1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

اعتداءات مدريد لا تزال تلقي بظلالها على المسلمين في أسبانيا

خالد عباس

عام كامل مضى على تفجيرات 11 آذار/مارس عام 2004 في مدريد التي أودت بحياة 191 شخصا وإصابة المئات، غير أن التوتر لا يزال يخيم على العلاقة بين المسلمين والأسبان. من جهتها قررت الحكومة الأسبانية السماح بتدريس الدين الإسلامي.

https://p.dw.com/p/6MK9
شموع بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لتفجيرات مدريدصورة من: AP

تصطف المقاهي المغربية في حي "لافابيس" القديم بمدينة مدريد واحدةً تلو الأخرى. حركة البيع والشراء مستمرة كالمعتاد في الحي المتعدد الجنسيات. كما ينتشر مزيج من رائحة التوابل والفاكهة والخضراوات في شوارعه الضيقة. كل شيء يسير في إيقاعه العادي، رغم أن هذا الحي شهد اعتقال مجموعة من المغاربة المتهمين بتنفيذ تفجيرات 11 آذار/مارس التي أودت بحياة 191 شخصا. معظم سكان الحي من المغاربة البسطاء، يمتلك بعضهم محلات بقالة أو جزارة، ويتاجر آخرون في أجهزة الهاتف أو يعملون في السمكرة والسباكة. ورغم مرور عام على اعتداءات مدريد لا تزال أجواء التوتر تخيم على العلاقة بين الأسبان والمسلمين، ويرى البعض أن هذه العلاقة قد تحتاج إلى مزيد من الوقت حتى تعود إلى طبيعتها.

تأثير سلبي على صورة المسلمين

Muslimin demonstriert in Spanien gegen den Terroranschlag in Atocha
ازدادت المصاعب التي يواجهها المسلمون في اسبانياصورة من: dpa

وحول وضع المسلمين وردود الأفعال بعد الاعتداءات التقت إذاعة دويتشه فيله بمسلمين وأسبان من مدريد. ويرى مصطفى المرابط رئيس إتحاد العمال المغاربة في أسبانيا أنه لم تحدث حتى الآن تغيرات كبيرة في وضع المسلمين في أسبانيا. فكل شيء يسر كما كان تقريبا ولم تظهر أي أثار للعنصرية. لكنه يؤكد من ناحية أخرى أن اعتداءات 11 آذار/ مارس كان لها تأثير سلبي على صورة المسلمين في أسبانيا، وهناك مخاوف أن ينقلب هذا التأثير إلى مشاعر كراهية متنامية للمسلمين والعرب. ويرى المرابط أن أي نوع من الكراهية يمكنه أن يؤدي إلى زيادة المشاكل المالية والاجتماعية التي يعاني منها مواطنو بلده من المغاربة، وقد يساهم ذلك في عزلهم وزيادة مخاوفهم التي لا تنبع من فراغ.

من ناحية أخرى يرى بعض الأسبان أن النظرة السلبية تجاه المسلمين لا يمكن إنكارها، بل لقد أصبحت واقعا ملموساً لا يمكن تغيره بسهولة، لاسيما أن المتورطين في الاعتداءات كانوا من المغاربة. يعكس ذلك ما قاله أحد الأشخاص الذين التقتهم إذاعة دويتشه فيله: "أن المجتمع الأسباني كان يفكر قبل الاعتداءات بطريقة منفتحة على الثقافات المختلفة، ولكنه أصبح الآن أكثر انغلاقا وعنصرية". وأكد أن هذا الأمر لا ينطبق عليه فحسب بل على العديد من الأسبان أيضا، فعندما يرى أسباني شخصا مغربيا أو مسلما أو عربيا، فإنه يحدث نفسه قائلا " إنه ينتمي إلى هؤلاء الذين قاموا بالاعتداءات". لكن ليس من الصواب القول بأن معظم الأسبان يشتركون في هذا الرأي. فقد التقت دويتشه فيله معلماً أسبانياً شاباً وأوضح أن ما حدث له بعد الاعتداءات هو عكس ما حدث للمتحدث الأول، فلقد شعر بقلة معرفته بالثقافة العربية والإسلامية، وبدأ بالتساؤل لماذا وصل الأمر إلى هذا الحد، وقال: "لن نستطيع الوصول إلى حل لهذا النزاع إلا إذا نجحنا في تحقيق تعايش بين الثقافات".

ضرورة التعايش بين الثقافات المختلفة

11.03.2005 journal tt madrid
شموع على أرواح الضحايا في مدريدصورة من: dw-tv

اتضحت لدى العديد من الأسبان ضرورة التقارب بين الثقافات المختلفة في المجتمع وأهمية حل النزاعات المعوقة لذلك. وفي هذا السياق تسعى الحكومة الاشتراكية في أسبانيا إلى وضع سياسيات رامية لهذا الهدف. خاصةً وأن عدد الأجانب في أسبانيا تزايد زيادةً ملحوظة خلال السنوات السابقة، فعدد المهاجرين من شمال المغرب إلى أسبانيا أرتفع إلى ثلاثة أضعافه خلال العشر سنوات الماضية. كما تعمل الحكومة الأسبانية برئاسة "ثاباتيرو" على فتح المجال لتدريس الدين الإسلامي في المناهج الدراسية، الشيء الذي اُستقبل بترحيب من معظم المسلمين هناك. ويرى يوسف فرنانديز من الهيئة الإسلامية في أسبانيا أن تدريس الإسلام في المدارس هو خطوة أساسية نحو التقارب، حيث سيودي ذلك إلى زيادة الوعي السليم بالإسلام الصحيح وسيحد من انتشار أي أراء متعصبة. وجدير ذكره أن الهيئة الإسلامية في أسبانيا دعت خطباء مساجد أسبانيا إلى توجيه إدانة جماعية من فوق المنابر لاعتداءات مدريد. وذلك في صلاة يوم الجمعة المقبلة والموافقة للذكرى السنوية الأولى للاعتداءات. قد يتطلب الأمر مزيدا من الوقت لردم هوة انعدام الثقة بين الأسبان والمسلمين، لكن الطرفان يسعيان بشكل قوي أيضا وراء التقارب.