1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تنظيم قطر لمونديال 2022 رصيد جديد لها في سجل منافستها مع مصر

٩ ديسمبر ٢٠١٠

وضعت قطر نفسها في صدارة المشهد العالمي بفوزها بتنظيم مونديال 2022، لتكون أول دولة عربية تفوز بهذا الشرف بعد أن فشلت مصر في الحصول عليه. حدث رأى فيه البعض استمرارا لتراجع الدور المصري لأسباب من بينها ثقافة تمجيد الماضي.

https://p.dw.com/p/QTgH
لحظة تاريخية رسخت قطر على خريطة القوى الدولية الصاعدة
لحظة تاريخية رسخت قطر على خريطة القوى الدولية الصاعدةصورة من: AP

فرحة عارمة اجتاحت الشارع العربي بعد فوز قطر بتنظيم البطولة، لتصبح أول دولة شرق أوسطية تحظى بهذا الشرف، لكن على مستوى الحكومات الإقليمية، برهن النظام القطري عمليا أنه يسحب فعليا البساط من نظيره المصري، الذي ظلت آلته الإعلامية خلال ثلاثة عقود ماضية تؤكد على "الريادة المصرية" لدول المنطقة، استنادا لعنصري الحضارة والتاريخ، في وقت كان فيه النظام السياسي يفقد كثيرا من نفوذه التقليدي، من وجهة نظر منتقديه بالداخل قبل الخارج.

غير أن "المونديال"، الذي فازت به قطر قبل أيام وخرجت منه مصر "صفر" اليدين عام 2004، لم يكن سوى واحدا من أمثلة كثيرة استطاعت قطر من خلالها سحب البساط تدريجيا من تحت مصر في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والرياضية.

في بضع سنوات، امتلكت تلك الدولة الخليجية "قوة ناعمة" صنفتها كدولة ذات "أكبر نمو اقتصادي ودخل فردي في العالم". كما جعلتها الدولة الأولى المصدرة للغار المسال في العالم، المصدر الرئيسي للطاقة بحلول 2025- بحسب تقارير للاستخبارات الأميركية.

تلك المعطيات كانت أساسا لإثبات جدارتها كقوة صاعدة ظهرت للعيان في فوزها بتنظيم البطولة، وهو ما علق عليه عباس موسى، الكاتب السياسي بصحيفة "الوطن" القطرية، بقوله "بالمعايير التقنية للفيفا، كان الملف القطري متميزا. خاصة وأن لها تجربة في بطولة الألعاب الآسيوية 2006 والتي نجحت بشكل منقطع النظير، وأثبتت قدرتها على التنظيم الدولي".

استثمارات صاعدة.. ومنافسة "طبيعية" في سوق مفتوح

أكبر صالة رياضية مغطاة في العالم.. قطر تسجل أرقاما قياسية
أكبر صالة رياضية مغطاة في العالم.. قطر تسجل أرقاما قياسيةصورة من: AP

وبينما رفض دكتور علي الدين هلال، مسؤول ملف المونديال المصري عام 2004، التعليق على أسباب النجاح والفشل، أوضح موسى في حديثه لـ "دويتشه فيله" أن "مصر عندما تقدمت كان لها منافسين عرب، وهو ما لم يخدمها، لكن قطر هذه المرة كانت الدولة العربية الوحيدة الممثلة لمنطقة الشرق الأوسط، وتزامن ذلك مع رغبة الفيفا في تغيير مكان البطولة، وهو ما عزز اختيار قطر لتمثل المنطقة العربية والشرق الأوسط، عن جدارة".

ويضاف إلى قوة قطر "الناعمة"، استثماراتها الصاعدة في مختلف أنحاء العالم، التي برزت مصر في بعضها كطرف يتراجع لصالح الاستثمار القطري. ومن أمثلة ذلك دخول الاستثمارات القطرية في الجزائر ومنافستها لنظيرتها المصرية، خاصة في مجالي الاتصالات والإنشاءات، حيث واجهت شركتا "أوراسكوم" و"المقاولون العرب" المصريتان منافسة شديدة. المنافسة كانت أيضا - وفق ما تردد - وراء أزمة شركة "جيزي" المصرية التي تضررت لصالح منافستها "نجمة"، التي تمتلك "كيوتل" القطرية 71% من أسهمها. كما مثل شراء مؤسسة قطر القابضة للاستثمار لسلسة محال "هارودز" الشهيرة في بريطانيا من رجل الأعمال المصري محمد الفايد المزيد من النقاط لصالح قطر في سجل المنافسة الاقتصادية بين البلدين.

وحول تنامي الاستثمارات القطرية على حساب المصرية في بعض دول العالم، رأى موسى أنها "منافسة طبيعية، وإن صح ما تردد عن منافستهما في الجزائر مثلا، فأعتقد أنه أمر طبيعي، وليس له علاقة بأي خلفيات. المنافسة لم تنبع لأن الشركة مصرية، بل لأنه سوق مفتوح للجميع، والمنافسة مشروعة لأي شركة وأي دولة".

وأشار موسى إلى أنه "لا تجوز المقارنة بين اقتصاد الدولتين. البلدان لديهما ثروة طبيعية، لكن الفرق شاسع في إدارة هذه الثروة. قطر تستغل ثروتها لتحقيق تنمية مستدامة على المدى الطويل، ولم تعتمد فقط على النفط والغاز". ويستطرد "أما مصر، فهي دولة كبيرة، ولها تاريخ عريق، لكن أعتقد أن مشكلاتها السياسية انعكست على الوضع الاقتصادي، كما أن نموها الاقتصادي لا ينعكس على الشعب نظرا للزيادة السكانية، وهناك أيضا الفساد الذي يلعب دورا مهما".

أما الدبلوماسية القطرية، فقد فرضت نفسها خلال السنوات الأخيرة من خلال احتضانها للفرقاء اللبنانيين، وحوار الفصائل الفلسطينية، ومحادثات دارفور، ومفاوضات الحكومة اليمنية مع الحوثيين، وجميعها ملفات سياسة خارجية اضطلعت بها مصر إلى وقت غير بعيد، ولا تزال، بالتوازي مع دور قطري ملموس.

الوساطة "النزيهة" لنيل شرف حل الأزمات

Sudanesische Regierung einigt sich mit Rebellen in Dafur
الوساطة القطرية فرضت نفسها في العديد من الملفات الإقليميةصورة من: picture alliance/dpa

وبينما رأى موسى أن مصر كادت تنجح في استضافتها لحوار "فتح" و"حماس"، قال إن "الفرق بين مصر وقطر، حسب ما يراه العالم على الأقل، هو أن مصر محسوبة على معسكر ضد الآخر، وهو ما تراه أيضا حماس، التي ترى أن القاهرة تجامل فتح".

من جانبها، رأت الباحثة المصرية مروى مزيد، زميل قسم دراسات الشرق الأوسط بجامعة واشنطن، أن قطر "تبدو إلى حد ما مستقلة، وتبدو على مسافة واحدة من جميع الأطراف، لأنها تبني علاقات جيدة مع الجميع".

وأوضحت مزيد في حديثها لـ "دويتشه فيله" : "في الوقت الراهن أعتقد أن قطر لا تملك بالفعل أجندة سياسية. بلغة المصالح، أجندة قطر هي أن تقف على مسافة واحدة من الكل وهو تقوم بذلك حتى الآن، لتعزيز دورها أمام المجتمع الدولي، كي ينسب إليها شرف حل الأزمات".

وكانت مزيد قد لخصت، في مقال نشرته مؤخرا الأسباب وراء صعود الدور القطري مقابل تراجع النفوذ المصري قائلة إن "الفرق يكمن في التصور الذاتي للثقافات، فهناك ثلاثة أنواع: ثقافات تستمد هويتها من الماضي مثل «مصر التاريخ والحضارة»، وأخرى تتوغل في الحاضر مثل ثقافة «الآن»! الأمريكية، بينما فئة ثقافية ثالثة تعظّم المستقبل تعظيما".

ورأت مزيد، التي عاشت في قطر لفترة غير قصيرة، أن مصر تعيش "أزمة كبيرة، فهي تعيش ثقافة «الماضى» و«الكِبَر»". في المقابل، تمتلك قطر توجها «مستقبليا»، وتستشهد على ذلك بقولها إنه بمجرد خسارة قطر لملف أوليمبياد 2016، نُصبت لافتات مونديال 2022 رافعة شعار «كلنا قطر». وقالت إن طلابها القطريين علقوا على ذلك بقولهم «نحن نعيش المستقبل. ونشعر بتفاؤل تجاهه، 2016 ذهبت، 2022 آتية».

أميرة محمد

مراجعة: هيثم عبد العظيم

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد