1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

القاعدة في الجنوب والحوثي في صنعاء واليمن غائب

عباس الخشالي١٢ فبراير ٢٠١٥

يعيش اليمن مخاضاً سياسياً صعباً بغياب كل رموز الدولة وبامتلاك السلاح الكلمة الأخيرة. الحوثيون، رفقاء الثورة سابقا يحكمون البلاد والقوى الأخرى تبحث عن ملجأ للحوار والقاعدة تمرح في الجنوب وتقتل جنود جيش يمني لا قائد له.

https://p.dw.com/p/1EaAX
Huthi Rebell Kind in Sanaa
صورة من: AFP/Getty Images/M. Huwais

ادعت جماعة "أنصار الشريعة" التابعة لتنظيم القاعدة في اليمن أن مقاتليها سيطروا على قاعدة للجيش بجنوب البلاد ويحتجزون جنودا. وفي صنعاء لم يرد تعليق رسمي من الحكومة ولا الجيش على زعم الجماعة. هذه هي الأنباء الواردة من اليمن "السعيد". ولكن، أي حكومة وأي جيش، والدولة تشهد غياباً لكل أركانها. فسدّة الرئاسة خالية بعد تقديم الرئيس عبد ربه منصور هادي استقالته، والبرلمان انحل بـ"إعلان دستوري"، ولا حكومة في اليمن تدير البلاد، التي غرقت في الفوضى أكثر من ذي قبل، بعد أن أحكم الحوثيون قبضتهم على السلطة وسيطروا على العاصمة بالقوة.

ما يجري في اليمن لا يمكن أن يطلق عليه حدثاً آنيا، فاليمن يشهد غياباً للسلطة الحقيقية منذ ثورة عام 2011 الشعبية، التي أطاحت بالرئيس الأسبق علي عبد الله صالح. صالح الغائب عن السلطة الحاضر في دهاليز قراراتها. نائبه السابق وخليفته عبد ربه منصور فشل هو الآخر في أخذ اليمن إلى ساحل الأمان. والأحزاب السياسية القومية والدينية وغيرها، التي تحالفت مع الأنظمة السابقة تتحمل هي الأخرى ما جرى ويجري هناك، حسبما يتفق عليه مراقبون ونشطاء، وبالتأكيد الحوثيون الذين امسكوا بزمام الأمور.

DWعربية التقت في برنامج "أستوديو الحدث" عضو اللجنة الثورية الصحفي فارس أبو بارعة، الذي حمّل الأحزاب السياسية التاريخية مسؤولية ما يجري في اليمن، رافعا عن الحوثيين المسؤولية الكاملة "المعارضة تابعة للخارج، للسعودية والخليج وأميركا ونحن تابعون للشعب اليمني. أحزاب اللقاء المشترك والمؤتمر الشعبي العام هم الذين حكموا اليمن وأفسدوا اليمن، واليوم يتحدثون عن الشعب وحقوق الشعب وأنه كل شيء! أضحت هذه الأحزاب هياكل عظمية بلا جماهير". حسب قوله.

الجماهير التي خرجت يوم أمس الأربعاء في الذكرى الرابعة للثورة التي أزاحت علي عبد الله صالح من الرئاسة، انفضت بالقوة من قبل الحوثيين. والبعض يتحدث عن زخم ثوري جديد، مثل الناشط السياسي اليمني حمزة الكمالي، المقيم في القاهرة، والذي قال لميكروفون أستوديو الحدث "نحن نعيش إعادة إحياء الزخم الثوري في 2011، والتي كان الحوثيون جزءاً منها واليوم استبدوا بالسلطة". وينتقد الكمالي لجوء الحوثيين للقوة وسيطرتهم على مفاصل الدولة، بعد أن كانوا جزءاً من القوى الثورية التي أطاحت بصالح. وينتقد أيضا خطاب الحوثيين اليوم عن الثورة ويقول "أي ثورة شعبية يخرج فيها مكون واحد في المجتمع، تقاد في منطقة جغرافية محدودة نتحدث فيها عن محاصرة العاصمة وميليشيا تنقلب على شرعية الدولة ووصلت بنا إلى ما وصلنا إليه؟".

US-Drohnenangriff im Jemen - verstärkte Sicherheitskontrollen in Sanaa
سيارة محترقة نتيجة ضربة لطائرة أميركية من دون طيارصورة من: Reuters

الجوار الخليجي

الموقع الجغرافي المهم لليمن على رأس مضيق باب المندب واعتبار اليمن خاصرة لدول الخليج يجب حمايتها، هو ما دفع الخليجين لإطلاق صفة الانقلاب على "الإعلان الدستوري" الذي أطلقة الحوثيون وحلوا به البرلمان بعد تقديم الرئيس منصور هادي استقالته. أبو بارعة يوجه الاتهام للدول الخليجية بوصول اليمن إلى وضعه الاقتصادي والسياسي الحالي بعد تدخل السعودية في القرار اليمني. ويضيف "من الطبيعي أن تصف دول الخليج الإعلان الدستوري بالانقلاب، فهي تدعم الأنظمة الفاسدة في اليمن منذ عقود".

غير أنه يرفض أي علاقة للحوثيين مع إيران، مثلما يوجه منتقدوهم الاتهامات لهم ويقول: "إيران رحبت بإرادة الشعب اليمني، لكن الإخوة دائما ضد مصالح الشعب بالتغيير. ليس من حق السعودية ولا مجلس الأمن أو الأمم المتحدة أن يتدخلوا في شؤوننا الداخلية". وينتقد الموقف الخليجي تجاه اليمن ويضيف:"يعتبرون اليمن خاصرة للخليج، لكنهم لا يسمحون لليمن أن يملك عملة محترمة واقتصاداً محترماً. يريدون أن يبقى اليمن مشتتا جوعا وفقرا"، نافيا توجه الحوثيين للتعامل بطائفية مع اليمنيين. ويتهم أبو بارعة جهات داخلية بمحاولة إشعال الفتنة الطائفية "هم يريدون إشعال الفتنة الطائفية برفعهم شعارات، انصروا أهل السنة. أنا أتحدى أي أحد يثبت أن حوثياً واحداً كتب انصروا أهل الشيعة".

ما أهمية اليمن؟

ماري هاينتزه، الخبيرة في الشؤون اليمنية ورئيسة مركز كاربو للدراسات الشرقية في بون ترى أن "عدم استقرار اليمن يمكن أن يؤثر على منطقة الخليج والسعودية بالذات. وترى الخبيرة الألمانية أن هناك مصالح غربية في استقرار الخليج واليمن، فهو يقع على مضيق باب المندب، وهو المنفذ المقابل لقناة السويس، حيث تمر آلاف الناقلات البحرية من وإلى أوروبا". وتشير إلى أن أهمية اليمن بالنسبة للخليج وللغرب عموما لا تكمن في موقعه الجغرافي المهم فقط، بل وبوجود أقوى فروع تنظيم القاعدة المعروفة على أرضه. وتوضح بالقول لـDW عربية :"تخشى الدول الغربية من تصدير هذا الفرع للإرهاب إلى أوروبا. وهناك مخاوف أوروبية مستقبلية من انتقال مقاتلي "داعش" إلى القاعدة في اليمن".

ويرى مراقبون أن سياسة الولايات المتحدة تجاه الحوثيين يمكن أن تتغير رغم القرب الحوثي لإيران، فالمصالح ضد القاعدة يمكن أن تصب في مصالح الطرفين. تؤيد ماري هاينتزه وجهة النظر هذه بحذر مشيرة إلى أن الاتفاق يمكن أن يكون قائما، لكنه لم يطرح للعلن بشكل رسمي.

غير أن ضباطاً أميركيين كباراً تحدثوا عن ذلك، لكن ما الذي يجري فعلا؟ هذا يبقى سراً طي الكتمان حتى الآن، حسب هاينتزه، التي تضيف "بالذات لأن الحوثيين أعلنوا عداءهم للسياسة الأميركية في اليمن منذ عقود وبالذات ضد استخدام واشنطن للطائرات من دون طيار، والذي برأي الحوثيين قد زاد من قوة القاعدة ولم يضعفها". ومن المعروف أن الحوثيين يرفعون شعارات "الموت لإسرائيل، الموت لأميركا". ويتهم حمزة الكمالي الحوثيين "بأنهم يرفعون شعار الموت لأميركا الموت لإسرائيل، لكنهم يحاربون القاعدة بالوكالة عن أميركا".

Deutsche Botschaft im Jemen
لم تغلق السفارة الألمانية أبوابها مثلما فعلت السفارات الأميركية والفرنسية والبريطانيةصورة من: picture-alliance/dpa

إغلاق السفارات

ويوم أمس الأربعاء (11 شباط/ فبراير 2014) أغلقت سفارات غربية أبوابها، كالسفارة البريطانية والفرنسية والأميركية، التي استولى حوثيون على عربات كانت داخلها بعد مغادرة الموظفين وعناصر البحرية الأميركية لها. الحوثيون، على لسان حسين العزي مسؤول العلاقات الخارجية في"أنصار الله"، وهو الاسم الذي يتخذه الحوثيون، أسرعوا بالتعليق على إغلاق السفارات الغربية في العاصمة اليمنية واعتبروه "غير مبرر".

الخبيرة الألمانية هاينتزه ترى أن الأمر لا يتعلق بالوضع الأمني فقط، بل تعتقد "أن هذه رسالة للحوثيين. ضغط سياسي للدفع بالحوثيين للوصول إلى توافق سياسي مع الأطراف الأخرى في اليمن". وتفسر عدم إغلاق السفارة الألمانية حتى الآن بأن "ألمانيا لها سياسة حذرة تجاه ما يجري في اليمن، وهي تعلم بالضبط ماذا يعني غلق سفارتها. فألمانيا تدير منذ عقود مشاريع كثيرة مهمة بالنسبة لتطور هذا البلد ولا يجب وقفها. ولها علاقة طيبة مع اليمن منذ عقود".

المبعوث الأممي لليمن جمال بن عمر، اعتبر أن الوضع خطير جداً، ورأى أن اليمن على حافة الدخول في حرب أهلية. وقال منتقداً كل الجهات في اليمن "كلهم شركاء في ما وصل إليه الوضع الآن، كلهم ارتكبوا أخطاء وحماقات وأحيانا لجأت مجموعات إلى العنف لتحقيق أهداف سياسية ومجموعات حاولت المناورات السياسية لعرقلة العملية السياسية، ووصلت الأمور إلى ما عليه الآن"، مؤكداً على أن الحوار هو الحل الأمثل للخروج من الأزمة.

نفس الرأي تؤيده هاينتزه التي تعتقد أن على الاتحاد الأوروبي لعب دور بناء في الأزمة باليمن "من خلال التهديد بوقف المشاريع التنموية في اليمن، إذا لم يستجب الحوثيون" للحوار والتوصل إلى توافق. غير أنها تشير في الختام إلى أن عبد الملك الحوثي، لايسيطر بشكل كامل على كل ميليشياته "هناك تراجع للتقدم السياسي أمام التقدم العسكري على الأرض في المناطق التي يسيطر عليها بعض رجاله، وهذا ما يدفع القوى الأخرى لاستعمال القوة لغرض دفع الحوثيين للجلوس على طاولات الحوار".