1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

رجال دين أقباط:"حريات أكثر في مصر لكن ليس للمسيحيين"

١٩ يناير ٢٠١٢

يضم وادي النطرون الواقع في منتصف الطريق الصحراوي بين الإسكندرية والقاهرة العديد من الأديرة التابعة للكنيسة القبطية. الرهبان الذين يعيشون هناك لا يعرفون إلا القليل عن الأحداث السياسية منذ بداية الربيع العربي.

https://p.dw.com/p/13kaW
صورة من: DW

يعتبر دير البرموس أقدم دير قبطي على الإطلاق، هناك يعيش راهب شاب، رفض الكشف عن اسمه، لكنه مع ذلك يحكي برغبة واضحة عن حياته: "نادرا ما أغادر الدير، خلال 12 عاما خرجت ثلاث مرات فقط. لقد اخترت هذه الحياة بنفسي، لذا لا أعتبر ذلك تقيدا لحريتي". يبدو أن حياة الرهبنة في الصحراء لم تفقد جاذبيتها، ففي أديرة وادي النطرون يعيش مئات الرهبان الذين اختاروا أن يعيشوا طواعية حياة الزهد المتواضعة.

يقول راهب شاب آخر: "لكل منا حافزه الخاص، الذي جعله يترهبن"، ويتابع: " أنا شخصيا كنت أعيش حياة مريحة. لقد درست العلوم الاقتصادية، وكانت أحوالي جيدة. الحمد لله عشت حياة ناجحة، مع ذلك قررت أن أترك هذا العالم الدنيوي وأن أعيش في الدير، هكذا يكون عندي وقت أكبر للصلاة و للتأمل". وحسب التاريخ الكنسي فإن أول من ابتدأ الرهبنة في العالم هو راهب مصري كان يدعى أنطونيوس.

حياة زاهدة عن السياسية

Gottesdienst in al Muallaga
قداس في الكنيسة المعلقة في مصر القديمةصورة من: DW

تتميز الحياة داخل الأديرة بسيادة الشعائر والتقاليد. لا يشعر الرهبان داخل الدير بالأحداث والتغيرات الجذرية التي تجتاح المجتمع المصري. يقول الراهب الشاب: "نحن لا نهتم بالسياسة، لكن دائما يأتي أشخاص من الخارج ينقلون لنا الأخبار. صحيح نحن لنا آراء أيضا كبقية الناس، وأعتقد أن أسلمة البلد في ازدياد مستمر، نعم هناك مزيد من الحريات، لكن ليس للمسيحيين فقد أشعلت النيران في العديد من الكنائس في القاهرة".

في المظاهرات الأولى التي قامت في يناير /كانون الثاني 2011 ضد حسني مبارك كان الأقباط والمسلمون يتظاهرون جنبا إلى جنب، وكانوا متحدين في مقاومتهم للطغاة، وقد أعطى نضالهم المشترك ثماره، لكن هذا التضامن تراجع في هذه الأثناء. فالتحولات السياسية والاجتماعية جاءت بحريات جديدة للشعب، من بينها أيضا الحرية في التمييز ضد الأقليات الدينية دون العرض إلى العقاب. ويعاني الأقباط.بالدرجة الأولى من هذا الوضع.

الحرية الدينية ليست من البديهيات

Ägypten Koptische Christen
مظاهرات للأقباط في مصرصورة من: picture-alliance/dpa

خلال الأشهر الماضية أشعلت النيران في العديد من الكنائس في شتى أنحاء مصر وقتل العشرات من الأقباط. وتأتي موجات العنف هذه بشكل خاص عندما يتظاهر الأقباط ضد تقييد حريتهم الدينية. ولهذا التمييز الديني تقليد في مصر، فحتى الرئيس المصري الراحل أنور السادات وحامل جائزة نوبل للسلام، يعتبر من معارضي منح الحرية الدينية للمسيحيين. وكان قد وضع قداسة البابا شنودة تحت الإقامة الجبرية في دير "الأنبا بيشوي" سنة 1981 وذلك بعد أحداث الزاوية الحمراء والتي كانت أول أحداث دموية يشتبك فيها مسلمون ومسيحيون، بعد أن تطور خلاف بين جيران إلى معركة مسلحة. ولم ترفع الإقامة الجبرية عن بابا الكرازة المرقصية إلا بعد أربع سنوات، وذلك في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك.

