1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تصويت مصريي المهجر: معضلة بلا حل في الوقت الراهن

لا شك أن حق التصويت في الانتخابات العامة أحد أهم حقوق المواطن الأساسية. الدستور المصري يكفل للمواطن إمكانية المشاركة في الانتخابات، بغض النظر عن كونه مقيماً في مصر أو خارجها، لكن الأمر يختلف كثيراً من الناحية العملية.

https://p.dw.com/p/76QR
حق التصويت حق أساسيصورة من: AP

قانون انتخابات الرئاسة في مصر ترك باب المشاركة مفتوحاً، فنصت مادته الأولى على انتخاب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع السري المباشر من قبل المواطنين المصريين المقيّدين بلوائح الاقتراع. ولكنه لم يشر من قريب أو بعيد إلى المصريين المقيمين في الخارج. عدد المصريين المهاجرين بصورة دائمة يقدر بـ844 ألف مواطن، وفقاً لبيانات جهاز التعبئة العامة والإحصاء المصري. أما السواد الأعظم من المغتربين المصريين فيتجاوز المليونين، وأغلبهم قد أقدم على هجرة مؤقتة بسبب العمل أو الدراسة. وتُظهر الأرقام أن هناك 300 ألف مصري مقيم في كندا، و318 ألف في الولايات المتحدة الأمريكية، و70 ألف في استراليا، فضلاً عن المصريين الذين يعيشون في الدول الأوربية والعاملين في الدول العربية. وخلال السنوات الأخيرة تكثف حجم التواجد المصري في القارة الأوربية، ومع ذلك يصعب تحديد عدد المصريين المقيمين في جمهورية ألمانيا الاتحادية، إذ يقدر عددهم تارة بـ35 ألف وتارة أخرى بـ50 ألف شخص. وعادة ما تكون الأرقام المعلنة من قبل مكتب الإحصاء الاتحادي الألماني مختلفة عن نظيرتها في القنصليات المصرية، ولكن من المؤكد أن ذلك يرجع بالدرجة الأولى إلى عدم إقدام عدد كبير من حاملي الجنسية المصرية على تسجيل بياناتهم بسجلات الجهات القنصلية. لكن هل تنطبق عليهم نفس الشروط الواردة في قانون الانتخابات؟

مشكلة عويصة

Ägypten Parlament in Kairo Hosni Mubarak
من هو المستفيد الأول من عدم مشاركة مصريي المهجر في انتخابات الرئاسة؟صورة من: AP

قبيل إجراء الاستفتاء على تعديل المادة 76 من الدستور صرح المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية المصرية في أيار/مايو الماضي بأن هناك 33 مليون مواطن مصري يحق لهم المشاركة بأصواتهم في العملية الانتخابية هذا العام. ويتضمن هذا الرقم الأشخاص المقيمين في الخارج، وكذلك أولئك الذين أسقطت عنهم الجنسية المصرية لأسباب مختلفة. هذا التصريح كان سبباً لمشكلة عويصة تواجه لجنة الإشراف على الانتخابات الرئاسية المقرر عقدها في السابع من أيلول/سبتمبر 2005، ليس فقط لأن قانون تنظيم الانتخابات قد حرمها من مراجعة الجداول الانتخابية في ظل إصرار الحكومة المصرية، ممثلة في وزارة الداخلية، على إبقاء الجداول في يدها، ولكن أيضاً لأن لائحة عمل اللجنة قد تجاهلت قضية المشاركة الانتخابية للمصريين العاملين أو المقيمين خارج حدود القطر المصري، والذين يتمتعون بحكم القانون بحق الانتخاب، ناهيك عن أن الجداول المصرية تسرد أسماء أشخاص أسُقط عنهم الجنسية المصرية، وبالتالي فهم لا يملكون حق التصويت.

هل يمكن للمصري المقيم في ألمانيا أن يشارك في الانتخابات؟

Fragezeichen
هل يمكن للمصريين المقيمين في ألمانيا المشاركة في الانتخابات المصرية؟

"كيف يمكن للمصري المقيم في ألمانيا أن يدلي بصوته في انتخابات الرئاسة المقبلة؟" سعياً للحصول على إجابة شافية على هذا التساؤل، قمنا بالاتصال تليفونياً بالسيد محمود جعفر، الملحق الإعلامي لسفارة جمهورية مصر العربية في برلين، ووجهنا نفس السؤال إليه. وكان الرد دامغاً: "لا يمكن للمصري المقيم في ألمانيا أن ينتخب رئيس الجمهورية المقبل".

