1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

اتفاقية الشراكة الأوروبية التونسية- حسابات الربح والخسارة

٦ فبراير ٢٠١٠

بدأت تونس في تنفيذ اتفاقية التبادل التجاري الحر مع الاتحاد الأوروبي، التي وصفت بأنها محرك لتطوير القطاعات الاقتصادية والبنية التحتية في تونس، غير أن هناك من يتوقع أن تشكل في الوقت ذاته تحديا كبيرا للمنتجات المحلية.

https://p.dw.com/p/LuCp
اتفاقية التبادل التجاري الحر مع الاتحاد الأوروبي - هل حققت تونس ما كانت تطمح إليه من خلالها؟صورة من: DW

بدأت تونس في يناير/كانون الأول عام 2008، كأول دولة في الضفة الجنوبية للمتوسط، في تطبيق اتفاقية التبادل التجاري الحر مع الاتحاد الأوروبي في المجال الصناعي. وبموجب هذا الاتفاق أصبحت المنتجات الصناعية التونسية تحظى بتسهيلات للدخول إلى الأسواق الأوروبية، التي تعد الأهم على الإطلاق للصادرات التونسية.

ولم تعد هذه الاتفاقية بالنفع على قطاع الصادرات الصناعية وحسب، وإنما شكلت دافعا لعدد من الإجراءات التي شهدها الاقتصاد التونسي في السنوات الأخيرة. وتكمن أهمية هذه الاتفاقية حسب رضا قويعة، خبير اقتصادي تونسي، ليس فقط لأنها تمكن المنتجات التونسية من دخول السوق الأوروبية، التي تعد بأكثر من 500 مليون مستهلك، بل أيضا لأنها ساهمت بشكل كبير في "تطوير المنافسة وتحسين وسائل الإنتاج في تونس ونقل التكنولوجيا إليها".

كما ساهمت هذه الاتفاقية في ارتفاع قيمة الاستثمارات الأوروبية في البلاد وبالتالي خلق فرص عمل كبيرة للتونسيين. وحسب إحصائيات رسمية تونسية بلغت في عام 2008 قيمة الاستثمارات الأوروبية 2270 مليون دينار تونسي، أي نحو 70 بالمائة من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تونس. كما بلغ عدد الشركات الأوروبية في تونس نحو 2500 من إجمالي 2966 مؤسسة أجنبية، وفق إحصائيات رسمية لعام 2008. وتعكس هذه الأرقام مدى ارتباط الاقتصاد التونسي بالاتحاد الأوروبي، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن نحو 80 بالمائة من الصادرات التونسية موجه إلى دول الاتحاد الأوروبي.

اتفاقية الشراكة الأوروبية التونسية - سلاح ذو حدين

Einkäufer in Supermarkt
هل تنجح المنتجات المحلية في تونس من منافسة المنتجات الأوروبية الوافدة على السوق التونسية بموجب اتفاقية التبادل التجاري الحر؟صورة من: picture-alliance/ dpa

ولكن اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي تقضي أيضا برفع القيود الجمركية عن المنتجات الأوروبية وفتح السوق التونسية أمامها وذلك عقب دخول الطرفين في تبادل تجاري تام خلال العام الجاري. الأمر الذي يصفه فولفغانغ مورباخ، من المؤسسة الألمانية للتعاون التقني (GTZ) في تونس، بأنه "سلاح ذو حدين". وأعرب في تصريحات لدويتشه فيله عن توقعاته "بأن ثلث الشركات التونسية قد تندثر، وثلث ربما يتمكن من البقاء، فيما بإمكان الثلث الآخر أن يكون قادرا على المنافسة."

ويعزو مورباخ ذلك إلى أن المنتجات الأوروبية من شأنها أن تشكل منافسة كبيرة للمنتجات المحلية. ويتوقع أن يقبل المستهلك التونسي على شراء البضائع الأوروبية ويتجاهل المنتجات المحلية رغم جودتها. ويفسر ذلك بأن عملية تغليف المنتجات الأوروبية تعد "أكثر جاذبية" من غيرها، بالإضافة إلى قدرة الشركات الأوروبية على تمويل حملات دعائية لمنتجاتها في البلاد. ويشير مورباخ إلى أن السوق التونسية، التي لا تتجاوز 10 ملايين نسمة، تعد "صغيرة" بالنسبة للشركات الأوروبية الكبرى وبالتالي فإن "عملية دراسة النفقات والمخاطر تعد بالنسبة لها أمرا بسيطا"، وعليه أعرب عن قلقه من أن تتحول تونس من خلال اتفاقية التبادل التجاري الحر إلى "مجرد سوق استهلاكية للبضائع الأوروبية".

هل تشكل المنافسة الأوروبية تهديدا للمنتجات المحلية؟

Tunesien Dattelernte Oase
أصبحت التمور التونسية منذ سنوات من السلع المتداولة في بعض سلسلة المتاجر الأوروبية للمواد الغذائيةصورة من: DW

ولكن المنافسة الأوروبية من شأنها أن تشكل حافزا كبيرا للقطاعات الاقتصادية التونسية للتطور ومنافسة المنتجات الصناعية الأوروبية. ففي تصريح لدويتشه فيله يؤكد رؤوف بن دبة، صاحب شركة لصنع المكونات الالكترونية للسيارات في مدينة سليمان التونسية، أنه "لا يخشى المنافسة، بل على العكس لا يمكن للشركات المحلية من تطوير إنتاجها إلا من خلال المنافسة التي هي أيضا حافز لتقديم جودة أفضل".

ويشير ابن دبة، الذي يصدر 80 في المائة من منتجات شركته إلى السوق الأوروبية ونسبة أخرى أقل إلى أسواق أمريكا الشمالية، إلى أنه في حال لم تكن منتجات شركته، التي توفر 400 فرصة عمل، "جيدة لما استطاعت منافسة آخرين والبقاء والنجاح منذ 27 عاما". ويفند رجل الأعمال التونسي بذلك بعضا من مخاوف المتحفظين من قدرة الشركات التونسية من تسويق بضائعها داخل الأسواق الأوروبية.

يذكر أنه لم يتم تنفيذ اتفاقية التبادل التجاري الحر مع الاتحاد الأوروبي بين عشية وضحاها، فقد سبقتها فترة انتقالية بمدة 12 عاما، وذلك لإعداد الاقتصاد التونسي والشركات التونسية على هذه المرحلة على الصعيدين التقني واللوجستي. فعقب توقيع تونس، كأول بلد جنوب متوسطي، على اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي عام 1995، أطلقت برامج مختلفة للتكوين المهني في ميادين مختلفة وتطوير هياكل المؤسسات الاقتصادية وتحديث وسائل الإنتاج لدى الشركات وأخرى لتنمية القدرة التنافسية والجودة. كما شهدت البلاد تطورات ملحوظة في البنية التحتية خلال السنوات الماضية.

نقلة اقتصادية نوعية؟

Symbolbild Tunesien - Freihandelszone mit der EU
تونس تسعى إلى الحصول على صفة الشريك المفضل للاتحاد الأوروبي مثلما حصل عليها المغرب من قبلصورة من: DW

ومن جهتهم، يرى التونسيون في اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي نقلة نوعية في العلاقات الاقتصادية الأوروبية التونسية، فقد تضاعفت نسبة صادرات البلاد إلى دول الاتحاد الأوروبي أربع مرات، من 4.5 مليار دينار تونسي عام 1995 إلى أكثر من 18 مليار دينار تونسي (أي ما يضاهي نحو 10 مليار يورو) خلال العام الماضي، بحسب ما أعلنه وزير الصناعة التونسي عفيف شلبي، الذي أكد أن تونس "قد حافظت على مكانتها كأكبر مصدر صناعي من دول حوض جنوب المتوسط للاتحاد الأوروبي".

لكن الخبير الاقتصادي التونسي رضا قويعة يرى في حديث له مع دويتشه فيله أن الصادرات التونسية تقتصر في الحقيقة على أربعة دول في الاتحاد الأوروبي، الذي يضم 27 دولة، هي أساسا فرنسا وإيطاليا وألمانيا وإسبانيا. وأشار إلى أن حجم الاستثمارات الأوروبية المباشرة كان دون ما كانت تنتظره البلاد. وإن كان قد عزا ذلك بالدرجة الأولى إلى تداعيات الأزمة المالية العالمية، إلا أنه أشار إلى أن انضمام دول أوروبا الشرقية قبل بضع سنوات إلى الاتحاد قد أثر "سلبا على الاستثمارات الأوروبية في تونس"، داعيا في الوقت نفسه إلى ضرورة "تنويع الشركاء الاقتصاديين في شتى أنحاء العالم وعدم الاقتصار على الاتحاد الأوروبي". يذكر أن تونس تسعى إلى الارتقاء إلى مكانة "الشريك المفضل"، رغبة منها في الحصول على امتيازات في مختلف المجالات، حيث ما تزال الأوساط التونسية تترقب قرار المفوضية الأوروبية حول هذا الأمر.

الكاتبة: شمس العياري

مراجعة: هشام العدم

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات