1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

في أحياء بغداد، الطائفية أخطر من السيارات المفخخة

امجد سعيد - بغداد٩ يوليو ٢٠١٤

يحاول سكان منطقتي "الغزالية" و"الشعلة" في بغداد، التغلب على حالة الخوف من عنف طائفي قد يندلع في أي وقت أو هجوم من "داعش". روبورتاج DW ينقل هواجس شبان سنة وشيعة وحسرتهم على أيام جميلة، وكيف يحبسون أنفاسهم من غد مجهول.

https://p.dw.com/p/1CWvL
Bagdad Straße Anschlag 26.96.2014
صورة من: Reuters

يتبادل محمد الجنابي الذي يسكن منطقة "الغزالية" السنية في بغداد، مع أصدقائه في مقهى شعبي في المنطقة، الحديث عن أوضاع بغداد وبوادر حصول حرب طائفية. في المقابل يتبادل أبو أمير الساعدي الذي يسكن منطقة "الشعلة" الشيعية مع أصدقائه نفس الهواجس، كلاهما يخاف من المصير المجهول الذي ينتظرهما بسبب تهديدات "داعش".

منطقتا "الغزالية" و"الشعلة" متجاورتان وتقعان غرب العاصمة، لكن العنف الطائفي الذي ضرب بغداد خلال عامي 2006 و2007 ترك آثارا ما زالت موجودة حتى اليوم، فالحواجز الخرسانية ونقاط التفتيش الأمنية تشكلان حواجز صناعية بين المنطقتين المختلفتين طائفيا.

Bildergalerie Ramadan 2014 im Irak
سكان أحياء بغداد يخزنون الأغذية خوفا من غد مجهولصورة من: Sabah Arar/AFP/Getty Images

تخزين الأغذية والتطوع لمواجهة داعش

ويقول الساعدي لـ DW عربية "هذه الأيام نشعر بالخوف بسبب مخاطر داعش الذي يهدد باجتياح بغداد، ولكن متطوعين من المنطقة انضموا مؤخرا إلى تشكيلات أمنية لحماية أسوار العاصمة من دخول هؤلاء الإرهابيين، كما ان لجانا أمنية تم تشكيلها لحماية المنطقة يتدربون في إحدى المدارس مساءا".

ويضيف "نقوم بتخزين المواد الغذائية والوقود منذ أيام، كما إنني اتصلت بأقربائي في محافظة ميسان جنوب البلاد حيث مسقط رأسي، لتهيئة منزل لعائلتي للانتقال والسكن فيه في حال ساءت الأمور في بغداد أكثر"، ويمضي قائلا"لست مستعدا لتحمل مصيبة مقتل ولدي على يد إرهابيين قبل سنوات".

كان ابن أبو أمير ذاهبا إلى مديرية شرطة المرور الواقعة في منطقة الغزالية لإجراء معاملة خاصة بسيارته الشخصية في إحدى أيام 2007، ولكنه ذهب ولم يعد في حينها، وبعدها بأيام عثروا على جثته في المشرحة الرئيسية في بغداد وهو مقتول بطلق ناري في رأسه وهو معصوب اليدين والعينين.

Bildergalerie ISIS
منذ اجتياح داعش لمناطق غرب وشمال العراق، ينتاب سكان بغداد الخوفصورة من: picture-alliance/abaca

وأغلب سكان "الشعلة" من الطبقة الكادحة والفقيرة، وهم مجموعة من العشائر التي نزحت من جنوب البلاد قبل خمسة عقود، والمنطقة مقسمة إلى قطاعات سكنية، أما منازلها فتتصف بمساحاتها الضيقة، كما إن عدد سكانها كبير نسبيا قياسا بباقي مناطق بغداد.

السكان يلزمون منازلهم مع غروب الشمس

وعلى مسافة قصيرة لا تبعد سوى عشر دقائق بالسيارة من "الشعلة"، تقع منطقة "الغزالية"، سكانها أيضا يتصرفون وكأن حربا على الأبواب، بينهم من يخزنون الأطعمة والحاجات الضرورية، ومن ترك منزله وفضّل السكن في مناطق أخرى من العاصمة بغداد حيث يشعر الناس بأمان أكبر ولا تبدو عليهم مظاهر التوتر والخوف.

