1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

العودة إلى كوباني.. قرار يؤجله دمار هائل

كمال شيخو – كوباني/ عين العرب١٧ فبراير ٢٠١٥

يحول الدمار الهائل الذي خلفته المعارك بين تنظيم "داعش" والمدافعين عن كوباني، دون ترك مخيمات اللجوء التركية وعودة الكثير من سكانها إلى أحضان بلدتهم. DW عربية تجولت في شوارع كوباني (عين العرب) ورصدت صور الخراب والبقاء.

https://p.dw.com/p/1EcMR
Rückkehr des Lebens im zerstörten Kobane
صورة من: DW/Kamal Sheikho

قبل خمسة أشهر، هرب كابان مع عائلته من بلدة كوباني (عين العرب) إلى مدينة سروج التركية المحاذية للحدود السورية، خوفاً من تنظيم "الدولة الإسلامية". لكن ابنه البكر سامان انخرط في صفوف مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية دفاعاً عن المدينة. طيلة تلك الفترة كان كابان يذهب يومياً إلى تلة مشته النور في الجانب التركي، حيث يتمكن من رؤية مدينته التي نزح عنها. ومثل العديد من نازحي كوباني، لجأ وعائلته إلى مخيم أرين مير خان بمدينة سروج التركية.

وبعد أن توالت الأنباء عن استعادة المقاتلين الأكراد للبلدة كوباني (عين العرب) قرر كابان العودة بمفرده ليشاهد ما حل بمنزله والمطعم الذي كان يملكه، ويطلع على إمكانية عودة أسرته أيضاً. تبدو على كابان سعادة كبيرة وهو يقول: "للتو عدنا إلى الحياة، رغم الدمار الذي طال منزلي والخراب حل بالمطعم الذي أملكه ولكن لابد من تحمل المصاعب".

وتمكنت وحدات حماية الشعب الكردية بالتحالف مع تشكيلات من الجيش الحر وبدعم من قوات البيشمركة العراقية من استعادة السيطرة على البلدة بعد أن هزيمة مسلحي تنظيم "الدولة الإسلامية" وطردهم في 26 من كانون الثاني/ يناير الماضي، بعد أربعة أشهر من المعارك المحتدمة بتغطية جوية من طيران التحالف الدولي.

Rückkehr des Lebens im zerstörten Kobane
مراد: من يحمل السلاح في الجبهات، يجب أن يقدم له الخبز، وكلينا يدافع عن كوبانيصورة من: DW/Kamal Sheikho
حصيلة هائلة من الدمار

الخراب والدمار طال أغلب شوارع البلدة وأحيائها. عن ذلك يقول أنور مسلم، رئيس المجلس التنفيذي للبلدة في حوار مع DW عربية إن "مساحة كوباني تبلغ حوالي 7 كيلومترات مربعة، والمساحة التي تعرضت للدمار والخراب تقدر بحوالي 70 بالمئة، منها 40 بالمئة تعرضت لدمار كلي خصوصاً القسم الجنوبي الشرقي المحاذي لتلة مشته نور والتي تركزت المعارك فيها وسوق الهال". ويضيف مسلم: "30 بالمئة تعرض لدمار جزئي في تركز في الجهة الجنوبية وبقيت الجهة الشمالية الغربية أقل ضرراً".

وأشار برنامج الأمم المتحدة لتطبيقات الأقمار الاصطناعية (أونوسات) إلى أن 1206 مبان طالها الدمار، فيما أُصيب 1169 آخر بأضرار جسيمة في البلدة من خلال تحليل أولي لصور الأقمار، وأن أكثر من 3 آلاف مبنى دمر أو أصيب بأضرار. كما تم التعرف من خلال الصور على حوالي ألف حفرة كبيرة سببها سقوط القذائف والصواريخ في وسط البلدة ومحيطها المباشر.

واُلتقطت تلك الصور في 22 من كانون الثاني/ يناير الماضي، وأُجريت مقارنة مع صور مماثلة التقطت في 6 أيلول/ سبتمبر من العام الماضي قبل أيام فقط من قيام التنظيم الإرهابي بشن هجومه عليها.

ويؤكد رئيس المجلس التنفيذي للبلدة أن "حصيلة السيارات المفخخة التي فجرها جهاديو تنظيم داعش كانت 27 سيارة، بعضها كانت محملة بأكثر من طن من مادة تي أن تي شديدة الانفجار، وسقطت أكثر من 110 قذيفة هاون أطلقها التنظيم وفجر انتحاريون أنفسهم، عدا قصف طيران التحالف. أحدثت تلك التفجيرات دماراً كبيراً"، موضحاً أنهم لم يتلقوا بعد أي مساعدات مالية لإعادة إعمار البلدة.

Rückkehr des Lebens im zerstörten Kobane
فايزة عبدي: "المدينة شبه مدمرة بما في ذلك البنى التحتية، أكوام الأنقاض منتشرة في كل مكان، الحرب خلفت خراباً هائلاً"صورة من: DW/Kamal Sheikho
عند التجول بين شوارع البلدة تبدو مظاهر الدمار الذي حل بها واضحة جراء المعارك العنيفة، حيث يمكن رؤية بعض المنازل التي أصبحت أثراً بعد عين ولم يتبق منها سوى الأطلال. أما التي نجت من القصف، فلم تسلم أبوابها ونوافذها جراء ضغط الانفجارات في المناطق المحيطة بها.

عودة الحياة

وقد بدأت بالفعل أعمال إعادة إعمار البلدة، لكن عين العرب التي كان يسكنها أكثر من مئة ألف نسمة قبل اندلاع المعارك فيها قد لا تعود إلى حالتها السابقة إلا بعد مرور عدة شهور أو عدة سنوات ربما. وفي بداية القتال، استهدف تنظيم "الدولة الإسلامية" الفرن المركزي في البلدة. ولسد حاجات القوات المقاتلة والمدنيين، قرر العاملون في المخبز الآلي فتح واحد آخر في مكان آمن. والفرن الجديد (نصف آلي) يصنع الخبز ويوزعه مجاناً على من بقي في البلدة.

عزيز مراد (47 سنة)، الذي يتولى إدارة الفرن الجديد يقول إن "عمله شكلاً من أشكال المقاومة، فمن يحمل السلاح في الجبهات، يجب أن يقدم له الخبز، وكلينا يدافع عن كوباني". أما مساعده علي (30 سنة) فقد قرر ترك زوجته وطفليه في مدينة سروج التركية والعودة إلى كوباني، ليختار التطوع في المخبز، وأكد أنه "عندما قررت العودة كنت عازماً على خدمة أبناء بلدي"، مضيفاً لـDW عربية: "إنْ اقتضى الأمر سأحمل السلاح وأدافع عن بلدتي".

جميع العالمين في المخبز لديهم خبرة ويعملون وفق خطة وضعوها لتوزيع الخبز على المدنيين والعسكر. ويقومون بتوزيعه في نقاط آمنة بعيدة عن القصف والمعارك، ومن بعدها تأتي سيارة مخصصة لنقل الطعام والمؤونة إلى الجبهات. كما يتم توزيع الخبز على النازحين العالقين بين الحدود التركية السورية.

ممر أنساني

المشفى الميداني المتبقي في البلدة يعمل ضمن الإمكانيات المتاحة على تقديم طبابة مجانية لكل المصابين. كما يقوم الأطباء بالتجول على المدنيين وتقديم خدماته بشكل دوري. وتذهب لجنة طبيبة يومياً لإلى نقطة تل شعير ومرسميله التي يتواجد فيها عالقون بين الحدود، لتوزيع الدواء والكشف على المرضى منهم.

Rückkehr des Lebens im zerstörten Kobane
الدكتور محمد عارف علي قرر البقاء في بلدته رغم الحرب.صورة من: DW/Kamal Sheikho
الدكتور محمد عارف علي أحد الكوادر الطبية الميدانية، قرر البقاء في بلدته رغم الحرب. ويشير في حديثه مع DW عربية إلى أنها "أول حرب أشارك فيها كطبيب ميدانيين"، ولم يخف بالقول إنه "عندما أسمع أصوات الطيران أو قذائف الهاون أشعر بالخوف، ولكن عندما أفكر أن هناك أحد المدنيين أو المقاتلين قد يسقط جريحاً في أي لحظة، أتحرر وقتها من قيود الخوف لأقدم له الرعاية الطبية".

من جهتها نقلت رئيسة المجلس التشريعي لمقاطعة كوباني فايزة عبدي إنّ "التحدي الأكبر بعد طرد داعش هو إعادة النازحين إلى منازلهم". وتضيف عبدي أن "المدينة شبه مدمرة بما في ذلك البنى التحتية، أكوام الأنقاض منتشرة في كل مكان، الحرب خلفت خراباً هائلاً".

وقدرت منظمة (AFAD) المعنية بشؤون اللاجئين في تركيا أن عدد النازحين من كوباني (عين العرب) بلغ 183 ألفاً. لكن مسؤولين أكراداً يقدرون العدد بأكثر من 200 ألف شخص، عبروا نحو الأراضي التركية منذ 16 سبتمبر/ أيلول العام الماضي. ويقدر عدد العائدون أليها بعد التحرير حوالي 25 ألف.

وطالبت فايزة عبدي بفتح ممر إنساني عاجل والسماح لعودة الأهالي عبر المنفذ الرئيسي الوحيد، وهو معبر مرشد بينار المغلق منذ بداية الحرب، وشددت على ضرورة ضمان سلامة الراغبين في العودة وأن تشرف الأمم المتحدة على عملية إعادة النازحين.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد