1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

عقدة الثأر والبحث اليائس عن الذات لمطلقي النار عشوائياً

١٠ أبريل ٢٠١٢

جمعت منفذي حوادث إطلاق النار العشوائي في عدة بلدان تصرفات مشابهة: ما بين الانعزالية والرغبة بالانتقام والهروب من العالم الواقعي إلى آخر خيالي بحثا عن الذات المفقودة. في كتاب"عقدة الثأر" تحاول انيس غايبل البحث عن إجابة.

https://p.dw.com/p/14ZOf
صورة من: AP

في نيسان/ أبريل عام 2002 ، اقتحم التلميذ روبرت شتاينهويزر، الذي كان يبلغ من العمر 19 عاما، مدرسته الواقعة في مدينة إيرفورت، ليطلق النار على زملائه، ويقتل ستة عشر منهم بالإضافة إلى أحد أساتذته. علمت انيس غايبل، بهذه الواقعة بعد ساعات قلائل. حينها كانت الأستاذة الجامعية المختصة بفن التمثيل، تحاضر في إحدى مدارس برلين. بعض طلبتها، أنهوا مرحلة الإعدادية في نفس المدرسة التي وقع فيها حمام الدم على يد التلميذ روبرت شتاينهويزر، مثلما تقول غايبل، التي تضيف "أصبنا بالصدمة لما وقع. أمر محير، كنا نظن أن مثل هذه الإحداث تقع في الأفلام فقط".

حاولت غايبل أن تفهم هذا الضعف المفاجئ، والصدمة القوية التي عصفت بالمجتمع. ولهذا جمعت خمسة حوادث متفرقة لإطلاق النار العشوائي، وحاولت تحليلها للوصول إلى الأسباب الحقيقية والدوافع خلف هذه العمليات في كتابها "عقدة الثأر". زارت غايبل المناطق التي وقعت فيها حوادث إطلاق النار العشوائي، والتقت بالضحايا وبشهود عيان، وألقت نظرة على سجلات الشرطة. فقد زارت بورت آرثر في أستراليا وجزيرة أوتويا في النرويج بالإضافة إلى ثلاث مدن ألمانية، إيرفورت، أيمسديدتن، وأخيرا فينندن.

Ines Geipel und Buchcover Amokkomplex
أنيس غايبل مؤلفة كتباب "عقدة الثأر"صورة من: Bernd Lammel

"ظاهرة عالمية"

" أضحى إطلاق النار عشوائياً ظاهرة عالمية" هكذا تصف الكاتبة موضوع كتابها. وتضيف "هناك نموذج مشابه لكل الحالات، أغلب الجناة من أسر ذات مستوى معيشي جيد. يعيشون في مدن صغيرة، وانطوائيي الطباع". وتقول إن أغلبهم قد تعرضوا للمضايقات والتخويف في المدرسة، والقليل منهم كان له أصدقاء. بالإضافة إلى ذلك، فان أغلبهم تعرض لضغط داخلي من قبل أسرته. فقد كان مطالبا بالنجاح وتحقيق نتائج جيدة، ما شكل ضغطا أضافيا عليه دفعه إلى الانعزالية والهروب إلى عالم خيالي بعيد عن الواقع. وتضيف الكاتبة "أغلبهم انجذب بقوة إلى مشاهدة المسرح أو أفلام السينما". وذلك في محاولة منهم للبحث عن ذواتهم.

أضحى هذا العالم المجهول للكثير منهم منفذا للهروب وساحة للعب. ووفر لهم عالم ألعاب الكومبيوتر مجالا واسعا للحركة. فهنا يمكنهم الارتقاء بوضعهم من مستوى إلى آخر، بعكس عالمهم الحقيقي، الذي لا يأخذهم على محمل الجد. وفي عالم ألعاب الكومبيوتر، أضحى هؤلاء الفتية أكثر عنفا. هذا ما تقوله الكاتبة، وتوضح قائلة: " لا يعني هذا أنهم كانوا عديمي الشعور. بل بدأوا يغلفون أنفسهم قطعة قطعة". ثم تضيف " في أغلب الحالات نقرأ هذه الجملة خلال رسائل الوداع التي تركوها: يجب أن أتدرب على عدم الإحساس".

"جلب الانتباه"

تعتقد الكاتبة أيضا، أن وسائل الاتصال الحديثة لعبت دورا كبير في ازدياد الرغبة بالثأر لدى هؤلاء الفتية، وتقول "روبرت شتاينهويزر قام بتحميل خطط منفذ الهجوم على مدرسة كولومبينا في الولايات المتحدة الأميركية، تلك الحادثة التي شغلت الإعلام في عام 1999 لأسابيع عدة. عن ذلك تقول الكاتبة " إنهم يقلدون بعضهم البعض. بل إنهم يرتدون أحيانا نفس الملابس والأحذية العسكرية وحتى الأقنعة السوداء". بل يقوم البعض منهم هذه الأيام بتصوير وعرض أعماله على صفحات الانترنيت، هذا يوضح الرغبة في جلب الانتباه. كما أن أغلب الشخصيات التي تقوم بهذه الأعمال تشترك بمحاولاتها إثبات رجولتها. بالإضافة إلى أن الكثير منهم كانوا على قرب من السلاح، فأغلب آبائهم مارس هوايات القنص أو الرماية. حسب ما توصلت إليه الكاتبة.

Ines Geipel und Buchcover Amokkomplex
غلاف كتاب "عقدة الثأر"صورة من: Klett-Cotta Verlag

وتختلف طريقة تعامل الناس مع هذه الحوادث باختلاف ثقافات الشعوب، التي وقعت فيها مثل هذه الجرائم. فبينما أصبح ذكر اسم منفذ مجزرة بورت آرثر في أستراليا- مارتن بريانت مسألة غير مرغوب فيها بين الناس هناك، و بينما يقلُبُ الناس في النرويج صفحة الجريدة التي تحمل صورة منفذ مجزرة جزيرة أوتويا- اندرياس برايفيك، وذلك بسبب الشعور بالخجل الوطني من منفذ الجريمة، فإن الوضع في ألمانيا مختلف. إذ تعامل الإعلام مع حوادث إطلاق النار العشوائي بشكل أكثر مواجهة. فقد تعود المجتمع الألماني على مواجهة مثل هذه الحوادث الدموية، وذلك بسبب التاريخ الدموي للحكم النازي، والذي بقي في الذاكرة الألمانية "كجرح وطني". بل أن إقامة النصب التذكارية لضحايا جرائم النازية يهدف بالأساس لتذكير الناس بهذه المآسي.

آيغول جيزمجوغلو/ عباس الخشالي

مراجعة: عبد الرحمن عثمان