ويقول محمد الجنابي وهو مهندس متقاعد في وزارة الصناعة لـ DW عربية "نغلق أبواب منازلنا مع غروب الشمس، الأوضاع غير مستقرة، قوات الجيش والشرطة تبحث عن مطلوبين دائما في المنطقة وفي أغلب الأحيان تعتقل أشخاص أبرياء". ويضيف "في الآونة الأخيرة أصبحنا نشاهد عناصر ميليشيات يتجولون بسيارات مدنية تنبعث منها أصوات المذياع العالية وتتخللها أغاني دينية. في الأسبوع الماضي اختطف مسلحون أحد شباب المنطقة، ووجد فيما بعد مقتولا على الرصيف في الشارع الرئيسي للمنطقة".

Irak Freiwillige Kämpfer Kind
متطوعون للقتال يجوبون شوارع بغداد على متن سيارات مدنيةصورة من: AFP/Getty Images

"الغزالية" من المناطق التي شيدت حديثا في بغداد أنشأتها الحكومة العراقية في سبعينات القرن الماضي، ووزعت منازلها على المهندسين والأطباء والصحفيين وضباط الجيش، كما أن المنازل تتميز بمساحتها الكبيرة.

قبل سقوط الموصل بيد داعش كان سكان "الشعلة" و"الغزالية" يسهرون حتى ساعات متأخرة من الليل في المقاهي والمتنزهات العامة دون خوف، لكن هاجس داعش يسيطر الآن على تفكير سكان هاتين المنطقتين اللتين كانتا في السابق متقاربتين.

ذكريات جميلة تنغصها الطائفية

عباس فاضل وهو معلم في منطقة "الشعلة" يستذكر كيف كانت العلاقة بين المنطقتين في تسعينات القرن الماضي، ويقول لـ DW عربية "كانت أسواق الغزالية مكانا رئيسيا للتسوق والترفيه، كنا نذهب هناك في الليل دون خوف خلال سنوات طويلة، فلم تكن هناك طائفية ولا خوف ولا نقاط تفتيش".

هذه الأيام يتردد أصحاب سيارات الأجرة في "الشعلة" و"الغزالية" في الدخول إلى مناطق بعضهما خوفا من الاستهداف، كما أن قصص القتل والاختطاف التي يتناقلها سكان المنطقتين خلال أيام الحرب الطائفية عاد مفعولها سريعا بعد سقوط الموصل، فالأحداث الطائفية أقوى من تاريخ طويل من التعايش السلمي بين المنطقتين. فقد أخذت "الشعلة" و"الغزالية" حصتهما من السيارات الملغمة التي تضرب البلاد منذ سنوات، ولكن السيارات الملغمة ليست ما تخيف سكان المنطقتين بل العنف الطائفي.

Irak Freiwillige Kämpfer
أشرطة موسيقية وغنائية لتعبئة المتطوعين من أجل القتالصورة من: Ali Al Saadi/AFP/Getty Images

ويقول احمد غزوان وهو طالب جامعي يسكن "الغزالية" لـ DW عربية إن "السيارات المفخخة ليست طائفية إنها تستهدف الجميع السنّة والشيعة والمسيحيين والتركمان، المشكلة أن هناك من يثير الطائفية في قلوب السكان، البعض يتهم السنّة بأنهم يدعمون الإرهاب، ولكن حالنا ليس أفضل منهم ونتعرض أيضا للسيارات المفخخة".

مصادر أمنية وأخرى طبية أكدت قبل أيام عودة الجثث المجهولة الهوية إلى الشوارع، حيث تسلمت مدينة الطب وهي المشرحة الرئيسية في العاصمة عددا من هذه الجثث المعصوبة الأعين ومشدودة اليد في سيناريو عاش أهالي بغداد قبل سنوات على وَقْعِه الأليم.

الاستقرار يحتاج لحلول اجتماعية

عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان السابق شوان محمد طه اعتبر خلال حديث مع DW عربية أن "حلول الحكومة لمواجهة أعمال العنف فاشلة، فهي تستند إلى الحلول العسكرية فقط دون الحلول السياسية والاجتماعية".

ويقول أيضا إن "المخاوف التي تعيشها المناطق الشيعية والسنية في بغداد، هي بسبب فشل الحكومة في إجراء مصالحة حقيقية تعيد الثقة بين السكان السنّة والشيعة في مناطق البلاد المختلفة"ويعلل طه رأيه قائلا إن "الارهابيين يستغلون تذمر طائفة معينة من إجراءات قوات الأمن الاستفزازية بحقها ويقدمون أنفسهم على أنهم حامين لهم من تصرفات الجيش".

في إشارة لاختراق داعش للمجتمع المحلي السني في غرب وشمال البلاد. واستغلالها لتذمر تلك المناطق من حكومة المالكي كي تنسج تحالفات مع فصائل عديدة من العشائر وقوى أخرى.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد