1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

إسرائيل والأمم المتحدة.. علاقة صعبة رغم بداية مثالية!

توماس لاتشان
٢٦ مارس ٢٠٢٤

قرار مجلس الأمن المطالب بوقف فوري لإطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن بدون شروط، زاد العلاقة الصعبة بين إسرائيل والمنظمة الدولية تدهورا. فلماذا هذا التوتر رغم أن الأمم المتحدة تعتبر "القابلة التي ساعدت على ولادة إسرائيل"؟

https://p.dw.com/p/4e7vi
جلسة للهيئة العامة للأمم المتحدة 07.02.2024
رغم أن قرار الهيئة العام للأمم المتحدة بتقسيم فلسطين مهد لتأسيس دولة إسرائيل إلا أن العلاقة بين الطرفين متوترة وصعبة للغاية.صورة من: KENA BETANCUR/AFP/Getty Images

لا توجد منطقة صراع في العالم أصدرت الأمم المتحدة بشأنها قرارات، مثل إسرائيل والمناطق الفلسطينية. فوضع الفلسطينيين ومشكلتهم على جدول أعمال المنظمة الدولية وبشكل منتظم منذ سنوات طويلة، ومعها تصريحات وبيانات منتقدة لإسرائيل.

ففي اجتماعات الهيئة العامة للأمم المتحدة دائما هناك أغلبية ثابتة من الدول التي تدرج وضع الفلسطينيين على جدول أعمال الاجتماعات وتعبر عن انتقاداتها لإسرائيل. وهذه الدول إلى جانب الإسلامية منها تضم دول ما يعرف بـ "الجنوب العالمي".

وألمانيا تصوت بشكل عام وفق توجه الاتحاد الأوروبي حسب الموضوع، في حين أن الولايات المتحدة تصوت دائما لصالح إسرائيل.

فقط في الفترة ما بين 2015 و2022 أصدرت الهيئة العام للأمم المتحدة 140 قرارا ضد إسرائيل، حسب منظمة "مراقبة الأمم المتحدة "UN Watch" غير الحكومية في جنيف، وتلك القرارات تتعلق مثلا ببناء المستوطنات في المناطقة الفلسطينية أو ضم مرتفعات الجولان.

وللمقارنة، في نفس الفترة أصدرت الهيئة العام للأمم المتحدة 68 قرارا فقط فيما يخص باقي أجزاء العالم، خمسة منها بشأن إيران! ومن هنا فإن إسرائيل لديها شعور بأنه لا يتم التعامل معها بالعدل وتشعر بالغبن.

سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان في جلسة لمجلس الأمن الدولي 30.10.2023
تشعر إسرائيل بالغبن وعدم العدالة في تعامل الأمم المتحدة معها ووصف سفيرها المنظمة الدولية بأنها لا تتمتع "بأي شرعية أو أهمية"صورة من: Eduardo Munoz Alvarez/AP/picture alliance

قرارات غير ملزمة!

لكن المهم في هذا السياق، هو أن قرارات الهيئة العامة للأمم المتحدة ليست ملزمة، حسب القانون الدولي. فهي ليست أكثر من مجرد توجيه أو موقف للمجتمع الدولي حيال نزاع ما. وتلك القرارات يجب أن تحظى بأغلبية الثلثين، ليتم اعتمادها واكتسابها صفة القرار.

في حين أن قرارات مجلس الأمن الدولي تعتبر ملزمة حسب القانون الدولي، وهي تتخذ بحق الدول أو الأطراف التي تهدد الأمن العالمي أو تخرق القانون الدولي أو تنتهك حقوق الإنسان. لكن قرارات مجلس الأمن يمكن إسقاطها من خلال نقض إحدى الدول الخمس الدائمة العضوية في المجلس.

"ليس لها أدنى شرعية أو أي أهمية"

وفي 26 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 أصدرت الهيئة العام للأمم المتحدة قرارا آخر يتعلق بإسرائيل بمبادرة من الأردن و21 دولة عربية أخرى، ويدعو القرار إلى وقف إطلاق النار والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة دون أي قيود.

في القرار الذي اتخذته الهيئة العام للأمم المتحدة تم وصف إسرائيل "بسلطة احتلال" دون ذكر حقها في الدفاع عن النفس. في حين لم يأت القرار على ذكر حماس بالاسم، والتي هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.

حماس رحبت بالقرار، في حين انتقد سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، جلعاد إردان، القرار بشدة عبر تغريدة على موقع X. وقد صوتت الهيئة العام للأمم المتحدة بأغلبية كبيرة لصالح القرار. وصرح إردان بعد التصويت على القرار قائلا "إن المكان الوحيد لهذا القرار هو مزبلة التاريخ" وأضاف بأن الأمم المتحدة أظهرت أنه "ليس لها أدنى شرعية أو أي أهمية".

الحماية الأمريكية

في مجلس الأمن الحماية الأمريكية لإسرائيل دائما متوفرة، حيث تستخدم واشنطن حق النقض ضد القرارات المتعلقة بإسرائيل. وهذا ما أدى إلى إصدار الهيئة العام للأمم المتحدة 140 قرارا ضد إسرائيل منذ عام 2015، مقابل قرارين فقط صدرا من مجلس الأمن حتى الآن.

ففي عام 2016 أصدر مجلس الأمن الدولي قرارا بوقف بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بالنسبة لهذا القرار لم تصوت الولايات المتحدة لصالحه ولا ضده، وإنما امتنعت عن التصويت.

وفي جلسة يوم الاثنين (25 مارس/آذار 2024) صوت مجلس الأمن الدولي على قرار يطالب بوقف "فوري لإطلاق النار (في غزة) خلال شهر رمضان"، على أن "يؤدي الى  وقف دائم لإطلاق النار ". كما يطالب القرار "بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن" المحتجزين لدى حماس. كما جاء في نص القرار أن مجلس الأمن الدولي يعرب عن "قلقه العميق بشأن الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة".

وأيد 14 عضوا القرار مقابل امتناع عضو واحد عن التصويت، هو الولايات المتحدة الأمريكية، التي عطلت محاولات سابقة لإصدار قرار عبر اللجوء إلى حق النقض (الفيتو).

وامتناع واشنطن عن استخدام الفيتو لإحباط قرار مجلس الأمن، أغضب إسرائيل التي قالت إنه "يضر بالمجهود الحربي وجهود إطلاق سراح الرهائن".

وقال بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو "على ضوء تغير الموقف الأمريكي، قرر رئيس الوزراء أن الوفد (الذي كان من المقرر إرساله إلى واشنطن بناء على طلب الرئيس الأمريكي جو بايدن) لن يغادر" إسرائيل. ووصف البيان عدم استخدام الولايات المتحدة الفيتو بأنه "تراجع واضح عن الموقف الأمريكي الثابت في مجلس الأمن منذ بداية الحرب".

التصويت على قرار مجلس الأمن حول حرب غزة 25.03.2024
عدم استخدام الولايات المتحدة لحق النقض ضد قرار مجلس الأمن حول حرب غزة أغضب إسرائيل وردت بعدم إرسال وفد إلى واشنطنصورة من: Craig Ruttle/AP Photo/picture alliance

في حين شعرت الولايات المتحدة "بالحيرة" من رد فعل نتانياهو على قرارها بعدم استخدام حق الفيتو ضد قرار مجلس الأمن الدولي. ووصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر هذه الخطوة، عدم إرسال الوفد الإسرائيلي إلى واشنطن، بأنها "مفاجئة ومؤسفة بعض الشيء".

بيد أنّ ميلر قال في المقابل إن الولايات المتحدة لا تزال تتوقع أن تقدم للمسؤولين الإسرائيليين بدائل لهجوم عسكري مخطط له ضد مدينة رفح في جنوب قطاع غزة.

وبدوره أكد جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، أن "إسرائيل لا تزال حليفا وثيقا وصديقا" رغم بعض "الخلافات حول السياسة". بيد أنّ كيربي قال في الوقت نفسه إنه "في حيرة من أمره" بسبب رد فعل نتنياهو على قرار الولايات المتحدة بعدم استخدام حق النقض ضد قرار مجلس الأمن.

وشدد على أن قرار الولايات المتحدة بالامتناع عن التصويت كان متسقا مع السياسة السابقة. وقال كيربي: "لقد كنا ثابتين للغاية في دعمنا لوقف إطلاق النار كجزء من اتفاق الرهائن".

تراجع وتدهور العلاقة

في نفس الوقت تعتبر الأمم المتحدة بمثابة "القابلة التي ساعدت على ولادة إسرائيل". ففي عام 1947 أصدرت الهيئة العامة للأمم المتحدة قرار تقسيم فلسطين رغم اعتراض الدول العربية، ومهدت بذلك لتأسيس دولة إسرائيل في مايو/ أيار 1948.

حينها كان عدد أعضاء الأمم المتحدة 57 عضوا، وقد ازداد عدد الأعضاء مع مرور الزمن وانتهاء الحقبة الاستعمارية وظهور دول مستقلة جديدة، وأدى ذلك إلى تغير ميزان القوى في المنظمة الدولية.

وبعد حرب حزيران عام 1967 واحتلال إسرائيل لمزيد من الأراضي الفلسطينية، ساءت العلاقة بين إسرائيل والأمم المتحدة. ومنذ ذلك الحين ازداد عدد قرارات الهيئة العامة للأمم المتحدة ضد إسرائيل.

وفي المقابل كانت هناك خطوات دبلوماسية صغيرة لتعزيز ارتباط إسرائيل بالأمم المتحدة. ففي عام 2012 ولأول مرة أصبحمندوب  إسرائيل نائبا لرئيس الهيئة العامة للأمم المتحدة، وفي عام 2016 كان رئيس اللجنة القانونية إسرائيليا. لكن رغم ذلك بقيت العلاقة بين إسرائيل والمنظمة الدولية متوترة.

أعده للعربية: عارف جابو