1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

استمرار الإصلاحات يحصن المغرب ضد التطرف

منصف السليمي - برلين ٢٣ أبريل ٢٠١٥

مشاهد مآسي المهاجرين في مياه المتوسط ومخاطر تنظيم"الدولة الإسلامية" في ظل الفوضى بليبيا، ألقت بظلالها على ندوة سياسية احتضنها البوندستاغ حول "الإصلاحات السياسية والدينية في المغرب" هل تشكل "نموذجا" في منطقة مضطربة؟

https://p.dw.com/p/1FCbP
Bundestag Konferenz zum Thema politische Reformen in Marokko
صورة من: DW/M. Slimi

مآسي المهاجرين الذين يموتون بالمئات غرقا قبالة السواحل الإيطالية ومن ورائها حالة الفوضى التي تشهدها ليبيا، تثير قلق يورغن كليمكه النائب البارز في حزب المستشارة الألمانية انغيلا ميركل، الاتحاد المسيحي الديمقرطي، الذي يشدد على أن دعم الإصلاحات في الدول المغاربية يشكل "أفضل رد أوروبي" على المخاطر الأمنية المتزايدة في الجوار الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط.

في لقاء اختضنه البرلمان الألماني ضمن فعاليات الأسبوع المغربي من 20 إلى 26 أبريل نيسان الجاري، قال النائب كليمكه رئيس جمعية أصدقاء المغرب في البوندستاغ، إن المتغيرات المتسارعة في بلدان شمال أفريقيا والشرق الأوسط بدءا من ثورات الربيع وصولا إلى الأزمات الراهنة في ليبيا وسوريا واليمن والعراق، بقدر ما تدفع الساسة الأوروبيين إلى تشجيع الجهود من أجل تسوية تلك الأزمات، فهي تحثهم على دعم الإصلاحات التي تنتهجها عدد من دول المنطقة، منها المغرب.

لكن هنالك من يلاحظ، كما تقول صحيفة"دي فيلت" الألمانية في عددها ليوم الثلاثاء (21 أبريل/ نيسان)، إن تنامي التطرف والهجرة غير الشرعية، مردها "الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان" المستشرية في دول المنطقة من مصر وصولا إلى المغرب. وهو ما يلقي بمسؤوليات إضافية على عاتق الاتحاد الأوروبي باتجاه الضغط على هذه الدول لنهج إصلاحات من شأنها فتح آفاق للشباب بدل حالة الانسداد التي تدفعهم إلى ركوب مخاطر رحلات الموت في مياه البحر الأبيض المتوسط أو الالتحاق بالجماعات الإرهابية.

Bundestag Konferenz zum Thema politische Reformen in Marokko
الكاتب المغربي الطاهر بن جلون (يسار الصورة) إلى جانب مثقفين وسيايين مغاربة خلال ندوة البوندستاغصورة من: DW/M. Slimi

تحديات الهجرة غير الشرعية والتطرف

من المغرب وحده التحق أكثر من 1350 شابا بتنظيم"الدولة الإسلامية" في ساحات القتال بسوريا، وذلك حسب أرقام حديثة صرحت بها وزارة الداخلية المغربية. وعندما كان برلمانيون ألمان وساسة ومفكرون مغاربة مجتمعون تحت قبة البوندستاغ، تناقلت صحف ألمانية، قصة مهاجر مغربي شاب أقدم على حرق نفسه في بلدة لينغن بولاية ساكسونيا السفلى، احتجاجا على قرار السلطات بترحيله إلى بلاده، التي تشكل أحد مصادر الهجرة إلى أوروبا.

بالنسبة للوزير المغربي المكلف بمهمة في الديوان الملكي، يوسف العمراني، فإن بلاده تقدم"نموذجا" يمكن أن يحتذى في المنطقة لهزم المتطرفين والجهاديين، عبر نهجه "إصلاحات سياسية وبنيوية ينسجم في إطارها الإسلام مع الديمقراطية"، كما يقوم بدور"بناء إقليميا كشريك متميز لأوروبا وكجسر يربطها مع القارة الفريقية"، وعبر رعايته للحوار حول الأزمة الليبية التي تشكل مصدر مخاوف كبيرة ومشتركة للجانبين الأوروبي والمغاربي.

Bundestag Konferenz zum Thema politische Reformen in Marokko
أعضاء من البوندستاغ(يمين الصورة) خلال أعمال ندوة الإصلاحات المغربية وعلى الجانب الآخر مشاركون من المغربصورة من: DW/M. Slimi

كاتب الدولة بوزارة الدفاع الألمانية، رالف برانكزيبه، أكد أهمية التعاون بين ألمانيا والمغرب لمكافحة التطرف، وأضاف أن ألمانيا تدعم الإصلاحات السياسية والاجتماعية التي يقوم بها المغرب كسبيل لوقايته من التطرف، مشيرا في هذا الصدد إلى الاعتداءات الإرهابية التي تعرضت لها الدار البيضاء سنة 2003 ومراكش سنة 2012.

المسؤول الألماني أشار في هذا السياق إلى الدور الاستراتيجي الذي تلعبه كل من مؤسسات المجتمع المدني الألمانية والجالية المغربية في ألمانيا، بتعميق التعاون بين البلدين. وأوضح قائلا: "يحقق المهاجرون المغاربة الذين يبلغ تعدادهم مائة وثلاثين ألفا، نجاحات عبر اندماجهم في المجتمع الألماني، وهم يشكلون جسرا بين ألمانيا والمغرب"، كما يشكل المغرب"بفضل موقعه الجغرافي وتنوعه الثقافي وحضارته وجهة سياحية جذابة"لعدد كبير من الألمان.

"النموذج المغربي"

Bundestag Konferenz zum Thema politische Reformen in Marokko
وزير التعليم المغربي السابق، المفكر الدكتور عبد الله ساعف متحدثا في ندوة البوندستاغصورة من: DW/M. Slimi

النائب البرلماني الألماني كليمكه يرى أن المغرب "نجح إلى حد ما في تطويق مخاطر التطرف، لأن به ملكية عصرية ينسجم في إطارها الإسلام مع الديقراطية، ويعتمد نظرة معتدلة للإسلام ويتعايش في ظله المسلمون مع اليهود والمسيحيين". وترأس كليمكه باعتباره رئيس "جمعية أصدقاء المغرب في البوندستاغ" إلى جانب الوزير المغربي المكلف بالجالية في الخارج، أنيس بيرو، ندوة سياسية في البوندستاغ، بعنوان "المغرب على طريق الإصلاحات كسبيل لمواجهة التطرف"، التي شارك فيها سبعة نواب ألمان يمثلون أحزابا مختلفة من أصل عشرة وجهت لهم الدعوة، بينما لوحظ غياب نواب من حزب اليسار المعارض الذي ينتقد المغرب في ملفي حقوق الإنسان والصحراء الغربية.

بالنسبة للمفكر ووزير التعليم المغربي السابق، الدكتور عبد الله ساعف، فإن أهمية الإصلاحات التي ينتهجها المغرب نابعة من "قدرة البلد على التكيف وتحقيق مسار إصلاحات مستمر في محيط متقلب". موضحا أن"المغرب وفي خضم ثورات الربيع العربي حقق إصلاحات سياسية ودستورية في اتجاه إرساء ملكية دستورية إلى حد بعيد، تقلصت في ظلها سلطات عديدة للملك مقابل توسيع صلاحيات الحكومة والبرلمان".

وبرأي المفكر المغربي فإن الاصلاح الذي أُدخل على الفصل الـ 19 من الدستور المغربي، كرس المكانة الرمزية الدينية للملك "كأمير للمؤمنين"، وأقام "فصلا واضحا" بين دور الملك الديني ووظيفته السياسية كقائد للدولة، وهي خطوة تنزع "الطابع الثيوقراطي" عن الملكية المغربية وتلائمها مع المعاييرالعالمية للديمقراطية. موضحا أن الدور الديني للملك متجذر في التقاليد والهوية المغربية، ويكتسي أهمية بالغة في المرحلة الراهنة، كونه يشكل حصنا ضد التطرف ونزعات توظيف الدين.

ويذكر أن هذا الفصل (19) من الدستور المغربي، قبل إصلاحه، كان ينظر إليه فقهاء القانون الدستوري في المغرب، باعتباره الفصل الجوهري للدستور المغربي، وطالما أثار الجدل، بسبب نصه على جمع الملك للسلطات الدينية والسياسية وإضفاء طابع قداسة عليها. بيد أن التعديل الذي أدخل على الدستور المغربي في يوليو تموز 2011 في أوج ثورات الربيع العربي، أدى إلى تراجع الانتقادات والمطالب بإقامة ملكية برلمانية وفق النمط الأوروبي يسود فيها الملك ولا يحكم، حيث أبدى القطاع الأساسي من النخب السياسية والفكرية اليسارية والليبرالية تأييده للصيغة الجديدة في الدستور عبر تحديدها لسلطات الملك والفصل بين مكانته الدينية الرمزية وسلطاته كقائد للدولة، باعتبارها صيغة تسحب البساط من توظيف الإسلاميين للدين. وبدوره حزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي يقود الحكومة المغربية إثر فوزه في انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر 2011، أيد هذه الإصلاحات، التي تعتبر الأهم من نوعها في المغرب منذ تولي الملك محمد السادس للعرش سنة 1999.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد