1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

حجاب المصريات بين المجتمع والسياسة

وفاء البدري - القاهرة٨ مايو ٢٠١٥

دعوات للتظاهر لخلع الحجاب في مصر أطلقت في الآونة الأخيرة تبعها جدل حول الحجاب. اختلفت ردود الأفعال بين التأييد والرفض وبقيت المصريات عالقات في النقاش حول قضية تم إثارتها ولم يتم حسمها بعد.

https://p.dw.com/p/1FMLw
Ägypten Kopftuch "Schleier"
صورة من: DW/W. AlBadry

في طريقها إلى المنزل بعد مواعيد عملها تمر أسماء مصطفي ذات الـ 26 عاماً بمنطقة وسط البلد. تجلس في مقهي بباب اللوق لتشرب قهوتها مع صديقاتها. قررت أسماء منذ أقل من عام أن تخلع الحجاب بعد أن ارتدته في سن الثالثة عشرة من عمرها.

"أمي قالت لي إنني صرت آنسة ويجب أن أرتديه، فارتديته"، هكذا بدأت أسماء حكايتها مع زيها اليومي لسنوات طويلة. وفي لقائها معDW عربية قالت "كنت أحاول أن ألبس على الموضة، لكن عائلتي محافظة".

لم يكن الجدل حول شكل ملابسها كبيراً، حتى تخرجت من الجامعة وعملت بخدمة العملاء وأصبح مظهرها جزءاً مهماً لمقابلة عملائها. تلك كانت بداية الجدل حول شكل ملابسها، التي أوصلتها إلى مرحلة البحث عن مدى فرضية الحجاب.

بتروي أسماء: "صديقتي، التي تخرجت من كلية الشريعة بالأزهر خلعت الحجاب، ففكرت معها بصوت عال". وبعد جدل حول القرار، قررت أسماء أن تخلع الحجاب، ولكن بقي أن تقنع أهلها.

Ägypten Kopftuch "Schleier"
الحرية الشخصية من المفترض أن تمنح مساحة لكل امرأة كي تختار ملابسها بالطريقة التي تعجبهاصورة من: DW/W. AlBadry

والدتها كانت الأقوى في المعارضة وكانت تخاف من نظرة الناس، على حد تعبيرها. أما والدها فاستخدم التهديد، لكنه كان الاهدأ حينما نفذت قرارها. وتكمل أسماء حديثها قائلة: "علاقتي بأهلى تغيرت وصداقتي مع أمي لم تعد كالسابق بسبب أنني خالفتهم وخلعت الحجاب".

لم تواجه أسماء أسرتها فحسب، بل نبذها بعض أفراد العائلة، الذين تصفهم بالاعتدال الديني، ورفضوا دخولها إلى بيوتهم. وواجهت صديقات قررن الابتعاد عنها تدريجياً، كما ابتعد عنها بعض الزملاء الرجال في العمل. وعن هذا تقول أسماء: "واجهت موجة انتقاد عنيفة نفسياً، لكنني أصررت على قراري".

حجاب لله وليس للمجتمع

في جلسة القهوة المسائية تجلس أسماء مع صديقتيها رنا. أ ورشا سلطان. يتحدثن في كل الأمور.. يتققن أو يختلفن. عندما قابلتهنDW عربية، تحدثن عن دعوات تظاهرات خلع الحجاب. رنا، التي ترتدى الحجاب منذ مراهقتها وترفض خلعه، ترى أن تلك الدعوات ما هي إلا مخدر سياسي لإبعاد النظر عن القضايا الأكثر أهمية، وتقول: "لا أحب أن يدعوني أحد لخلع زيّ أنا مقتنعة أنه الأفضل دينياً".

تمسك سيجارتها المشتعلة وتقول: "لا أخاف المجتمع، فأنا أفعل ما أريد، وهذا لا يعني مطلقاً أنني ذات أفضلية على غير المحجبة". تصف رنا نفسها بأنها تحاول أن تكون أفضل والحجاب هو إحدى وسائلها للتقرب إلى الله بتطبيق الدين، وتعبر عن استيائها من دعوات خلع الحجاب، التي ترى فيها ضغطاً على المحجبات.

وعن تأثرها بدعوات خلع الحجاب تقول رنا "لقد تأثرت بسبب كثرة الحديث والجدل، فأصبحتْ فكرة خلع الحجاب تمر بخاطري وهو ما لم يكن يحدث مسبقا". رنا بطبيعة عملها ليلاً، ترد على تساؤل هل يمنحها الحجاب حماية؟ تقول "أبداً، ولا من التحرش ولا من أي أخطار، لكنني أصر على ارتدائه للدين وليس للحماية أو المجتمع".

Ägypten Kopftuch "Schleier"
نساء يؤدين الصلاة في ميدان التحريرصورة من: DW/W. AlBadry

الصديقة الثالثة رشا- تتخذ موقفاً محايداً بين الطرفين، وهي ترى أن الخلاف لا يجب أن يكون موجوداً أصلاً، فالحرية الشخصية من المفترض أن تمنح مساحة لكل امرأة لأن تختار ملابسها بالطريقة التي تعجبها، وتقول: "الأفضل أن يتم توجيه هذا الجهد من كلا الطرفين في التوعية بحقوق المرأة وحريتها".

رشا تصف عائلتها بالمتفتحة، وتوضح أنها تربت بحيث لا تطلق أحكاماً على الناس بسبب ملابسهم. أما عن رأيها في دعوات خلع الحجاب فتقول: "بالرغم من أنني ضد تلك الدعوات، لأنها اقتحام لحرية المرأة، إلا أنها إشارة إلى فتح نقاشات حول موضوعات لم يكن المجتمع يهتم بمناقشتها من قبل". وترجع رشا ذات الـ 28 عاماً ذلك إلى أن الثورة المصرية خلقت مناخاً جديداً من الجدل حول أمور مهمة.

أسماء التي خاضت تجربة ليست سهلة في خلع الحجاب ترد عليهن قائلة، إنها توافق على الدعوات إذا كانت لمساندة من يخلعن الحجاب في مواجهة المجتمع والأهل، أما الدعوات العنصرية على اعتبار أن المحجبات متطرفات، فهي تعتبرها مماثلة للضغط الذي تعرضت هي له أثناء رحلتها مع خلع الحجاب.

عناد متبادل وحجاب سياسي

بعد انقضاء حكم جماعة الإخوان المسلمين بسقوط الرئيس السابق محمد مرسى، ظهرت في مصر موجة من مواجهة مظاهر الانتماء إلى تلك الجماعة. وجاءت أسباب بعض الداعين لخلع الحجاب بأنهم يرفضونه كمظهر ديني يعبر عن التطرف والمد الوهابي الديني .

محمد الدويك الباحث والكاتب في الشؤون الإسلامية، في لقائه معDW عربية يرى في تحليله للجدل القائم الآن حول الحجاب في مصر "المجتمع المصرى بطبيعته ومنذ القدم متصالح مع كل أشكال الزي النسائي، وهذا النوع من الجدل جديد". ويرى الدويك أن هناك عناداً متبادلاً بين رجال الدين وبعض دعاة التنوير ويحمّل الطرفين المسؤولية، فيقول "صدر رجال الدين الحجاب كواجهة للإسلام وكركن أصلي كالصيام والصلاة مما خلق تعالياً لدى السيدات اللاتي ترتدينه وظلماً مجتمعياً لمن لا ترتديه. ومن ناحية أخرى صدر بعض دعاة التنوير خلع الحجاب على أنه رمز للحداثة، وكان هذا ظلماً لمن ترتدي الحجاب".

Ägypten Kopftuch "Schleier"
الدكتور محمد الدويك: الجدل حول الحجاب يعمق الفجوة في المجتمع المصريصورة من: DW/W. AlBadry

أما عن أسباب الجدل القائم الآن، فيقول "إنه ذو طبيعة نخبوية ومحاولة لإثبات الذات على حساب المرأة المصرية التي هي مشغولة بهموم أكبر، منها التحرش والزواج".

ويرى الدويك أن سبب زيادة النقاش حول هذه القضية ليس رغبة سياسية في مواجهة الإسلاميين أو نظام الإخوان السابق، ويكمل "هناك أسئلة لم يتم الإجابة عنها من المختصين مثل التساؤل حول فرضية الحجاب من عدمه، وهو ما يعطي مساحة يستغلها الداعون لتلك التظاهرات، فيجيبون عما هو مسكوت عنه حتى ولو بطريقة خاطئة". كما يؤكد حدوث فقدان للثقة بين المصريين ورجال الدين، ويقول "بعد حكم جماعة الإخوان المسلمين وتوظيف الحجاب بشكل سياسي، أصبحت الناس لا تثق في رجال الدين وبالتبعية فيما كانوا يعتقدونه من المسلمات".

الدويك يعتبر أن هذا الجدل يعمق الفجوة في المجتمع المصري، ويعبر عن مخاوفه من حدوث انقسام حقيقي في المجتمع بسبب إثارة مثل هذه القضايا.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد