1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

سمك المطار: رواية تروي كيف تقع العلاقات الاجتماعية ضحية ظروف العمل

٩ ديسمبر ٢٠٠٩

رواية "سمك المطار" للكاتبة أنجيليكا اوفرات تروي كيف تفكك ظروف العمل في عالمنا المعاصر العلاقات الاجتماعية من خلال ثلاث شخصيات مختلفة، هذه الشخصيات تلتقي صدفة في أحد المطارات لتكتشف المتاهة اليومية وفقدان الشعور بالوقت.

https://p.dw.com/p/KyFg
الكاتبة الألمانية أنجيليكا أوفرات، ناقدة أدبية ومراسلة وأستاذة جامعيةصورة من: Angelika Overath

تتحدث رواية "سمك المطار" للكاتبة الألمانية أنجيليكا أوفرات عن ثلاث شخصيات مختلفة تتواجد في المكان نفسه، في أحد المطارات الكبيرة. وفي ركن ما هناك تتقاطع خطوط حياتهم. مربي الأسماك توبياس، المصورة الصحفية أليس والبروفيسور عالم البيولوجية.

توبياس الذي قام قبل بضع سنوات ببناء حوض سمك في صالة المطار بناء على طلب من أحد مواطني دبي، منشغل بهذا الحوض الذي تزيد سعته على 20 ألف لتراً، ويحتوي على أكثر أنواع أسماك البحار الحارة. المصورة أليس التي فاتها موعد الطيران، وكانت تجول شاردة في ممرات المطار دون هدف لتقضي الوقت، تعمل لصالح مجلة تعني بتقديم تقارير عن أدب الرحلات والرحالين. أما البروفسور الذي يسافر بكثرة، لا يعاني فقط من المطارات التي مُنع بها التدخين، وإنما أيضاً من سفره الدائم ومن مشاركاته في المؤتمرات العالمية.

ثلاث شخصيات مختلفة تعاني من مشكلة مشتركة

Schriftstellerin Angelika Overath
كتبت أوفرات روايتها كأنها تكتب تقريراً عن خصوصيات الأشخاصصورة من: Angelika Overath

هذه الشخصيات الثلاثة فقدت مع مرور الوقت قدرتها على التعامل الاجتماعي مع الآخرين نتيجة لطبيعة وظروف عملها، وعلى ضوء ذلك فهي تتساوى في إطار مشكلة اجتماعية واحدة. ورغم أن مربي الأسماك والمصورة يتقاربان عبر حديثهما عن الأسماك وعن الرحلات والجولات الصحافية، يبقى هذا التقارب في البداية سطحياً نوعاً ما. كان كل منهما يتحدث عما يريد أن يفضي به دون أن يلتفت إلى الآخر، فيما إذا هو بحاجة ماسة للتقارب الاجتماعي. ولكن بعد فترة تجد المصورة نفسها منجذبة إلى الرجل الذي يعتني بهذه الحيوانات البحرية وكأن يعتني بأطفاله. وبينما يتطور حب خفي بينهما، تنتهي الحياة الزوجية لاثنين آخرين في صالة المدخنين، إنها حياة البروفسور، أستاذ الكيمياء وعالم بيولوجيا البحار. وهو شخص مدمن على التدخين كان يجلس مع زجاجة الوسكي في قاعة الانتظار عندما أنهى مونولوج حياته الزوجية. وكما الأسماك تدور حول نفسها في الحوض، كان كل من هؤلاء الثلاثة يدور حول نفسه ويبقى في عالمه، وكأن الآخر ليس له وجود اجتماعي. وهكذا فإن كل منهم يقبع في عالمه، وفي تصوراته حول العالم.

تجسيد صورة الحياة السريعة وفقدان الشعور بالوقت

Buch Cover Flug Hafen Fische Angelika Overath
غلاف رواية "سمك المطار"

مربي الأسماك توبياس أصبح خبيراً لا مثيل له في عالم البحار رغم انه لم يغادر بلده إلى أي مكان. وتبدو المصورة الصحفية يائسة من الحياة ومتعبة من السفر حول العالم، وهي تقف أمام حوض السمك المليء بأسماك البحار الحارة في صالة الانتظار. تمضي أليس أكثر وقتها في المطارات وعلى متن الطائرات التي تجول بها إلى آسيا وأفريقيا وغيرهما لالتقاط الصور على شواطئ البحار والمحيطات والمناطق الأخرى. وعند البروفيسور تتشابه المطارات في كل أنحاء العالم، وتتشابه مراكز المؤتمرات أيضاً بين هونغ كونغ و هانوفر، أما حَياته الزوجية التي تدهورت مع الوقت فتشبه حياة الكثيرين.

يجسد المطار بالنسبة للثلاثة هنا صورة الحياة السريعة وانعدام الشعور بالوقت، كما يرمز للعلاقات السطحية أو المعدومة نوعاً ما، ويتناقض بصفاته هذه مع عالم الأسماك داخل الحوض، الذي يوحي بالتعايش ويبدو وكأنه عديم الزمن. وسوف تتغير نماذج الحنين والعزلة والتزاوج مع دوران السمك في هذا الحوض.

رواية حوادث تشبه التي يعيشها القارئ بنفسه

Schriftstellerin Angelika Overath
صورة من: Angelika Overath

كتبت أوفرات روايتها كأنها تكتب تقريراً عن خصوصيات الأشخاص. تترك القارئ يستشف حوادث الرواية وكأنه يعيشها بنفسه. نراها تفتح الأبواب على حجرات لا ندرك مشاهِدَها في حياتنا اليومية لأنها أصبحت اعتيادية عندنا. وهنا نجحت الكاتبة في سرد روايتها هذه بفن عميقأ، خاصة وأنها أعادت ابتكار الصفات اليومية المستهلكة في شفافية تامّة ضمن نص أدبي جديد.

ورغم أن أوفَرات لم تعطي في روايتها حلاً للحيرة الاجتماعية، تجدها تخطفنا بحوارات قليلة إلى عالمنا اليومي الذي يبتعد يوماً بعد آخر عن اللغة المشتركة بين البشر ألا وهي الحياة الاجتماعية. ورغم أنها تبدو للوهلة الأولى تحكي قصة لا نهاية ولا بداية لها، فتراها تمزج في روايتها سمك المطار روح السرد الأدبي بروح الخبر.

الكاتبة في كلمات:

أنجيليكا أوفرات صحفية وكاتبة ألمانية من مواليد عام ألفٍ وتسعمئةٍ وسبعةٍ وخمسين في مدينة كارلس روهه جنوب غرب ألمانيا. عملت كناقدة أدبية ومراسلة وأستاذة جامعية. وقد نالت عدة جوائز عن كتب عديدة آخرها جائزة إرنست فيلز عن روايتها "سمك المطار". الصادرة 2009 عن دار نشر "لوختر هاند " في ألمانيا، وهي الرواية الثانية لها.

الكاتب: فؤاد آل عواد

مراجعة: ابراهيم محمد

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد