1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الطائفية السياسية خرق قانوني للوائح حقوق الإنسان

محمد الكحط٢٤ يوليو ٢٠١٤

د. محمد الكحط يرى أن الأزمة السياسية بين الفرقاء الذين يمسكون سلطة القرار السياسي في العراق تسير إلى أوضع أسوأ، لأنهم لا يجيدون قيادة البلد إلى بر الأمان، بل أنهم يتوجهون به نحو الجحيم.

https://p.dw.com/p/1CiR9
Iraks Parlament akzeptiert Regierung
صورة من: picture-alliance/dpa/dpaweb

من يوم لآخر يزداد الوضع سوءا، وتتعمق الأزمة السياسية بين الفرقاء وممن يمسكون سلطة القرار السياسي في العراق، وللأسف جميعهم لا يجيدون قيادة البلد إلى بر الأمان، بل أنهم يتوجهون به نحو الجحيم، لسبب بسيط، كونهم لا يمثلون إلا مصالحهم الضيقة ولأبعد الحدود لا يفكرون إلا بطائفتهم أو قوميتهم أو قبيلتهم أو عشيرتهم أو عائلتهم.

لقد ابتعدت الروح والقيم الوطنية العليا ولم تعد ببال هؤلاء، ما يضيق بفسحة الأمل من تحقيق أماني الشعب الذي عانى الكثير ولم يعد يتحمل أكثر من ظلم وتهميش وإجحاف وقهر وبؤس وفقر ومعاناة وتجهيل، ولا أحد من القادة المتنفذين يحس به ويكترث لمعاناته، وها قد وصلت القوى السياسية إلى مأزق لا تحسد عليه نتيجة عدم الثقة والصراع غير المبدئي وغير الأخلاقي، الذي أخذ أشكالاً عديدة منها التنابز والشتائم والافتراء والتهم الجاهزة والتهديد العلني والمبطن، وافتعال الأزمات، بل وحتى القيام أو التشجيع على الأعمال الإرهابية !

فهل يمكن لأي مواطن شريف بعد اليوم أن يثق بأحد من هؤلاء القادة؟ وما هو الحل؟ هل نلجأ إلى تقسيم العراق إلى عشرين قسم وندع كل قسم يتصارع لوحده ونقف متفرجين؟

أن ما آلت إليه سياسة المحاصصة الطائفية، تتطلب منا دراستها بجوانبها المتعددة القانونية والدستورية والسياسية والواقع الذي وصلت إليه البلاد.

أولاً: الطائفية السياسية، خرق قانوني للوائح حقوق الإنسان

تنص المادة 1 من لائحة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على (يولد جميع الناس أحراراً متساوون في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلاً وضميراً وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء.).

أما المادة 2، فتنص على ان ( لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء. وفضلا عما تقدم فلن يكون هناك أي تمييز أساسه الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي للبلد أو البقعة التي ينتمي إليها الفرد سواء كان هذا البلد أو تلك البقعة مستقلا أو تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أو كانت سيادته خاضعة لأي قيد من القيود.)، أما المادة 21، فجاء فيها: (1) لكل فرد الحق في الاشتراك في إدارة الشؤون العامة لبلاده إما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون اختياراً حراً. (2) لكل شخص نفس الحق الذي لغيره في تقلد الوظائف العامة في البلاد. (3) إن إرادة الشعب هي مصدر سلطة الحكومة، ويعبر عن هذه الإرادة بانتخابات نزيهة دورية تجري على أساس الاقتراع السري وعلى قدم المساواة بين الجميع أو حسب أي إجراء مماثل يضمن حرية التصويت.

من خلال النصوص أعلاه يتضح لنا أن ما يجري في البلاد ما هو إلا خرق واضح للائحة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وإذا راجعنا نصوص الدستور العراقي المقر ورغم ثغراته الكثيرة، فهو يؤكد على ذات الحقوق لأي مواطن، لنقرأ النصوص التالية من الدستور العراقي النافذ:

المادة (9):

أولا ًـ أ. تتكون القوات المسلحة العراقية والأجهزة الأمنية من مكونات الشعب العراقي، تراعي توازنها وتماثلها دون تمييز أو إقصاء وتخضع لقيادة السلطة المدنية وتدافع عن العراق ولا تكون أداة في قمع الشعب العراقي ولا تتدخل في الشؤون السياسية ولا دور لها في تداول السلطة.

ب. يحظر تكوين ميليشيات عسكرية خارج إطار القوات المسلحة.

الفصل الأول/ الحقوق/ أولا: ـ الحقوق المدنية والسياسية

المادة (14):

العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل او اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي.

المادة (16):

تكافؤ الفرص حق مكفول لجميع العراقيين، وتكفل الدولة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق ذلك.

المادة (20):

للمواطنين، رجالاً ونساءً حق المشاركة في الشؤون العامة، والتمتع بالحقوق السياسية بما فيها حق التصويت والانتخاب والترشيح.

الفصل الثاني/ الحريات/ المادة/ 35

أولا: أ ـ حرية الإنسان وكرامته مصونة.

ـ حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل.

ثانياً ـ حرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر.

ثالثاً ـ حرية الاجتماع والتظاهر السلمي وتنظم بقانون.

المادة- 40: لكل فرد حرية الفكر والضمير والعقيدة.

هذه النصوص أعلاه من الدستور العراقي، والتي تستند إلى لائحة حقوق الإنسان، لاشك أنها معتبرة وملبية لطموحات الشعب العراقي، ولأي شعب حر، فهل تتفق سياسة المحاصصة الطائفية مع تلك القوانين، وهل تم تطبيق هذه المبادئ بشكلها الصحيح، أم بقيت معظمها حبراً على ورق...؟، وهل كانت مسارات وتوجهات العملية السياسية في العراق ملبية لتلك القوانين، أم أصبحت قيادة شؤون البلاد والعباد حكرا لطائفة دون أخرى ولقومية دون أخرى، وتم احتكار حق تقلد الوظائف العامة في البلاد لمجموعات معينة دون أخرى، فهذه الوزارة للعرب السنة وهذه للعرب الشيعة وتلك للكرد وتلك..وهكذا؟!

ثانياً: مدخل لمفهومي المواطنة والطائفية

لقد جاء استقلال العراق ومن ثم تأسيس الجمهورية العراقية عام 1958م نتيجة نضال وطني سياسي ضد الوجود الاستعماري والنظام الملكي، قدم خلاله شعبنا تضحيات جسام، لكن مخططات ومؤامرات الدول الخارجية وخصوصا بريطانيا والدول الامبريالية الأخرى استمرت والى الآن، وازداد التدخل الخارجي الإقليمي بشكل كبير لما يمثله العراق من ثقل وأهمية سياسية واقتصادية استراتيجية.

لذا تشكلت روح المواطنة في ظروف معقدة، والتي يمكن تعريفها، بأنها حالة يضمنها العرف والقانون يحق بموجبها لجميع المواطنين بتسيير الشأن العام للدولة على قدم المساواة وفي ظل الحريات العامة ومبدأ الديمقراطية.

يمكن تعريف مفهوم المواطنة تاريخيا، ففي أثينا في القرن الخامس قبل الميلاد كان هذا المفهوم لا يشمل جميع أبناء المجتمع، فقد كانت تستثني النساء والعبيد والأجانب والأطفال أي أغلبية المجتمع، هذا المفهوم جاء بسبب اعتبارات وغايات خاصة ضمن قيم ذلك الزمان، فقد كانت أثينا القديمة تسنده إلى الآلهة والأساطير.

لكن متطلبات الحريات الجديدة في القرون الأخيرة وخصوصا في الثورة الفرنسية حيث بدأ هذا المفهوم يفسر ويفهم إلى قيم ثلاث: "الحرية، المساواة، الإخاء". ولم تكن المواطنة حقوقاً تُمنح للمواطنين وواجبات تقع على عاتقهم إلا لأنهم يشعرون بأنهم أعضاء في مجتمع توجهه قيم مشتركة، حتى وإن كانت غير مجمع عليها. وظل الفكر الليبرالي ولفترة طويلة يتنكر لضرورة نهج سياسة اجتماعية، وكان يربط مواطني المجتمع المشترك بعضهم ببعض: "كل واحد منا يضع نفسه وكل قوته تحت إدارة إرادة عليا مشتركة". (المصدر: الموسوعة العالمية).

لقد تطور مفهوم المواطنة عبر مسيرتها التاريخية وكل مرحلة تاريخية قدمت مساهمة أغنت مفهوم المواطنة، رغم وجود فترات شهدت فيها انحسار هذا المفهوم وفي أماكن مختلفة وأزمنة مختلفة وضمن ظروف مرت بها البشرية. خصوصا عند تصاعد التناقضات الاجتماعية.

لذا كتب جان جاك روسو: "يأخذ المشاركون (في المجتمع) كمجموعة اسم الشعب ويسمى المشاركون في السلطة السياسية مواطنين ويسمون رعية لخضوعهم لقوانين الدولة. هذه الكلمات رعية، سيد، مواطن هي واحدة".

المواطنة هي شكل من أشكال الانتماء إلى الوطن والمجتمع، وهذا الانتماء يفرض وجود ارتباط بين الوطن والمواطن، كما أنه يفرض حقوقاً على كل واحد منهم تجاه الآخر.

بشكل عام وحسب مفهوم المواطنة يتمتع المواطن بحقوق تسمح له ممارسة أفعال سياسية مثل حق الإضراب والتظاهر وتشكيل أحزاب سياسية وجمعيات ونقابات.

ويعبر عن آرائه بكل الوسائل التي تندرج تحت مبدأ الحريات العامة والخاصة أي وسائل الاتصال الجماهيرية المختلفة.

لكن هل هذا المفهوم واضح و مطبق حتى في أكثر البلدان تطورا ؟

ان هذا المفهوم يظل ناقصا في التطبيق بسبب اتساع اللا مساواة والفوارق الطبقية وظاهرة تهميش أعداد كبيرة جداً من المواطنين، وعدم وجود فرص حقيقية لهم للمساهمة في القرار السياسي، تجعل مفهوم المواطنة بلا معنى بالنسبة لهؤلاء.

أما الطائفية فهي النقيض التاريخي للمواطنة، وفي بلداننا سواء في العراق أو سوريا ولبنان تعود جذورها وبروزها بالترابط مع تصاعد الصراع الخارجي بين السلطنة العثمانية المتهالكة، وبين الدول الاستعمارية التي بلغ التطور الرأسمالي فيها مرحلة متقدمة حملت معها الصراع للسيطرة على بلدان وشعوب المنطقة.

فقد كان للممارسات القمعية التي طغى عليها الطابع الطائفي سبباً أدى إلى ترسيخ وتفشي الطائفية في مجتمعات الدول التي كانت تقبع تحت السلطة العثمانية، فلم تتشكل الروح الوطنية، كما جاء الاستعمار البريطاني ليعزز سياسة فرق تسد لتمزيق وحدة ولحمة الشعب العراقي الذي كان يئن من التفرقة والفقر والجهل والأمية، مما أدى ترسيخ الايدولوجيا الطائفية وسيادتها في تكوين الدولة العراقية ومؤسساتها، وأدى ذلك إلى التنافس على مواقع النفوذ، ونشأ التناقض والخلل في مجمل الحياة السياسية وعلى الاستقرار والوضع الاقتصادي والاجتماعي.

ثالثاً: الطائفية السياسية، ونتائجها السلبية على المجتمع

ان ترسيخ الروح الطائفية يؤدي بالمجتمع إلى الضياع، وعدم الشعور بالانتماء للوطن، وينجم عنه تعميم ثقافة الطائفة بديلاً من ثقافة الوطن المبنية على الوحدة، ويحوّل الوطن إلى ساحة لفعل وتصادم العوامل الخارجية الإقليمية والدولية، ويعرقل ذلك إقامة دولة حديثة تقوم على أسس المواطنة والعدالة والحريات الاجتماعية والديمقراطية.

والطائفية تتعارض كلياً مع الديمقراطية التي تعني المساواة بين جميع المواطنين في الحقوق والواجبات بينما يعتمد النظام الطائفي معايير تميز بين طائفة وأخرى.

فاليوم نشاهد في العراق كيف يعمل السياسيون كقادة لرعاياهم من الطوائف والعرقيات المختلفة للمجتمع العراقي، مما يبقي شعبنا كمجموعة أقليات طائفية أكثر مما يجعله شعباً ومجتمعاً واحداً.

ينتج عن الطائفية ضياع حقوق الأقليات، بل تنتهك حتى حرماتهم، كما ينتج عنها شيوع المحسوبية والوصولية في إدارة الدولة، واحتماء المسؤولين والموظفين تحت ظلها، ما يشيع الفساد وظاهرة الاستشراء، وبالتالي إشاعة الإفساد بأنواعه في المجتمع.

ان ذلك يؤدي حتما إلى ضعف العمل في مؤسسات الدولة وضعف الإنتاجية ويعرقل خدمة المواطنين، ويمنع بناء دولة حديثة قادرة على مواكبة التطور الجاري في العالم، وعلى تأمين الاستقرار في السلطة والمجتمع.

وتلبي الطائفية مصالح البرجوازية. حيث تستخدم الطائفية كوسيلة لتشويه الوعي الطبقي والاجتماعي، مما يعيق توحيد الطبقات الكادحة في النضال السياسي، دفاعاً عن مصالحها المشتركة.

لقد زعزعت الطائفية التاريخ السياسي للعراق وهدّدت وحدته. وللأسف لعب الإعلام الطائفي دورا كبيرا بترسيخ المعضلات.

رابعا: مسارات العملية السياسية في العراق:

على الجميع أن يدرك ان العالم يسير إلى الأمام، والقيم الإنسانية تتوطد في بقاع كبيرة، أما التخلف والارتداد إلى الوراء، فعاد محصورا بالدول النامية التي للأسف تصر على البقاء تحت خانة التخلف، فها هي أوربا وبعد قرونٍ من الحروب والاقتتال، تتوحد وتلغي الحدود والعملات الخاصة، وتجد لها برلمانا وحكومة واحدة وتتقارب شعوبها يوما بعد يوم، وذلك بعد أن استوعبوا الدرس من الماضي، وفهموا أننا جميعا بشر نعيش في بقعة واحدة، رغم أنهم من قوميات وأديان وطوائف لا تعد ولا تحصى، وليس هنالك ما يدعو إلى الخلاف والتصارع، وها هم يتقدمون إلى الأمام، فكيف نحن أبناء البلد الواحد والتاريخ الواحد...؟

أليس الأفضل لنا أن نتحد ونتكاتف لنبني بلدنا ونخدم شعبنا المنكوب؟

فمن هو حريص على العراق واستقلاله وسيادته وتقدمه ونهضته، عليه ان يقف مع المصلحة الوطنية والنهج الوطني، والتوجه الديمقراطي الذي يؤكد الجميع أنهم يؤيدونه، لكنهم للأسف لا ينتهجونه، فهل نعود لعهد الطغيان والجهالة وعدم احترام حقوق الإنسان والحريات العامة؟ وهل نبعد الوطنيين من المثقفين وذوي الخبرة والعلماء والمختصين والأكاديميين، ونترك لأشباه الأميين قيادة البلد تحت طائلة الطائفية السياسية وسياسة المحاصصة لينهبوا ويسرقوا ويبددوا خيرات البلد، ويقودونه إلى المجهول؟

انه من النادر أن نجد بلدا في العالم ليس فيه تعدد قومي وعرقي، وهذه ميزة إيجابية لو تم فهمها بشكلها الصحيح، فهل كلها تتصارع على السلطة والنفوذ والغنائم؟، طبعا لا، عدا بعض الاستثناءات في دولٍ لا زالت تعاني أيضا من التخلف، ويقودها أناس جهلة أو عنصريون أو طائفيون، فها هي الصين والهند واليابان ومعظم الدول في شرق آسيا، كم عرق وقومية وطائفة في كل منها، فهل نتوه نحن راكضين خلف وهم الطائفة والقومية...أم نتلمس الطريق الصحيح، طريق الوطنية والديمقراطية والوحدة الوطنية والمساواة في الواجبات والحقوق، وتوطيد وحدة النسيج الاجتماعي للشعب العراقي، والعمل بيدٍ واحدة دون أنانية، بل بروح الحرص على كل ما هو جميل ويجمع أبناء شعبنا، والابتعاد على كل ما هو ذاتي وأناني والتخلي عن النفاق والدجل وكشف المرابين والذين يخدمون المصالح غير الوطنية، ويضعون يدهم من الأجانب أو مع الإرهابيين.

مدوا الأيادي لكل الوطنيين والمخلصين من كل الطوائف والأعراق والانتماءات السياسية المختلفة، وأفسحوا المجال للأفكار الوطنية في التعليم والإعلام والثقافة، وربوا الكوادر الحكومية صغيرها وكبيرها من جميع مكونات شعبنا بروح الوطنية والديمقراطية، وأبعدوا العنصريين والطائفيين والمرتشين وحاملي أفكار نفايات الفكر العدمي والدكتاتوري.

فكلنا عراقيون، وإذا أردنا ان نحمل الهوية العراقية علينا ان ندرك، أن التركمان هم العراق و الكرد هم العراق والعرب هم العراق و الأيزيدية هم العراق و المندائيون هم العراق والشبك هم العراق والشيعة هم العراق والسنة هم العراق، أما الكلدان والسريان والآشوريين فهم أصل العراق وتاريخه العريق، فهذا هو العراق حضارته وثقافته فسيفساء زاهية متعددة الألوان، فلنجعل من ذلك التاريخ أرضا صلبة لوحدتنا وقوتنا، لنبني حضارة حداثوية موازية لتلك الحضارة القديمة لنكون جديرين بأن نحمل سماتها ونتباهى بها، فهل نحن جديرون بحمل حضارة أبناء وادي الرافدين العتيدة...؟

أخيراً: ومن أجل ذلك فالحل هو:

- إقامة دولة ديمقراطية حديثة تقوم على أسس علمانية تفصل الدين عن الدولة وتضمن حرية الفكر والمعتقد وممارسة الشعائر الدينية للجميع.

- دولة توفر الشروط والضمانات الفعلية لاحترام حقوق الإنسان وتعزيز تماسك الدولة وفاعليتها وبناء وحدة وطنية ركيزتها قانون موحد للأحوال الشخصية وقانون جديد للأحزاب يمنع العمل للأحزاب الطائفية والمذهبية.

- نحتاج إلى عدة خطوات لإتباعها لكي نرتقي ونصل إلى مجتمع يعمل لتحقيق روح المواطنة هذه الخطوات تبدأ من الأسرة ومن ثم المدرسة، وصولاً إلى منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية.

- نحتاج إلى دولة ودستور يلغي الطائفية السياسية، ويتم فيه تعديل المناهج التربوية لبلورة مفهوم المواطنة، وتفعيل دور الأحزاب السياسية الديمقراطية والعلمانية، ويعدل قانون الانتخابات الذي يمنع الدخول بقوائم أو أحزاب عرفية أو طائفية أو قومية، وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، وعدم الارتهان للتدخلات الخارجية.

- نحتاج دولة تقوم على الديمقراطية والتسامح وضمان حرية التعبير لكل الأفراد عن معتقداتهم السياسية والفلسفية وحتى الدينية شرط ألا تتعارض مع قوانين الدولة المدنية.

- دولة تفصل بين السلطات الثلاث لتكون دولة المؤسسات والقانون.

- دولة تطبق العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص وحق الأقليات وتلغي التمييز الطائفي في الوظائف والمؤسسات.

لماذا يتطلب فصل الدين عن الدولة؟

يشخص الكاتب علاء الأسواني في مقالٍ له بعنوان، "ماذا تعلمنا من المحنة ؟!" ذلك بــ..

- الديمقراطية تعنى المساواة بين المواطنين، والدين لا يمكن أن يساوى بين المؤمنين والكافرين.

- الديمقراطية تطرح أفكارا للمناقشة قد تحتمل الصواب والخطأ، والدين يفرض حقائق إن لم تؤمن بها تكون كافرا.

- من يمارس السياسة من منطلق ديني، مهما قال كلاما جميلا، سوف يرى في خصومه السياسيين أعداء للدين، سيدافع عن تصرفات شيوخه وقياداته بنفس الضراوة التي يدافع بها عن عقيدته، سوف يكون على استعداد لارتكاب الجرائم وتبريرها، لأنه يعتبر نفسه في حرب مقدسة من أجل إعلاء الدين.