1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مصير الرهائن - الهجوم الإسرائيلي على رفح يؤجج غضب المتظاهرين

تانيا كريمر
١٤ مايو ٢٠٢٤

بينما كان الإسرائيليون يستعدون للاحتفال بيوم الاستقلال، بدا صبر المتظاهرين المطالبين بالإفراج عن الرهائن وإجراء انتخابات جديدة في طريقه للنفاد. ويبدو أن المحادثات وصلت إلى طريق مسدود مع تسارع وتيرة الهجوم على رفح.

https://p.dw.com/p/4fqDP
احتجاج في القدس أمام المقر الرسمي لرئيس الوزراء (السبت 11 مايو/ أيار 2024). المتظاهرون الإسرائيليون يطالبون بالإفراج عن الرهائن المحتجزين في غزة.
احتجاج في القدس أمام المقر الرسمي لرئيس الوزراء (السبت 11 مايو/ أيار 2024). المتظاهرون الإسرائيليون يطالبون بالإفراج عن الرهائن المحتجزين في غزة. صورة من: Tania Kraemer/DW

خلال الاحتجاج الأسبوعي في مدينة القدس، قام عاموس سيفيدالي بتوزيع شريط لاصق صغير، بين المتظاهرين، كُتب عليه الرقم 218. ويمثل هذا الرقم عدد الأيام التي مرت منذ احتجاز الرهائن في غزة من قبل حماس والجماعات المسلحة الأخرى، منذ الهجمات الإرهابية في 7 أكتوبر/ تشرين الأول، ويقدر عدد من تبقى منهم في غزة بنحو 128 رهينة.

سيفيدالي، هو أحد الذين يشاركون بانتظام في تلك الاحتجاجات، وقال لـ DW: "ليس لدي ثقة كبيرة في الحكومة ونخشى أنهم لا يفعلون ما يكفي لإعادتهم إلى وطنهم".

مثله تمامًا، خرج آلاف  الإسرائيليين إلى الشوارع في جميع أنحاء البلاد، ليلة السبت الماضي، للمطالبة بإبرام صفقة الرهائن وإجراء انتخابات جديدة، لكن المزاج العام بات قاتما نهاية الأسبوع الماضي، قبل يوم من إحياء إسرائيل الذكرى السنوية للجنود القتلى عبر تاريخها.

وبعد مرور أكثر من سبعة أشهر، أسفرت الحرب في غزة عن مقتل ما لا يقل عن 35 ألف فلسطيني، بحسب حصيلة للسلطات الصحية التابعة لحماس في القطاع، فيما أفاد الجيش الإسرائيلي بمقتل حوالي 1600 إسرائيلي، معظمهم من المدنيين قُتلوا في هجوم السابع من أكتوبر، بما في ذلك 620 جنديا.

انهيار مفاوضات وقف إطلاق النار

وجاءت مشاركة سيفيدالي في الاحتجاجات بعد أيام قليلة من انهيار آمال قرب إبرام صفقة وقف القتال وإطلاق سراح الرهائن في القاهرة، على وقع شن الجيش الإسرائيلي هجوما بريا على رفح في جنوب غزة  وتجدد قصف شمال غزة. ورداً على ذلك، أطلقت حماس وجماعات مسلحة أخرى صواريخ على جنوب إسرائيل، وبدت وكأنها بعيدة كل البعد عن الهزيمة.

يطالب متظاهرون في إسرائيل بإجراء انتخابات جديدة في البلاد (11 مايو/ أيار 2024)
يطالب متظاهرون في إسرائيل بإجراء انتخابات جديدة في البلاد (11 مايو/ أيار 2024)صورة من: Tania Kraemer/DW

ويُضاف إلى ذلك الخلافات، التي بدأت تجد طريقها إلى العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل وهو ما تجلى في إعلان الرئيس جو بايدن أن واشنطن ستتوقف عن تسليم تل أبيب  بعض أنواع الأسلحة؛ في حال شنت إسرائيل هجوما بريا واسع النطاق على مدينة رفح.

وأثارت تصريحات بايدن العلنية الأكثر صرامة، مخاوف من أن تعزل إسرائيل نفسها بشكل أكبر.

