1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

بعد استهداف قنصليتها بدمشق.. كيف سيكون رد إيران هذه المرة؟

عباس الخشالي
٣ أبريل ٢٠٢٤

سارعت إدارة الرئيس بايدن ونفت أي "دور لها بالهجوم" الذي استهدف القنصلية الإيرانية في قلب العاصمة السورية دمشق. فكيف سيكون رد إيران على مقتل زاهدي ورفاقه هذه المرة، خصوصا وأنها لم "تثأر مباشرة" لمقتل سليماني؟

https://p.dw.com/p/4eMXu
مقر القنصلية الإيرانية في دمشق (01.04.2024).
صحيفة "هارتس" نشرت مقالا حذرت فيه من أن "اغتيال كبير الجنرالات الإيرانيين يؤدي إلى تصعيد الصراع بين إسرائيل وإيران وحزب الله، ويزيد من حدة التوترات على الحدود الشمالية.صورة من: Firas Makdesi/REUTERS

ما إن ظهرت على مواقع التواصل صور القنصلية الإيرانية في حي المزة بدمشق وقد تحولت إلى ركام بعد قصف طالها ، حتى دارت تساؤلات بين جل المعلقين حول طبيعة الرد الإيراني. وهل جرى تجاوز الخطوط الحمراء هذه المرة باستهداف مقر دبلوماسي لدولة على أرض دولة أخرى والذي "يعد انتهاكاً للقوانين الدبلوماسية الدولية وقواعد الحصانة الدبلوماسية"؟

 الحرس الثوري الإيراني   أفاد أنّ سبعة من عناصره بينهم ضابطان كبيران  هما الجنرالان محمد رضا زاهدي ومحمد هادي حاج رحيمي، قتلوا في الضربة. لتبلغ حصيلة الضربة الجوية 13 قتيلاً، حسبما أفاد التلفزيون الرسمي في طهران.

إسرائيل من جانبها لا تعلق عادة على الهجمات التي تشنها قواتها في سوريا. وردا على سؤال عن الغارة الجوية الجديدة، قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي: "لا نعلق على التقارير الواردة في وسائل الإعلام الأجنبية".

بيد أنّ مسؤولا حكوميا إسرائيليا كبيرا تحدث لرويترز شريطة عدم الكشف عن هويته، قال إن هؤلاء الذين استهدفهم الهجوم "كانوا وراء الكثير من الهجمات على أصول إسرائيلية وأمريكية وكانوا يخططون لشن هجمات أخرى". وأضاف المسؤول الإسرائيلي أن السفارة الإيرانية "لم تكن هدفا".

فيما نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية في تقرير لها يوم الثلاثاء (الثاني من نيسان/ أبريل 2024) نقلا عن ياكوف أميدرور، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، قوله إن مقتل الجنرال زاهدي شكل "ضربة هائلة لقدرات  إيران المباشرة في المنطقة. وأضاف أميدرور أن زاهدي ساعد في الإشراف على محاولة إيران بناء "حلقة من النار" حول إسرائيل "عبر وكلائها المسلحين مع إبقاء تورط طهران بعيدًا".

رد إيراني؟

طالما تجنبت إسرائيل الاعتراف بمسؤوليتها عن الضربات التي توجهها لأهداف داخل سوريا، لعوامل منها تتعلق بالقانون الدولي وأخرى بطبيعة الوضع في البلاد نفسها، حيث تتواجد قوات روسية وأميركية فعليا على الأرض.

بيد أنها تعلن في المقابل مرارا وبوضوح أنها ستتصدى لما تصفه بأنها محاولات طهران ترسيخ وجودها العسكري في سوريا. ومنذ اندلاع الحرب في غزة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، كثّفت إسرائيل استهدافها لمواقع في سوريا.

وعلى الجانب الآخر عمد حلفاء إيران في المنطقة في لبنان وجماعات قريبة منها في العراق وصولًا إلى الحوثيين في اليمن، إلى مهاجمة أهداف إسرائيلية أو أميركية. غير أنهم امتنعوا عن القيام بأعمال واسعة النطاق، فيما أكّدت طهران أنها لا تريد حرباً إقليمية.

إيران تعرف جيدا قواعد اللعبة بينها وبين الولايات المتحدة وبين إسرائيل، لكنها ستبدو محرجة أكثر إن لم ترد بنفس مستوى الاستهداف. ورغم أن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أكّد أن استهداف   قنصلية بلاده في دمشق "لن يمرّ دون رد" ، وتأكيد المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي أنّ إيران "ستعاقب" إسرائيل و"ستجعلها تندم على هذه الجريمة وغيرها"، يستبعد الباحث في العلوم السياسة الدكتور حميد الكفائي ردا إيرانيا مباشرا. 

ويضيف الكفائي قائلا إن "إيران لن ترد مباشرة لأنها تعلم جيدا إن إسرائيل لا حدود لردها ويمكنها أن تفعل كل شيء".

من جهتها نشرت صحيفة "هارتس" الإسرائيلية مقالا حذرت فيه من أن "اغتيال كبير الجنرالات الإيرانيين يؤدي إلى تصعيد الصراع بين إسرائيل وإيران وحزب الله، ويزيد من حدة التوترات على الحدود الشمالية. فمنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، حرصت إسرائيل ومعها حزب الله على تجنب حرب شاملة، لكن الغارة الجوية في دمشق والتي أسفرت عن مقتل قائد فيلق القدس في سوريا ولبنان، تظهر أن إسرائيل رفعت باستمرار الثمن الذي تجنيه من خصمها الشمالي".

يرى مراقبون أن العلاقة بين الرئيس الأميركي بايدن ورئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو "متوترة".
الباحث في معهد "نيولاينز" نيك هيراس يرى أن "تحت الضغوط التي يمارسها الأميركيون، لم يعد أمام رئيس الوزراء نتنياهو وقت كاف لمواصلة الحرب في غزة، لذلك يلجأ بدلًا من ذلك إلى لبنان وسوريا من أجل إضعاف الجهد العسكري الإيراني الإقليمي".صورة من: Avi Ohayon/dpa/GPO/picture alliance

"إدانات عربية أيضا"

ردود الفعل جاءت سريعة، روسيا "استنكرت"، الصين وباكستان "أدانتا"، أما الموقف العربي الأبرز فقد جاء من السعودية، التي "دانت" هي الأخرى "رافضة بشكل قاطع استهداف المنشآت الدبلوماسية لأي مبررٍ كان، وتحت أي ذريعة".

ويشار أنّ اغتيال قادة آخرين في الحرس الثوري الإيراني خلال الفترة الماضية في سوريا ولبنان لم يدفع دولا عربية لإدانتها بعكس ما جرى هذه المرة حيث استهدف الهجوم مقرا دبلوماسيا.

ويرى حميد الكفائي أنّ الدعم الأمريكي لإسرائيل يجعلها في منأى عن "المحاسبة"، لكن الأمر في الجانب الآخر "محسوم، إذ لن يتعاطف أحد مع إيران، حتى لو استنكرت بعض الدول استهداف البعثات الدبلوماسية، وهذا صحيح، لكن في حقيقة الأمر إيران تستعمل هذه البعثات لأغراض عسكرية غير دبلوماسية"، بحسب قوله.

الدور الأمريكي 

واشنطن أبلغت سريعا طهران بأنه "لم يكن لها دور" في الضربة على دمشق، حسبما نقل موقع "أكسيوس" الإخباري عن مسؤول أميركي. ويرى مراقبون أن البيت الأبيض يرغب في تهدئة الأوضاع في الشرق الأوسط خصوصا قبيل الانتخابات الرئاسية الأميركية، وأن الحرب في غزة وسياسة واشنطن يمكن أن تهدد فرص تجديد بايدن في البقاء في المكتب البيضاوي، خصوصا أنّ الحرب في غزة بدأت تهدد صورة الولايات المتحدة الأميركية نفسها حول العالم.

ويرى الدكتور حميد  الكفائي أن رئيس الحكومة الإسرائيلية  بنيامين نتيناهو  "لا يكترث لكل رؤساء الولايات المتحدة، حتى ترامب والذي كان أكثر رئيس ساعد إسرائيل وانصاع لرغباتها، حتى أنه نقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى القدس. ومع ذلك عندما طلب ترامب من نتنياهو المساعدة في عملية اغتيال قاسم سليماني رفض نتنياهو وهذا ما قاله ترامب".

الجنرال قاسم سليماني الذي اغتالته الولايات المتحدة بأمر من الرئيس السابق ترامب بعد مغادرته مطار بغداد.
الجنرال قاسم سليماني الذي اغتالته الولايات المتحدة بأمر من الرئيس السابق ترامب بعد مغادرته مطار بغداد. صورة من: Office of the Iranian Supreme Leader/WANA via REUTERS

أما الباحث في معهد "نيولاينز" نيك هيراس فيرى أن "تحت الضغوط التي يمارسها الأميركيون، لم يعد أمام رئيس  الوزراء نتنياهو  وقتًا كافيًا لمواصلة الحرب في غزة، لذلك يلجأ بدلًا من ذلك إلى لبنان وسوريا من أجل إضعاف الجهد العسكري الإيراني الإقليمي".

ويشير إلى أن "إسرائيل تنظر إلى النزاعات ضد حماس في غزة وحزب الله في لبنان كأنهما جبهتان في حرب عابرة للحدود ضد إيران، يديرها الإيرانيون من دمشق".

ويضيف نيك هيراس "يتوقع نتانياهو من الولايات المتحدة أن تنضمّ إلى إسرائيل في حرب (...) إقليمية واسعة النطاق ضد إيران". ويتابع "يعلم الإسرائيليون أن الحرس الثوري الإيراني سيكون أخطر عدو في هذه الحرب، لذلك يحاولون القضاء على أهم القادة وأكثرهم خبرة لإضعاف الخطط والقدرات الإيرانية قبل هذه الحرب".

يشار إلى أن الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا ودول عربية تعتبر حزب الله أو جناحه العسكري، منظمة إرهابية. كما أن حماس هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على أنها منظمة إرهابية.