1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هل تنقرض البطاقات البريدية بسبب "السيلفي"؟

سيلكه فينش/ سميح عامري١١ أغسطس ٢٠١٤

يغزو سيل هائل من صور "السيلفي" مواقع التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة بشكل لافت. خاصة على شواطئ البحر، فصارت صور "السيلفي" كأنها بطاقات بريدية رقمية. فهل يعني ذلك أن البطاقات البريدية المكتوبة بخط اليد ستنقرض قريبا؟

https://p.dw.com/p/1CrcA
Plan B Postkarte Italien 3

كانت المفكرة المليئة بعناوين الأهل والأصدقاء لا تفارق صاحبها إطلاقا، خاصة إذا سافر لقضاء العطلة، وحالما يصل وجهته السياحية، إلا وأخرجها وتمعن فيها لكتابة بطاقات بريدية في إحدى المقاهي المترامية على الكورنيش قصد إرسالها فيما بعد إلى الأهل والأصحاب. وبالرغم من أن إرسال البطاقات بالبريد كان يستغرق دهرا كاملا، إلا أن البطاقات البريدية تبقى صناعة مميزة و فنا بحد ذاتها، فالعثور على مناطق مذهلة والتفتيش عن زوايا مميزة لإخراجها في قالب جذاب، ليست بمهمة سهلة إطلاقا للمصورين الفوتوغرافيين ومصممي البطاقات البريدية. وأثناء رحلتي الأخيرة إلى اليونان، قررت شراء العشرات من بطاقات البريد، لأن كل واحدة كانت بمثابة لوحة فنية نادرة وقمت بإرسال البعض منها بالبريد إلى الأهل، حتى لا يفوتوا فرصة التمتع بجمال تلك المناظر الخلابة. ولكن مؤخرا حدث ما لم يكن في الحسبان، فأثناء ما كنت أستعد لكتابة آخر ما تبقى لدي من بطاقات بريدية، لم أجد فجأة الكلمات التي كنت راغبة في كتابتها، فقررت أن أتبع ما يفعله الجميع هذه الأيام...

قمت إذا بالتقاط صورة بالهاتف النقال وأضفت بفضل تطبيق معالجة الصور بعض التأثيرات حتى يغدو لون البحر أكثر زرقة مما هو عليه ثم كتبت مقولة صغيرة تلخص الوضع عندي وبنقرة أصبع واحدة أرسلتها لتكتسح عالم الفيسبوك الفسيح. أليس هذا بشيء رائع؟ فبفضل مزايا الإنترنيت و"الهواتف النقالة"... عفوا، أقصد الهواتف الذكية والآيفوانات. أصبح الأمر في غاية السهولة. إذا حان الوقت أخيرا لتوديع عملية البحث الدقيق عن العناوين المتداخلة والمخبأة بين صفحات المفكرة و وداعا للتخمين المطول عن الكلمات والتحيات. نقرة واحدة على شاشة الهاتف الذكي كافية لإيصال رسالة واضحة وبسيطة: ها أنا هنا وهذا هو المشهد أمامي الآن وإليكم إحساسي في كلمات، وهكذا يمكن لأي كان أن يطمئن على أحوالي وأن يعرف أن الشمس عندي مشرقة وأستمتع بإجازتي في أحسن الظروف.

Selfie Urlaub
صورة من: william87/Fotolia

قطعة من الورق المزركش

بعد انتهاء عطلتي في اليونان، عدت للبيت لأجد بطاقات بريد مزركشة ومختومة بطابع بريدي تنتظرني في صندوق البريد. بالكاد استطعت قراءة البطاقة الأولى لأن الحبر قد اختفى بعض الشيء، ولكن على الأقل أمكن لي قراءة الأسطر الأخيرة: "أطيب التحيات من اسبانيا، صديقتك ماني"، أما البطاقة الثانية فكانت مقتضبة جدا من صديقتي بيترا التي قضت أيضا إجازتها في اليونان إذ كتبت: "الأجواء ممتعة هنا كالمعتاد، سأشرب اليوم على نخبك كأسا من العرق، بصحتك". غمرني بعد ذلك إحساس رائع، فصديقاتي بيترا وماني أخذتا الوقت والجهد ليبعثا لي بتحية خاصة، لي أنا شخصيا فقط وليس إلى عموم الشركاء على الفيسبوك.

في كل مرة تلقيت فيها بطاقة بريدية من أحد الأصحاب، كانت الفرحة كبيرة، ولكن في نفس الوقت يصطحبني شعور بالخجل، لأني أعتدت في الأثناء أن أبلغهم السلام عبر العالم الرقمي دون حصر لفئة أو ذكر أحد معين. كل واحد منهم حر في أن يتفاعل أو لا مع الصورة، إما بإضافة تعليق أو "لايك". ويجب القول حقيقة بأن صور "السيلفي" ستختفي من "الجدار الفيسبوكي" لكثرة انتشار البوستات هناك، طال الزمن أو قصر. أما البطاقة البريدية المكتوبة بخط اليد فتبقى كنزا خالدا، إذ بإمكاني الاحتفاظ بها قدر ما شئت، سواء تلك التي وصلتني من هضاب النمسا الرومانسية أو شواطئ مايوركا الدافئة أو جبال التيبت العظيمة، أو ربما أجملها كانت بطاقة قديمة لخليج الريفيرا الرائع أرسلها لي ابني عندما كان صغيرا أثناء زيارة عمته في إيطاليا، وكتب آنذاك: "أمي العزيزة، لقد تعلمت كتابة الحروف الأبجدية وأردت أن تعرفي ذلك: أ، ب، ت، ث، ج، ح، خ،....، قبلاتي الحارة."

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد