1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW
سياسةفرنسا

فرنسا تدرج حق الإجهاض في دستورها.. فهل تتبعها دول أخرى؟

منير غايدي
٧ مارس ٢٠٢٤

عقب مصادقة البرلمان على إدراج الحق في الإجهاض في الدستور، باتت فرنسا أول دولة في العالم تتخذ هذه الخطوة، التي جاءت بعد سنوات طويلة من النضال النسائي منذ السبعينات. فهل تبقى فرنسا وحيدة في هذا المجال؟

https://p.dw.com/p/4dBcN
أصبح الإجهاض قانونيا في فرنسا منذ عام 1975 بفضل معركة خاضتها وزيرة الصحة في حينه سيمون فاي
أصبح الإجهاض قانونيا في فرنسا منذ عام 1975 بفضل معركة خاضتها وزيرة الصحة في حينه سيمون فايصورة من: Michel Stoupak/NurPhoto/picture alliance

صادق البرلمان الفرنسي يوم الاثنين (الخامس من مارس/آذار 2024) خلال جلسة بقصر فرساي على إدراج حق الإجهاض في الدستور، لتصبح فرنسا أول دولة في العالم تتخذ هذه الخطوة في سابقة تاريخية.

وسبق تصويت الاثنين موافقة مجلس الشيوخ - الغرفة العليا من البرلمان الفرنسي- في  28 فبراير/ شباط الماضي على نص يُشرع إدراج حق الإجهاض في الدستور لتمهيد الطريق أمام إقراره في الجمعية الوطنية (البرلمان) التي تشكل الغرفة الثانية في البرلمان الفرنسي.

وفي ذلك، يرى مراقبون أن مسار إقرار حق الإجهاض  في الدستور الفرنسي ليس وليد اللحظة بل يعد ثمرة نضال برلماني بدأ أواخر عام 2022 عندما أقرت الجمعية الوطنية مشروع قانون اقترحه حزب "فرنسا الأبية" اليساري لتضمين الحق في الإجهاض في الدستور.

لماذا فرنسا؟

يحظى الحق في الإجهاض بشعبية كبيرة في فرنسا حتى بين السياسيين اليمينيين فيما بدا ذلك جليا في تصويت الجمعية الوطنية أواخر يناير/ كانون الثاني الماضي حيث صوت النواب بأغلبية ساحقة لصالح إدراج "حرية الإجهاض" في الدستور الفرنسي.

وخلال التصويت، لم يعترض على التشريع إلا 30 نائبا محافظا ومستقلا من أصل 500 نائب شاركوا في التصويت.

وبعيدا عن النخب السياسية، فإن الرأي العام الفرنسي يؤيد بقوة حق الإجهاض  إذ كشف استطلاع أجرته المؤسسة الفرنسية للرأي العام "آيفوب" عام 2022 عن أن 86% من الفرنسيين يؤيدون إدراج حق الإجهاض في الدستور.

ويدعم حزب "التجمع الوطني" الذي يعد  الحزب اليميني المتطرف  الرئيسي في فرنسا، بشكل عام حقوق الإجهاض إلا أن القضية تثير الجدل داخل أروقته. وصوت 46 نائبا من "التجمع الوطني" - من أصل 88 نائبا- لصالح القانون بما في ذلك زعيمة الحزب مارين لوبان فيما عارض التشريع 12 نائبا مع امتناع 14 آخرين عن التصويت.

بعد موافقة البرلمان بغرفيته، باتت فرنسا أول دولة تُدرج الحق في الإجهاض ضمن دستورها
بعد موافقة البرلمان بغرفيته، باتت فرنسا أول دولة تُدرج الحق في الإجهاض ضمن دستورهاصورة من: Blondet Eliot/ABACA/picture alliance

دعم راسخ للحق في الإجهاض

قبل تصويت عام 2022، لم يرَ العديد من المشرعين الفرنسيين حاجة إلى إدراج الحق في الإجهاض في دستور البلاد لأن الفرنسيات تمتعن بالفعل بهذا الحق منذ فترة طويلة.

فقد أصبح "الإنهاء الطوعي للحمل" قانونيا في فرنسا عام 1975 بفضل معركة خاضتها وزيرة الصحة في حينه سيمون فاي لدفع النواب إلى إقرار مشروع قانون جديد يسمح بالإجهاض في فرنسا حمل اسمها.

وأجاز قانون عام 1975 عمليات الإجهاض حتى الأسبوع العاشر من الحمل، لكنه جرى تعديله مطلع الألفية ليمتد إلى الأسبوع الثاني عشر من الحمل ثم إلى الأسبوع الرابع عشر من الحمل في تعديل تشريعي جرى المصادقة عليه عام 2022.

ومنذ ثمانينيات القرن الماضي، جرى تغطية عمليات الإجهاض ضمن منظومة الرعاية الصحية الوطنية في فرنسا.

المقارنة مع أوروبا وأمريكا؟

ولاقى إدراج حق الإجهاض في الدستور الفرنسي  إشادة ومباركة من العديد من المنظمات الحقوقية باعتباره خطوة رائدة في دعم الحقوق الإنجابية للمرأة في مواجهة ارتدادات واخفاقات سياسية.

وبدعم من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يُنظر إلى مشروع القانون على أنه رد على قرار اتخذته المحكمة العليا الأمريكية  في يونيو / حزيران عام 2022 يقضي بإلغاء الحق الدستوري للمرأة في الإجهاض في البلاد والصادر منذ نحو 50 عاما.

وبموجب القرار، كانت معظم الولايات الأمريكية أمام خيارين أما حظر عمليات الإجهاض بشكل كامل باستثناء بعض الحالات أو فرض تدابير صارمة تقيد عمليات الإجهاض.

وأوروبيا، فقد شهدت بلدان القارة مسارات وحملات ترمي إلى توفير الأطر القانونية لحق الإجهاض رغم تباين شروط السماح بعمليات الإجهاض من دولة إلى أخرى خاصة فيما يتعلق بعمر الحمل الذي يمكن فيه إجراء الإجهاض.

ففي هولندا، يُسمح بالإجهاض شريطة ألا تتجاوز فترة الحمل أكثر من 24 أسبوعا فيما تصل الفترة في السويد إلى 18 أسبوعا وفي فرنسا ولوكسمبرغ إلى 14 أسبوعا وإلى 12 أسبوعا في إيرلندا والدنمارك.

ورغم ذلك، قادت حركات وأحزاب يمينية شعبوية في العديد من دول الاتحاد الأوروبي حملات سياسية تهدف إلى تقييد الإجهاض إذ قررت مالطا حظر الإجهاض إلا في الحالات التي تهدد حياة الأم أو الجنين وبعد استنفاد جميع وسائل العلاج الممكنة الأخرى.

كانت فرنسا في طليعة الدول التي أجازت في عمليات الإجهاض استخدام حبوب الميفيبريستون الأكثر شيوعا في العالم لإنهاء الحمل.
كانت فرنسا في طليعة الدول التي أجازت في عمليات الإجهاض استخدام حبوب الميفيبريستون الأكثر شيوعا في العالم لإنهاء الحمل.صورة من: Charlie Riedel/AP/picture alliance

وبات الإجهاض في مالطا جريمة يعاقب عليها القانون بحبس يتراوح بين 18 شهرا و3 سنوات حتى في حالات الاغتصاب أو تشوهات الجنين الشديدة.

ولم تكن مالطا البلد الأوروبي الوحيد الذي يقيد حق المرأة في الإجهاض إذ حظرت المحكمة الدستورية في بولندا عام 2020 عمليات الإجهاض بسبب عيوب الجنين فيما جرى فرض حظر فعلي منذ مطلع عام 2021 على الإجهاض باستثناء أن يشكل خطرا على حياة الأم أو جاء نتيجة جريمة اغتصاب أو سفاح القربى.

بيد أن الحكومة البولندية الجديدة تسعى إلى تخفيف الحظر شبه الكامل على الإجهاض، لكن الرئيس المحافظ أندريه دودا بإمكانه استخدام حق النقض ضد أي خطوة في هذا المسار.

ورغم قانونية الإجهاض في المجر حتى الأسبوع الـ 12 من الحمل منذ عام 1953، إلا أنه جرى تشديد قواعد إجراء عمليات الإجهاض عام 2022 إذ بات يُطلب من النساء الراغبات في إجراء عملية إجهاض الاستماع إلى نبضات قلب الجنين قبل الإقدام على إنهاء الحمل.

قررت المحكمة العليا في الولايات المتحدة عام 2022 أبطال حكما تاريخيا يعود لعام 1973 اعترف بحق المرأة الدستوري في الإجهاض
قررت المحكمة العليا في الولايات المتحدة عام 2022 أبطال حكما تاريخيا يعود لعام 1973 اعترف بحق المرأة الدستوري في الإجهاضصورة من: ANDREW CABALLERO-REYNOLDS/AFP

وفي إيطاليا، تعارض رئيسة الوزراء اليمينية جورجيا ميلوني الإجهاض، لكنها تعهدت بعدم تغيير القوانين القائمة  إذ نُقل عنها قولها إنها تريد فقط منح النساء "الحق في عدم الإجهاض" مع التأكيد على وجود خيارات أخرى.

وتقول منظمات نسائية إن العديد من الأطباء يرفضون في البلدان ذات الأغلبية الكاثوليكية مثل إسبانيا ومالطا والمجر إجراء عمليات الإجهاض لأسباب أخلاقية أو دينية مما يعرقل قدرة المرأة على الوصول إلى عملية إجهاض آمنة وفي فترة حمل مناسبة.

وفي ذلك، كشف استطلاع للرأي أُجرى العام الماضي في 24 دولة من بلدان الاتحاد الأوروبي المؤلف من 27 دولة، عن أن ما يقرب من 71% من البالغين يؤيدون الإجهاض القانوني في معظم أو جميع الحالات فيما بلغت نسبة المعارضة 27 بالمئة.

 

أعده للعربية: محمد فرحان