وفي تعلقيها، قالت باربرا، وهي إحدى المشاركات في تظاهرات القدس،: "إذا قالت أمريكا إننا لن نعطيكم قنابل إذا قصفتم رفح، فسوف يرد (رئيس الوزراء بنيامين) نتنياهو بأننا سنفعل ذلك بمفردنا، وهو أمر مثير للسخرية، فلا يمكننا القيام بذلك وحدنا. بات الأمر سيئا والشيء الوحيد الذي يجب علينا القيام به يتمثل في إجراء انتخابات" جديدة. 

وأعرب عدد من المتظاهرين عن خيبة أملهم في عدم تحقيق انفراجة حقيقية في مفاوضات  وقف إطلاق النار  بما يمهد الطريق أمام إطلاق سراح بقية الرهائن الإسرائيليين والأجانب في غزة، الذين - بحسب تقارير صحافية – يصل عددهم إلى 128 رهينة، فيما قال مسؤولون إسرائيليون إن عددا منهم ربما قد لقوا حتفهم.

هزيمة حماس..هل ممكنة؟

وفي ذلك، قال سيفيدالي إن "حماس هي عدونا، وقد غيرت بعض مواقفها لكنها طالبت أيضًا بأشياء من المستحيل أن تقبلها  إسرائيل. لقد تحدثت (حماس) في السابق عن الإفراج عن 33 شخصا (رهينة)، لكنها اليوم تتحدث عن الإفراج عن 33 شخصا، بما فيها جثث (الرهائن). إنها ليست موثوقة. لكن عليك أن تتعامل مع عدوك، عليك أن تجد طريقة".

ومثل الآخرين في الاحتجاج، يريد سيفيدالي أن تنتهي الحرب. لكنه أوضح أنه ليس على بينة بشأن احتمال عدم هزيمة حماس، وهي حركة مسلحة فلسطينية إسلاموية تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.

أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي على اجتياح رفح سواء جرى التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق للنار أو لا
أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي على اجتياح رفح سواء جرى التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق للنار أو لاصورة من: Amir Cohen/REUTERS

وقال سيفيدالي إن "بقاء حماس في غزة يشكل خطرا كبيرا على إسرائيل. لا يمكننا قبول قدرة حماس على الوصول إلى السلطة  وتسليحها وقدرة عناصرها على مهاجمة الإسرائيليين فضلا عن استحالة التعايش مع الطريقة التي ينظر بها قادة حماس إلى إسرائيل، معتبرينها دولة غير شرعية على الإطلاق".

ورغم التفاؤل الحذر الأسبوع الماضي بشأن قرب التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق، إلا أن جولة المفاوضات بين وفود من حماس وإسرائيل والولايات المتحدة ومصر وقطر، قد انتهت في القاهرة دون التوصل إلى اتفاق.

فيما قالت حركة حماس إن جهود التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة عادت إلى المربع الأول، بعد أن رفضت إسرائيل فعليا مقترحا قدمه وسطاء دوليون.

وكانت حماس وافقت الأسبوع الماضي على مقترح هدنة عرضه الوسطاء، قبل ساعات قليلة من سيطرة القوات الإسرائيلية  على معبر رفح. لكنّ إسرائيل قالت إن هذا الاقتراح "بعيد جدا عن مطالبها"، وكررت معارضتها لوقف نهائي لإطلاق النار مادامت "لم تهزم" حماس.

واتّهمت حماس في بيانها نتنياهو وحكومته بـ"التهرب من التوصّل لاتفاق" واستخدام "المفاوضات غطاءً للهجوم على رفح واحتلال المعبر"، حيث سعى أكثر من مليون فلسطيني نازح إلى الحصول على شكل من أشكال الأمان في رفح.

وفي بيان صدر يوم الجمعة، قالت الجماعة المسلحة أيضًا إن "رفض" إسرائيل للاتفاق "[...] يعيد الأمور إلى المربع الأول".

ويبدو أن العائق الرئيسي هو مطالبة حماس بوقف دائم للحرب والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من غزة، وهي الشروط التي رفضتها إسرائيل حتى الآن.

ما فرص نجاح استراتيجية نتنياهو؟

وفي الاحتجاج، قال يائير البالغ من العمر 18 عامًا وأصدقاؤه، الذين كانوا يرتدون قمصانًا عليها صورة هيرش غولدبرغ بولين، وهو أمريكي إسرائيلي يبلغ من العمر 23 عامًا لا يزال محتجزًا كرهينة في غزة، إنهم "لا يصدقون أن استراتيجية ممارسة أقصى درجات الضغط على حماس ناجحة".

على وقع التصعيد في رفح.. هل استفز نتنياهو مصر ودول الخليج؟

وكان هيرش غولدبرغ بولين قد ظهر نهاية الشهر الماضي في تسجيل مصور نشرته حماس وهو يناشد الحكومة الإسرائيلية  العمل على إطلاق سراحه، في أول علامة تدل على بقائه على قيد الحياة بعد أن فقد يده في هجوم السابع من أكتوبر / تشرين الأول. 

وقال يائير: "لقد صدمت وانهالت دموعي من البكاء الشديد، لكنني شعرت بالارتياح عندما رأيته على قيد الحياة"، معبرا عن غضبه إزاء تقاعس الحكومة الإسرائيلية عن القيام بما يكفي لإعادة الرهائن إلى وطنهم.

وفي ذلك، قال إنه يتعين على الحكومة "إعادة الرهائن الآن، فماذا ينتظرون؟"

وجدير بالذكر أن تلك المظاهرة وقعت قبل أيام من إعلان الجناح المسلح لحماس أمس الاثنين (13 مايو/ أيار) إنه بسبب القصف الإسرائيلي في غزة، فقد الاتصال مع مقاتلين يحرسون أربعة رهائن إسرائيليين، من بينهم هيرش غولدبرغ بولين. 

ورغم إصرار المتظاهرين على الضغط على الحكومة لتكثيف جهودها لتأمين إطلاق سراح الرهائن، إلا أن محللين طرحوا تساؤلا مفاده: ما هو الثمن الذي ترغب حكومة نتنياهو في دفعه مقابل إتمام الصفقة؟

وفي السياق ذاته، كشف استطلاع للرأي نشره المعهد الإسرائيلي للديمقراطية في السابع من مايو/ أيار عن اتفاق 56% من الإسرائيليين اليهود على أن التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن يجب أن يكون "الأولوية الوطنية القصوى" لإسرائيل، لكن في المقابل رأى 37 بالمئة أن العمل العسكري في  رفح يجب أن يتصدر الأولويات.

وأشار المعهد إلى وجود تباين في الآراء حسب التوجه السياسي حيث يرى قطاع كبير من الإسرائيليين، ممن ينتمون إلى طيف اليسار والوسط، أن صفقة الرهائن تعد أولوية فيما يعتبر 55 بالمئة من أنصار معسكر اليمين الهجوم العسكري في رفح يمثل الأولوية، بينما يفضل 83 بالمئة من أنصار معسكر أقصى اليمين، الهجوم في رفح على إتمام صفقة لإطلاق سراح الرهائن

حذر الأمين العام للأمم المتحدة من أن هجوما بريا إسرائيليا على رفح سيؤدي إلى "كارثة إنسانية هائلة"
حذر الأمين العام للأمم المتحدة من أن هجوما بريا إسرائيليا على رفح سيؤدي إلى "كارثة إنسانية هائلة"صورة من: Ali Jadallah/Anadolu/picture alliance

الحكومة الإسرائيلية تحت الضغط

وقال بعض المتظاهرين إن لديهم شكوكا في أن الحكومة تضع الاعتبارات السياسية قبل المصالح الوطنية. يشار إلى نتنياهو قد أكد مرارا على أن إسرائيل سوف تجتاح رفح للقضاء على أربع كتائب متبقية تابعة لحماس وكسب الحرب ضد حماس. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي إن هجوم رفح سيتم سواء باتفاق أو بدون اتفاق.

لكن معظم المشاركين في الاحتجاج في القدس لا يصدقون تكتيك نتنياهو الحربي.

وفي ذلك، قالت باربرا: "أعتقد في بعض الأحيان أن بعض اليمينيين المتطرفين لا يهتمون بعدد الأرواح الإسرائيلية التي فُقدت. ما زالوا يعتقدون أن العنف هو الحل الوحيد".

وأضافت "أشارك في هذه المظاهرات لأن الحكومة ليس لديها خطة حيال الخطوة التالية إذا كانت هناك خطوة تالية. من الواضح أن الرهائن سوف يموتون. إنه لأمر فظيع ألا يتم فعل شيء لإنقاذهم. اهتمام الحكومة الأول والأخير يتمثل في البقاء في السلطة"، بحسب قولها.

 أعده للعربية: محمد فرحان