار إليه علي عبد العال، ونرى اليوم حجم التهديدات التي تتعرض لها هذه الدولة بسبب برنامجها النووي. أما قضية الجزر المتنازع عليها فهذه قضية بين إيران وبين دولة الإمارات ولا علاقة للآخرين بها".

Demonstration in Basra
شيعة العراق يقفون خلف مرجعيتهم ، الصورة آية الله العظمى علي السيستاني- المرجع الشيعي الاعلى في العالمصورة من: AP

وعرض الصفار دور المرجعية الشيعية في السياسة مشيراً إلى "أن كل من يقول إن المرجعية الشيعية لا تتدخل في السياسة جاهل، وأتساءل إن لم تكن المرجعية تتدخل في السياسة فلماذا يحرص القادة السياسيون الأجانب الذين يزورون العراق والساسة العراقيون على زيارة المرجعية في النجف وأخذ رأيها في الأمور السياسية؟".

لكن الاتصالات التي انهالت على البرنامج لم تتفق مع ما ذهب إليه ضيفا البرنامج، فالمستمع علي في اتصال من البصرة أشار إلى أن "التدخل الإيراني في العراق ليس وليد هذه اللحظة، بل كان موجوداً في زمن الشاه، بل إننا كشيعة عراقيين اتهمنا مرارا بأننا موالون لإيران، ونحن بعيدون كل البعد عن هذا الفهم، ولم يصدر عن حكومة العراق أي توضيح لحجم النفوذ الإيراني، بل أن اغلب الأسلحة المهربة إلى العراق كتب عليها (ساخت إيران- صنع في إيران)، إيران تتدخل في الشأن العراقي بشكل سلبي".

فيما ذهب أبو نور متصلاً من البصرة إلى "أن اتهام شيعة العراق بالولاء لمبدأ ولاية الفقيه الذي يقوم عليه النظام السياسي في إيران غير صحيح بل أن بعض علماء الشيعة وكلهم في العراق لا يقرون مبدأ ولاية الفقيه المطلقة. ويرون أنها ولاية حسبية، بمعنى أن الولاية المطلقة حق مكفول للإمام المعصوم حصراً، والعراقيون ليس عندهم أي ارتباط سياسي بولاية الفقيه القائمة في إيران، لكن يوجد ارتباط عقائدي مع شيعة إيران، والفرق كبير بين المعنيين. في المقابل نشاهد كثيراً من السلفيين في العالم مرتبطين بالسعودية، وهذا لا يعني ارتباطاً سياسياً، بل يعني ارتباطاً مذهبياً بالسلفية الوهابية القائمة في السعودية".

"لماذا تتناغم مواقف الشيعة عبر العالم مع إيران؟"

يأخذ الجانب السني على الشيعة وجود حالة تناغم في المواقف بينهم على مستوى العالم يصب في النهاية في البوتقة الإيرانية، فيما يرى البعض أن الشيعة بعديدهم يمثلون أقلية في الإسلام، وبالتالي فإن من الطبيعي أن تحتشد الأقلية لدعم مواقفها أمام الأغلبية ولتحافظ على تكوينها. لكن الصحفي المصري علي عبد العال ذهب إلى إن المراقب لا يعرف نوايا الأفراد لكنه يقيس الأمور بموجب المعطيات المتوفرة" ما نراه على الأرض الآن أن نظام بشار الأسد في سوريا في ظل القتل والتدمير الجاري في هذا البلد لا يجد من يدعمه سوى النظام الإيراني. وإيران التي تقر أن ما يحدث في تونس ومصر وليبيا هو جزء من ثورات الربيع العربي، ترفض في الوقت نفسه أن تعتبر ما يجري في سوريا جزءا من هذه الثورات. وهي تدعم نظام الأسد بكل قوتها لأنها تعلم مدى ولاء النظام العلوي في دمشق لها، وأن سقوطه سيفقدها حليفا قويا في المنطقة العربية".

Ägypten Journalist Ali Abdelaal
الصحفي المصري علي عبد العالصورة من: Ali Abdelaal

أبو أحمد في اتصال من الموصل أشار إلى أن "شيعة العراق هم عرب وهم إخوان لنا في الوطن والقومية، لكنهم لم يجدوا صدراً دافئاً عطوفاً عربياً يرتمون إليه، ولم تفتح الدول العربية لهم الباب، فكانت إيران هي الدولة الوحيدة التي احتضنتهم وفتحت لهم الأبواب. أما التدخل السافر الإيراني والتركي في الشؤون العراقية فسببه السياسيون العراقيون أنفسهم".

علي عبد العال رد على الاتصالات التي قارنت التدخل التركي في العراق بالتدخل الإيراني، معتبراً المقارنة غير عادلة "فالحكومة العراقية والأحزاب الحاكمة والميلشيات المسلحة ومنها منظمة بدر مدعومة بالكامل من إيران، وهذا لا يوازي تصريحاً صغيراً أطلقه مسؤول تركي يعبر فيه عن قلقه على سنة العراق، ومن يقول إن العرب أداروا ظهورهم لشيعة العراق في محنتهم ينسى أن الأنظمة الحاكمة التي سقط بعضها ويتهاوى البعض الأخر اليوم هي من فعلت ذلك وهي كانت تتجاهل كل مشاكل الشعوب العربية".

ملهم الملائكة

مراجعة: عماد غانم