ولما لا؟

Wahlen in Irak Auslands-Iraker wählen in Berlin
من حق العراقيين المشاركة في صنع مستقبل بلادهم السياسي عبر لجان انتخابية في ألمانيا، أما المصريون فلا يتمتعون بمثل هذا الحق!صورة من: dpa

عدم إمكانية تصويت مصريي المهجر بشكل عام في الانتخابات ترجع إلى عله قانونية قوية، فالقانون المصري "ينص على ضرورة الإشراف القضائي على الانتخابات، ومن ثم يتعذر إشراف القضاء على أي عملية انتخابية في الخارج"، على حد قول جعفر. لذلك يطالب البعض الحكومة المصرية إيفاد قضاة لسفارتها وبعثاتها القنصلية المنتشرة في شتى أنحاء العالم من أجل مراقبة الانتخابات. لكن جعفر يقول: "هذا مطلب صعب للغاية، إذا أخذنا بعين الاعتبار أن لمصر ما يزيد عن 130 سفارة وبعثة دبلوماسية في الخارج." أما إذا تم إرسال قضاة لدولة ما من أجل متابعة الانتخابات فلابد من إيفاد قضاة لكل دول العالم. وفي هذه الحالة فإنه إذا تواجد مصريان فقط، على سبيل المثال، في دولة ما فلابد من تشكيل لجنة انتخابية لهما، على حد تعبير الدبلوماسي المصري محمود جعفر.

الانتخاب حق كل مواطن

Symbolfoto Telefonüberwachung
مقابلة تليفونية مع هاني عزيز، مستشار وزارة الهجرة والقوى العاملة المصرية لشؤون المهاجرينصورة من: dpa - Report

في شهر كانون الثاني/يناير 2005 شهدت ألمانيا وكل دول العالم تقريباً لجان انتخابية عراقية، تم تنظيمها حتى يتسنى للعراقيين في بلدان إقامتهم المشاركة في انتخابات الجمعية الوطنية (البرلمان العراقي المؤقت). أما الوضع فيختلف بالنسبة للمصريين. السيد هاني عزيز، مستشار وزارة الهجرة والقوى العاملة المصرية لشؤون المهاجرين، كان قد شدد دائماً على ضرورة مشاركة مصريي المهجر في كل ما يتعلق بوطنهم الأم، ولاسيما انتخابات الرئاسة. وفي مقابلة تليفونية أخرى أجراها معه موقعنا سألناه عن رأيه في عدم تمكن المهاجرين المصريين المشاركة في الانتخابات فقال عزيز:"بالطبع من حق أي مواطن مصري في الخارج اختيار رئيس دولته ولقد قمنا ببذل كل جهد ممكن من أجل يصل صوت المهاجرين إلى القيادات السياسية والقنوات الشرعية. ووعد المختصون بدراسة فكرة تشكيل لجان انتخابية في السفارات المصرية، إلا أن هاني عزيز يشك في "أن يتمكنوا من اتخاذ التدابير اللازمة نظراً لضيق الوقت، وقرب موعد إجراء الانتخابات المقبلة. ولكن لابد من الواجب مراعاة هذا الأمر شديد الأهمية في انتخابات السنوات القادمة"، على حد تعبيره.

البريد كبديل لصناديق الاقتراع

Prof. Cilja Harders Uni Bochum
بروفسور سيليا هاردرس، أستاذة العلوم السياسية بجامعة بوخوم/ألمانياصورة من: Cilja Harders

تثير هذه القضية حفيظة ناشطي حقوق الإنسان المصريين، الأمر الذي جعل التقرير الحقوقي المصري الصادر هذا العام يشدد على أن حرمان المصريين المقيمين في الخارج من حق انتخاب رئيس الجمهورية يعد مخالفة صارخة لكافة المواثيق الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان. البروفسور سيليا هاردرس، أستاذة العلوم السياسية بجامعة بوخوم/ألمانيا والتي أجرى موقعنا مقابلة تليفونية خاصة معها، ترى أن عدم تمكين المهاجرين من المشاركة في انتخابات رئاسة وطنهم وهو في حد ذاته عائقاً أمام إرساء قواعد الديمقراطية في إحدى كبريات الدول العربية. فهو يحرم فئة كبيرة المصريين من ممارسة حقها الوطني والمشاركة في إدارة حكم البلاد واختيار قياداته. ولا يمكن تبرير المنع من ناحية دستورية نظراً لوجوب الإشراف القضائي على الانتخابات فإشراف القضائي كان دائما محل جدل في مصر بعد أن هدد القضاة أكثر من مرة بعدم الإشراف على الانتخابات. ومن الممكن تحل هذه المعضلة في إذا سمحت الحكومة المصرية للناخبين المصريين خارج مصر: "الانتخاب بواسطة البريد وهو النظام المعمول به في جمهورية ألمانيا الاتحادية. وعن طريقه يتسنى للناخبين الألمان داخل بلدهم وخارجها الإدلاء بأصواتهم واختيار قيادتهم السياسية، من خلال تعبئة البطاقات الانتخابية وإرسالها عبر البريد." على حد قول البروفسور هاردرس.

علاء الدين سرحان

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد