1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تركيا وإسرائيل.. خطوات حذرة على طريق التطبيع وبناء الثقة

٩ مارس ٢٠٢٢

بعد 14 عاما من الفتور وجمود العلاقات، يزور الرئيس الإسرائيلي تركيا لإعادة المياه إلى مجاريها وطي صفحة الخلافات. لكن هل تكفي هذه الزيارة لنسيان الماضي بعد الأزمات المتتالية التي عصفت بعلاقة البلدين وفقدان الثقة بينهما؟

https://p.dw.com/p/48A7U
صورة مركبة للرئيس الإسرائيل اسحاق هيرتسوغ والتركي رجب طيب أردوغان
هل تعيد زيارة الرئيس الإسرئيلي إلى تركيا ولقاؤه مع أردوغان المياه إلى مجاريها والدفء إلى علاقة البلدين؟

يقوم الرئيس الإسرائيلي، إسحاق هيرتسوغ، بزيارة إلى تركيا لمدة يومين. وبعد 14 عاما من التوتر وفتور العلاقات بين تركيا وإسرائيل، يسعى البلدان إلى فتح صفحة جديدة وتطبيع علاقاتهما وإعادة الدفء إليها كما كانت قبل عام 2008.

في ديسمبر/ كانون الأول 2008 حين زار رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إيهود أولمرت تركيا واجتمع بنظيره التركي رجب طيب أردوغان الذي كان حينها رئيسا للحكومة، تم اتخاذ خطوات مهمة في مجال الوساطة التركية بين سوريا وإسرائيل.

لكن بعد خمسة أيام فقط من تلك الزيارة بدأت إسرائيل عملية عسكرية في قطاع غزة، أدت إلى حدوث شرخ في العلاقة التركية الإسرائيلية. إذ أن رد فعل تركيا الحاد والفظ على ذلك أدى إلى توتر علاقة البلدين لسنوات عديدة.

إرادة مشتركة للوساطة بين روسيا وأوكرانيا

هذه المرة لا يلقي قطاع غزة بظلاله على زيارة الرئيس الإسرائيلي إلى تركيا، وإنما الحرب في أوكرانيا. المتفق عليه هو أن الحكومة في كييف ليست مشكلة بالنسبة لكلا البلدين، بل على العكس من ذلك تصريحات هيرتسوغ وأردوغان تجاه الأزمة الأوكرانية متشابهة. وبدعواتهما المتكررة إلى حل الأزمة دبلوماسيا وإنهاء الصراع بأسرع ما يمكن، فإن أردوغان وهيرتسوغ شريكان محتملان للوساطة في هذه الأزمة.

وحسب رأي هاي إتان كوهين ياناروجاك الباحث في معهد "جيروزاليم للأمن والدراسات الاستراتيجية"، فإن البلدين حذران تجاه روسيا. ويشير كوهين ياناروجاك إلى أن مواضيع مثل السياحة والتصدير والناتو والبحر الأسود وسوريا، كانت دائما تلعب دورا مهما في العلاقة بين روسيا وتركيا.

ويضيف ياناروجاك، بأن كلا البلدين إسرائيل وتركيا يريان أنهما ينتميان لأوروبا بنفس القدر. لكن كلاهما لم يفرضا عقوبات على روسيا. "وبذلك فإن إسرائيل وكما تركيا قد مهدت الطريق لتكون وسيطا". 

أردوغان يسعى لتقارب "تدريجي" مع مصر وإسرائيل.. هل ينجح؟

"يجب إعادة بناء الثقة"

لكن وحدة الموقف والتضامين بين هيرتسوغ وأردوغان فيما يتعلق بأوكرانيا، لا يكفي. إذ على إسرائيل وكما تركيا القيام ببعض الخطوات والتضحية لإعادة بناء الثقة بينهما مع مرور الزمن. وقد أشار السفير التركي السابق لدى إسرائيل، نامق تان، في حوار مع DW إلى أن هيرتسوغ ومنصب الرئيس في إسرائيل "رمزي" وليس له وزن سياسي يعتد به، لكن "زعيما شريكي الائتلاف في الحكومة الإسرائيلية، رئيس الوزراء بينيت ووزير الخارجية لابيد، كلاهما يدعمان زيارة هيرتسوغ وقد رحبت الحكومة بها، وهذا أمر مهم يشير إلى أن إسرائيل أيضا تريد إعادة العلاقات (مع تركيا) من جديد".

من أجل المستقبل، على تركيا وإسرائيل القيام بمشاريع مشتركة، حسب رأي ياناروجاك، بقوله "يجب أن يكون هناك حوار مباشر دون وسطاء بين بينيت وأردوغان وبناء الثقة على أساس شخصي".

وأحد الأسباب الرئيسية لأزمة الثقة بين البلدين، هو موقف الحكومة التركية من حركة "حماس" الفسطينية، التي تراها إسرائيل منظمة إرهابية في حين تقيم تركيا علاقات معها. وفي هذا السياق يجب الإشارة إلى أن عددا كبيرا من أعضاء حماس يقيمون في تركيا. وهو ما يشكل إزعاجا ومشكلة للحكومة الإسرائيلية، التي تريد أن تقطع تركيا علاقاتها مع حماس بأسرع ما يمكن.

ويذكر السفير السابق نامي تان، بأن إسرائيل كانت تصر دائما على طرد أعضاء حماس من تركيا، ويقول لـ DW "هناك توقعات متبادلة من كلا البلدين، لا نعرف إلى أي حد يمكن الوفاء بها. وتركيا تريد لعب دور فعال في عملية حل القضية الفلسطينية".

صورة رمزية علم إسرائيل وتريكا
الأزمات المتتالية وتباين المواقف تجاه العديد من القضايا أحدثت شرخا كبيرا في العلاقة بين إسرائيل وتركيا وفقدان الثقة بينهماصورة من: DW

تطبيع على حساب العلاقة مع اليونان وقبرص؟

كانت هناك انقطاعات وشروخ عديدة في علاقة البلدين خلال السنوات السابقة، لذلك كان عليهما التحرك بحذر. والحذر أكثر وضوحا في الجانب الإسرائيلي.

ويقول الباحث ياناروجاك، يتقدم كلا البلدين بحذر، حيث أن الثقة بينهما قد تلاشت بسبب الأزمات المتتالية. ويضيف "بسبب السياسة الخارجية لتركيا المؤيدة للفلسطينيين، أقامت إسرائيل تحالفا وثيقا مع اليونان وقبرص خلال العقد الماضي. إسرائيل لن تسمح بتطبيع هش مع تركيا، أن يؤثر على علاقاتها الاستراتيجية مع اليونان وقبرص. لذلك أعتقد، أن إسرائيل أكثر حذرا من تركيا في عملية التطبيع هذه".

علاقات اقتصادية وثيقة بين تركيا وإسرائيل

من الواضح أن علاقات تركيا مع أوروبا ودول الشرق الأوسط قد تراجعت وساءت في السنوات الأخيرة. وبناء على ذلك تحاول تركيا الآن الخروج من عزلتها، يقول سفير تركيا السابق لدى إسرائيل نامق تان، ويضيف بأن هناك الآن ميلا إلى "الخطوات البراغماتية" في سياسة تركيا الخارجية، هذا بالإضافة إلى أن الأزمة الاقتصادية أيضا تدفع انقرة إلى البراغماتية، فهي لا تستطيع تحمل قطع علاقاتها التجارية مع الخارج.

وبغض النظر عن كل الخلافات الدبلوماسية، تبقى إسرائيل شريكا تجاريا هاما لتركيا، ففي عام 2021 تم تحقيق رقم قياسي جديد في التبادل التجاري بين البلدين، والذي وصل إلى 8,1 مليار دولار. لذلك سيكون هناك حديث عن تعزيز وتوسيع العلاقات التجارية والاقتصادية بين تركيا وإسرائيل خلال زيارة هيرتسوغ. ومن المتوقع أيضا الحديث عن تعزيز التعاون بين البلدين في مجال الطاقة.

غولسن سولاكر/ ع.ج