يعتبر دير الأنبا بيشوي الإقامة الثانية لقداسة البابا شنودة بعد الإسكندرية، ويعيش فيه أيضا 120 راهبا. واحد من هؤلاء هو الأب يواكين، الذي يجلس على سرير من الخشب في غرفة متواضعة لا تتجاوز مساحتها خمسة أمتار مربعة. في هذا المكان لا يذكر شيء بالصراعات الدموية، التي شهدتها شوارع مصر:"إنه مكان مخصص للرهبان، مكون من غرفتين تعود الى القرن التاسع". كما يشرح الأب يواكين ويتابع: " هذا الفضاء مخصص للعبادة، وللصلاة، وللمطالعة، وأيضا للنوم. أما الغرفة الثانية فيمكن للراهب أن يستقبل فيها ضيوفه من الأصدقاء الذين يأتون للزيارة."

وبينما تعيش مصر في الوقت الحالي تغييرات كبرى، يبقى الحال في الأديرة على ما هو عليه."النظام بالنسبة لنا هو نفسه كل يوم"، يقول الأب يواكين". نحن نصلي للناس الذين يعيشون في الخارج، وعلاوة على ذلك لدينا واجب ديني، أن نصلي من أجل السلام" ويضيف بنبرة كلها أمل: " هنا الوضع الأمني جيد جدا. إن الله معنا."

تخوفات على مستقبل الأقباط في مصر

Koptische Kirche Ägypten
جزء من كنيسة قبطية في مصر القديمةصورة من: DW

يشرف القداس على نهايته في كنيسة القديسة باربارا في مركز القاهرة القديم، ويتوجه القس سرابموني زكي إلى مكتبه الفاخر. وبخلاف رجال الدين في الصحراء، يهتم القس زكي بالأحداث السياسية في مصر، وهو يقول إن وضع الأقباط تغير خلال الثورة بشكل ملموس:" منذ 25 يناير يشعربعض المسيحيين بالخوف. نحن لا نعرف ما الذي سيحدث في المستقبل. نحن ندرك جيدا أن هناك تغييرا في العلاقة بين المسلمين والمسيحيين." الجزء المسلم من المجتمع يسعى بقوة للحصول على السلطة. يحلل زكي الوضع: " مثل هذا لم نعهده في السنوات الثلاثين الماضية."

أغلب وجهاء الأقباط يعبرون عن ارتياحهم لإسقاط الشعب لمبارك. لكن يميلون أيضا إلى ضرورة الاعتراف ببعض مزايا النظام السابق أيضا. سرابموني زكي يقول بتعبير آخر: " لن أقول إنه كان سيئا أو كان جيدا، لكن على الأقل في عهده لم تكن هذه الحالة من عدم الأمان التي نعاني منها الآن". يبدو أن للقس مخاوف من مستقبل الأقباط في مصر. مع ذلك لا يجد سببا للانعزال ويضيف: " أقول للشباب:" تحملوا، كونوا أقوياء، يجب أن تختلطوا بالمسلمين وأن تعيشوا إلى جانبهم. اكسروا حاجز الخوف. اجعلوهم أصدقاءكم واشرحوا لهم ما يقلقكم، لا تغضبوا ولا تتعصبوا. كونوا محترمين ومسالمين". إنه حلم تقي، لرجل تقي.

أندرياس بوكه/ ريم نجمي

مراجعة: منى صالح

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد