1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

انتخابات تركيا.. ماذا تعني جولة الإعادة للعلاقة مع أفريقيا؟

٢٤ مايو ٢٠٢٣

ازداد حجم التبادل التجاري بين تركيا والدول الأفريقية في السنوات الأخيرة بسرعة كبيرة. العلاقات بينهما متشابكة، وذلك بفضل سياسة الرئيس أردوغان وزياراته إلى المنطقة. فهل سيتابع كليجدار أوغلو سياسة أردوغان الأفريقية، لو فاز؟

https://p.dw.com/p/4Ri63
العلمين التركي والصومالي يرفرفان في مطار مقديشو
تعتبر الصومال أهم شريك استراتيجي لتركيا في أفريقيا نظرا لموقعها وأكبر قاعدة عسكرية تركية في الخارج توجد هناكصورة من: Stuart Price/au-Un Ist/dpa/picture alliance

تنافس تركيا الدول القوية اقتصاديا في أفريقياوتقدم نفسها بديلا للقوى الاستعمارية الأوروبية سابقا بنجاح. وترحب الكثير من الدول الأفريقية بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان واستثمارات بلاده في القارة السمراء.

وبعد أن أخفق أردوغان في حسم الانتخابات الرئاسية من الجولة الأولى، تراقب الدول الأفريقية عن كثب وباهتمام الجولة الثانية للانتخابات التركية.

نمو كبير لحجم التبادل التجاري

"أعتقد أن الأمر بالنسبة للأفارقة ليس سيان، من يقود تركيا، فمنذ عام 2003 لدينا عهد ذهبي مستمر حتى اليوم" يقول الباحث النيجيري أوفيغوي إيغيغو، من مركز الأبحاث الدولي "Development Reimagined" مشيرا إلى نمو حجم التبادل التجاري بين تركيا وأفريقيا الذي يصل اليوم إلى نحو 45 مليار دولار.

هذا التبادل كان قبل عشرين عاما حوالي 5,4 مليار دولار حسب وزارة الخارجية التركية. "وهذا نمو كبير لحجم التبادل التجاري مع القارة" يقول إيغيغو في حوار مع DW.

ويساوي ذلك 9,4 بالمائة من حجم الصادرات التركية "هذه زيادة من 4,4 بالمائة قبل 20 عاما، وهي علاقة مهمة جدا للطرفين"، يقول إيغيغو، مؤكدا أن الأمر معقد للغاية مع العديد من الدول. فعلى سبيل المثال تصدر تركيا الكثير من المفروشات إلى نيجيريا، لأن صناعة المفروشات التركية غير قادرة على المنافسة في السوق الأوروبية.

وحتى في الدول الفرنكوفونية في غربي أفريقيا، تعتبر تركيا شريكا تجاريا جذابا، حيث تراجعت علاقة تلك الدول مع فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة.

بطاقة انتخابية لجولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية التركية
العديد من الدول الأفريقية مهتمة بالانتخابات التركية وتفضل فوز أردوغان في جولة الإعادة لمعرفتها به وثقتها فيهصورة من: YSK

استراتيجية تركيا في أفريقيا

الاستراتيجية التركية في أفريقيا تشمل مجالات مختلفة، فهي تمتد من القوة الناعمة مثل دعم التأهيل والتعليم والمؤسسات الاجتماعية والمشاريع الإعلامية والمساعدات الإنسانية وخاصة في البلدان المهددة بالجوع مثل الصومال، إلى مشاريع البنية التحتية.

كما تعمل شركات البناء التركية بشكل جيد، في بناء الطرق والجسور وخطوط السكك الحديدية والموانئ والمطارات والمساجد في أفريقيا.

وحتى في مجال الطاقة والمواد الخام تزداد أهمية القارة الأفريقية بالنسبة إلى تركيا. وفي هذا السياق تعتبر الجزائر من الشركاء المفضلين، والتي تعتبر واحدة من أهم مصدري المواد الخام إلى تركيا، وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2022 أعلنت الدولتان عن خطط مشتركة في مجال الغاز والنفط.

كما أن دور تركيا العسكري أيضا في ظل حكم أردوغان قد ازداد في أفريقيا. ففي العاصمة الصومالية مقديشو، ليس لدى تركيا إحدى أهم بعثاتها الدبلوماسية، وإنما أكبر قاعدة عسكرية خارج البلاد "معسكر توركسوم" التي تبلغ مساحتها 4 كيلومترات مربعة. وبذلك تعتبر الصومال أهم شريك استراتيجي بالنسبة لتركيا في القارة الأفريقية، وبالدرجة الأولى بسبب موقعها الاستراتيجي في القرن الأفريقي.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس السنغالي ماكي سال في دكار 21.02.2022
زار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان 33 دولة أفريقية لتعزيز علاقات ونفوذ بلاده في القارة السمراءصورة من: Ali Balikci/AA/picture alliance

رقم قياسي لزيارات أردوغان إلى أفريقيا!

بالنسبة للدورة الاقتصادية 2022/2023 صنفت وزارة التجارة التركية مصر وإثيوبيا وليبيريا ونيجيريا وجنوب أفريقيا كبلاد "مستهدفة"، بحيث ينبغي تنمية العلاقات مع هذه الدول، حسب ما أعلنته الوكالة التركية للتعاون والتنسيق (TRT).

فتركيا تسعى إلى تنويع علاقاتها الدولية والدخول إلى أسواق جديدة، يقول أكسل فينيس، مدير برنامج أفريقيا في معهد تشاتام هاوس في لندن، ويضيف في حوار مع DW "هذا أحد التوجهات الرئيسية للسياسة التركية التي تطورت خلال السنوات العشرين الأخيرة".

لم يسافر رئيس دولة آخر مثل أردوغان إلى القارة الأفريقية، إذ زار 33 دولة من دولها، لتوطيد سياسته في القارة السمراء، وهناك بعثات دبلوماسية لـ 44 دولة أفريقية في أنقرة.

وبالإضافة إلى ذلك تعد تركيا واحدة من أكثر الدول المانحة للمساعدات، رغم أنها تعاني من ضغوطات كبيرة بعد كارثة الزلزال، حيث لديها تقليد المساعدة بسخاء، لدى الاستجابة للأزمات الإنسانية والمجاعة في القرن الأفريقي، يؤكد فينيس.

الانتعاش الاقتصادي

فيما يتعلق بالانتخابات التركية، كان هناك تركيز على القضايا الداخلية، يقول فينيس، ويضيف لـ DW "لكن، إذا ما فاز أردوغان في الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية، سنرى استمرارية لسياسة تركيا تجاه أفريقيا، السياسة التي ركز وشدد عليها أردوغان".

ويقول الباحث النيجيري أوفيغوي إيغيغو: العامل الحاسم يتعلق بالثقة بأردوغان ومعرفته والفوائد الملموسة التي جنتها الدول الأفريقية خلال حكمه.

الديمقراطية والفساد والزلزال أمور قد تعصف بأردوغان

والمحللة السياسية التركية، نبهات تانرفيردي، تقول "القلق الكبير بالنسبة لأفريقيا فيما يتعلق بانتخابات تركيا، هو ألا تبقى أفريقيا على رأس أجندة السياسة الخارجية التركية بعد رحيل أردوغان". وتضيف مؤكدة "لكن في عالم متعدد الأقطاب، لن تعود تركيا إلى سياستها الخارجية التقليدية الحذرة والانكفاء على الذات" السابقة.

وبدل ذلك تبدو المعارضة مهتمة بصياغة سياسة خارجية ذات دور وهوية جديدة ستوجه السياسة الخارجية الجديدة للبلاد في أفريقيا ومناطق أخرى من العالم، التي تنخرط فيها تركيا، تقول تانرفيردي.

لكن ورغم كل هذا الغموض، فإن الثابت بالنسبة لها هو أن "من سيحكم البلد (تركيا) الموضوع الأهم بالنسبة إليه هو إنعاش اقتصاد البلاد. لذلك ستحرص كل حكومة في أنقرة على متابعة انخراط تركيا الاقتصادي في القارة الأفريقية".

الديناميكية الأفريقية

الصادرات التركية إلى أفريقيا والاستثمارات المباشرة في العديد من الدول الأفريقية، ينبغي ألا تكون بديلا للشركاء التقليديين في أوروبا والولايات المتحدة، تقول تانرفيردي. لكن يبدو أن أفريقيا ستبقى سوقا موازية للأسواق الإقليمية الأخرى بالنسبة إلى تركيا.

فمثلا، بعد الربيع العربي، حين كانت لتركيا مشاكل مع الدول العربية في المنطقة، أصبحت أفريقيا سوقا جديدة لرجال الأعمال الأتراك. وبنقس الطريقة أثارت الحرب الأوكرانية الاهتمام الاقتصادي بأفريقيا، وتقول المحللة السياسية التركية "لا جدال حول تزايد النفوذ التركي في أفريقيا".

وستصبح أفريقيا أكثر أهمية بالنسبة للشركات الصغيرة والمتوسطة والمناطق الصناعية مثل غازي عنتاب ومرسين في تركيا، وتؤكد تانرفيردي أنه "بغض النظر عن تغير الحكومة في أنقرة، ستبقى الديناميكية الأفريقية قائمة في العلاقات الخارجية لتركيا".

مارتينا شفيكوفسكي/ عارف جابو